الجيل الرابع من الحروب .. وتضليل الرأي العام (4-4)
قانوني وأكاديمي مصري
مواجهة عمليات تضليل الرأي العام من خلال بعض وسائل الإعلام يمكن أن تتم انطلاقاً من عدة محاور في آن واحد ..
- المحور الأول : متابعة ورصد وتحليل ما تتناوله وسائل الإعلام من مواد تستهدف تضليل الرأي العام وعرضه على الجهات المعنية بشؤون الإعلام.
- المحور الثاني : التنسيق مع الجهات الإدارية المعنية بشؤون الإعلام فيما يتصل بمدى قانونية عمل تلك الوسائل القانونية .
- المحور الثالث : دعم أجهزة الإعلام بمؤسسات الدولة لتكون حلقة اتصال بين تلك المؤسسات والرأي العام ، والرد بشكل سريع وموضوعي على أية أخبار أو موضوعات تحاول تضليل الرأي العام حول الأوضاع الداخلية بالدولة خاصة إذا كانت تتعلق بأي من تلك المؤسسات .
- المحور الرابع : إخطار الجهات المعنية بوسائل الإعلام بالمخالفات التي تصدر عن أي وسيلة إعلامية لتتولى بدورها القيام بالمهام المنوطة بها في وقف تلك التجاوزات.
- المحور الخامس : التعامل القانوني والقضائي مع التجاوزات الإعلامية التي تشكل تهديداً واضحاً وخطيراً لمقتضيات الأمن القومي للدولة ، أو من شأنه التأثير على الاستقرار الداخلي ، وبث الفتنة بين الرأي العام ومؤسساته الشرعية .
لقد عانت الشعوب كثيراً من ضغط وسائل الإعلام ، وأصبحت قراءة صحيفة الصباح أو مشاهدة برامج التليفزيون في المساء ترفع معدل الضغط العصبي وتزيد من التوتر النفسي وتدفع الكثيرين إلى اليأس والأحباط.
وبادر الكثيرون إلى مقاطعة الصحف أو عدم مشاهدة برامج التوك شو أو إغلاق قنوات التليفزيون من الأساس أملاً في الهروب من دائرة التوتر والقلق والخوف ، وخروجاً من ذلك الإحساس المرير بسوداوية المشهد السياسي ، وفقدان الأمل في الحاضر ، واليأس مما هو قادم ، مع أن الشعب هو الذي يدفع الضرائب ويتحمل المعاناة من أجل أن يكون لديه إعلام يحترم عقله ويقدم له بأمانة ونزاهة وشرف ما يساعده على تجاوز هذه الحالة.لا يطالب أحد بإيقاف صحيفة أو مجلة أو تعطيل موقع على شبكة الأنترنت أو غلق قناة فضائية ، لكن الحرية الإعلامية تحميها وتحافظ عليها المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية والالتزام المهني والاداء الموضوعي ، ويزداد الأمر أهمية في فترات الأزمات والتحولات السياسية.
لذلك فأن الخروج على قيم الحرية يكون أكثر ضرراً وأشد ألماً..والحل يكمن بصورة مبدئية في اختيار لجنة من مجموعة من الصحفيين و الإعلاميين لتقويم الأداء والبت في مدى مهنية ما يقدم في وسائل الإعلام من أخبار وبرامج واتخاذ ما تراه مناسباً ضد الإخلال بالمهنة.
ويجب أن تحظى تلك اللجنة بوضع قانوني سليم ، يمكنها من اصدار العقوبات وتطبيق الغرامات فوراً والتي يجب أن تكون مؤثرة ، وذلك في حالة نشر أخبار كاذبة أو مجهولة المصدر أو بلا دليل ، وفي حالة تكرار المخالفة يجب مضاعفة الغرامة ، على أن الصحفي أو الإعلامي نصفها والنصف الآخر تتحمله الوسيلة الإعلامية ، مع استخدام عقوبات اخرى مثل اللوم والحرمان من الكتابة او الظهور على الشاشة لفترة محددة.تلك اللجنة ومعها الجهات المعنية بشؤن الصحافة و الإعلام عليها واجب قومي في حماية المجتمع من الأداء غير المهني ورعاية الإعلام المسؤل الذي يوفر المصداقية والمهنية بلا تحيز.
فليس من الممكن أن ينعم المجتمع بالهدوء والاستقرار ، ولا يمكن أن تحظى أي حكومة بالفرصة في إقناع الرأي العام ، بأن هناك انجازاً يتم ، إلا في ظل وضع طبيعي لوسائل الإعلام ، يتسم بالمصداقية واحترام المهنية ، ويسعى وراء الحقيقة وحدها والبعد عن الاستقطاب ، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا بضوابط يقوم عليها أبناء المهنة أنفسهم ، ويحاسبون من يتجاوزها.وهذا بالتأكيد يسعد المنصفين والشرفاء في مهنة الإعلام وهم كثيرون.
لابد أن يكون هناك إعلاماً أمينا على القيم الأخلاقية والمهنية ويساعد الوطن على النهوض والانطلاق من جديد.ولو طبق القانون بحزم مع الإسراع إلى مواجهة ذلك الانفلات الإعلامي من خلال التوجه إلى القضاء النزيه ، لتوقفت آلة صناعة الكذب وترويج الشائعات عن العمل ووقتها سينعم الجميع بالهدوء والسكينة ، وتبدأ عجلة الاقتصاد والإنتاج في الدوران من جديد ، ويشعر رجال الأعمال والمستثمرون بأن الأوضاع تتحسن ، وأن الوطن يتجه إلى الاستقرار واستتباب الأمن ، وهو ما يؤدي إلى تحسين ظروف المعيشة.
الحرية ثمرة غالية ، وأمل كل الشعوب في الانطلاق الحضاري الحقيقي ولكن ، أي حرية ؟ .. إنها الحرية الإيجابية المسؤلة ، التي تبني ولا تهدم ،و تعمر ولا تؤدي إلى تخريب أو إضرار بمؤسسات الدولة أو تؤدي إلى اختراق الدولة من جانب أعدائها ، ولا توجد حرية في كل الدنيا بلا قيم أو ضوابط ، ولا يمكن أيضا قبول حرية الفوضى أو العبث ، والحل يكمن في احترام القانون.