ثقافة التعاونيات “١”
بقلم – دكتور مهندس عبد الرزاق المدني:
إن ثقافة التعاونيات في مملكتنا الحبيبة تحتاج الى جهود كبيرة لنشرها فغالبية العامة لا يعرفون عنها شئ وحتى الذين يساهمون في بعض الجمعيات التعاونية لا يعلمون أنها تشاركية ويجب على الجميع التعاون في الرقي بها وخاصة المؤسسين كما ينص نظام الجمعيات التعاونية
وللتعاونيات قصة معي منذ الصغر في المدرسة حيث جاءنا في اليوم الأول للدراسة المسؤول عن (المَقصَف) وهو ما يتسوق منه الطلبة في المدرسه ليقوم بعمل الدعاية اللازمة للمساهمة فيه وكثيراً من الطلبة لا يعرفون معنى المساهمة وخاصة صغار السن ولا يهمهم الأمر ولكن من فضولي سألته مامعنى ذلك؟؟؟ فأجابني بأن أدفع لهم مبلغ من المال وفي نهاية العام أحصل على مبلغ إضافي بما يسمى بالأرباح على المبلغ المساهم به وأقنعني
وفي اليوم التالي أحضرت له مبلغ كان في حصالتي ونسيت الموضوع. وفي نهاية العام طلبني المسئول وأعطاني مبلغ من المال وقال هذه أرباح المبلغ الذي ساهمت به في بداية العام حسب مساهمتك وعندها فرحت جداً وتمنيت أنني ساهمت بمبلغ أكبر لأحصل أرباح أكثر وإستمريت في الأعوام التالية أضع كل ما أجمعه في تلك المساهمة وكنت أحث أخواني على ذلك ولكن لا يستجيبوا لي
ومن وجهة نظري أعتبر هذه الأفكار تعد تنمية التعود على العمل التشاركي والتجارة ومرحلة ممتازه لتنمية للأطفال وأفكارهم لكي يصبحوا تجاراً عندما يكبروا كما أن ثقافتهم عن العمل التشاركي تنمو ليفكروا بالعمل دون أنانية ومنافسة غير شريفة وأتمنى أن تدرس في المناهج الدراسية
بداية التعاونيات:
وبالرجوع إلى الكتب القديمة نجد أن بداية التعاونيات كانت في عام 1843م عندما فكر أحد الفلاحين من ذوي الطبقة الكادحة وذوي الدخل المحدود لكسر قسوة الرأسمالين عليهم بإحتكار بيع السلع بالأسعار الباهضة وقام بعمل متجر لبيع السلع الإستهلاكية في أحد المدن البريطانية الصغيرة وجمع رأس مال بسيط لا يتجاوز عشرات الجنيهات الإسترلينية من زملائه في المدينه لتصبح أول جمعية تعاونية ونجح في ذلك لينطلق المفكرين بالتعاونيات في كافة أوروبا وخاصة المانيا وبريطانيا وباقي أوروبا ثم باقي العالم.
حيث بدأوا في تطوير هذه التجارة التي تعتمد على التعاون والمشاركة في المتاجرة بأسعار مناسبة وعدم الإحتكار وما إلى ذلك بناء على مبادئ المساهمة كعضوية إختيارية في تلك الجمعيات وشروط تضمن حقوق الجميع على أن تدار من قبل إدارة ديمقراطية يختارهم المساهمون بالإنتخاب وتدار هذه الأموال لبيع السلع وتقديم الخدمات بأسعار منافسة وتقدم وخاصة لذوي الدخل المحدود خاصة كما أنها تحقق أرباح توزع على المساهمين نهاية العام بعد حجز نسبة من الأرباح للتطوير والإحتياطي وما إلى ذلك
و إنتشرت الجمعيات التعاونية في جميع أنحاء العالم وخاصة الدول الإشتراكية حيث أصبحت الحكومات تقوم بذلك وفي كافة المجال مثل التعليم والتدريب والنشاطات الأخرى لكي لا يكون هناك إحتكار وكذلك توعية وتنمية المجتمع بما يعود بالنفع الاجتماعي والاقتصادي على الأعضاء. كما أن عمل الجمعيات لم يتوقف على التجارة فقط بل تدخل في العمل الاجتماعي أيضًا، إذ توفر للمساهمين كثيرًا من النشاطات والخدمات بأسعار رمزية.