مقالات

الأمانة مسؤولية عظيمة هل قمنا بأدائها بحق وإخلاص؟!

 

بقلم – عبد العزيز بن محمد أبو عباة :

الأمانةُ خلق عظيم أَمَر الله عز وجل الناس أن يتخلقوا بها وأن يقوموا بحقِّها؛ يقول تعالى ﴿ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾ ، البقرة: 283، ويقول جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ ، النساء: 58 ويقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتَمَنك، ولا تخُنْ مَن خانَك)؛ رواه أبو داودَ، ومن هذه النصوص يتبين أن أداء الأمانة من الإيمان وتضييعها وعدم القيام بحقها خيانة لله ورسوله وفي الحديث (لا إيمان لمن أمانة له) رواه أحمد، بل ويعد تضييعها علامة من علامات الساعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا ضُيِّعتِ الأمانةُ فانتظرِ السَّاعة)؛ رواه البخاري.
ومن صور الأمانة القيام بأداء الأعمال والواجبات الوظيفية بمهنية وإنصاف ولهذا يجب على الموظف القيام بالمهام الموكلة إليه بأمانة وإخلاص بعيداً عن المحاباة والتمييز بين الناس في الحقوق والواجبات أو استغلال الوظيفة في تحقيق مصالح شخصية بحيث يجر منفعة له أو لقرابته فاستغلال الوظيفة لأغراضه الشخصية ولا سيما المال العام يعد في الشريعة جريمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) رواه أبو داود، فالذي يؤدي الأمانة الوظيفية بحقها ويعدل بين الرعية فإن يكون بمثابة المجاهد في سبيل الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (العامل إذا استعمل فأخذ الحق وأعطى الحق، لم يزل كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته) رواه الطبراني.
ولقد حث الإسلام على التعفف في استغلال المنصب أو الوظيفة ونهى عن المكاسب المشبوهة والأموال التي تأتي للموظف على غير وجه حق لاعتبارات الوظيفة، عن عدي بن عمير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطاً فما فوق كان غلولاً يأتي به يوم القيامة) رواه مسلم.
فالحفاظ على المال العام مسؤولية الجميع، ولا ينبغي لأحد أن يتصرف فيها بمقتضى المصلحة الخاصة.
ومن صور الأمانة إعادة الأموال التي تم استدانتها في موعدها، وعدم تأخيرها فإن الوفاء بالعهود من شيمة أهل الإيمان والصالحين، وعدم الالتزام بذلك ينافي قيم الصدق والوفاء، يقول تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الإسراء 34، أما تأخير الوفاء بسداد الدين مع القدرة عليه فإنه أمر محرم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «مطل الغني ظلم» والمطل معناه: التأخير في الوفاء.
ومن صور الأمانة المساواة بين الناس في إقامة العدل وتنفيذ الحدود والعقوبة، فقد جاء في الحديث أن امرأة سرقت في عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة الفتح، ففزع قومُها إلى أسامةَ بن زيد يستشفعونه، قال عروة: فلمَّا كلَّمه أسامة فيها تلوَّن وجهُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: (أتكلِّمني في حدٍّ من حدود الله)، قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله، فلمَّا كان العشي، قام رسول الله خطيبًا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: (أمَّا بعد، فإنَّما أهلك النَّاسَ قبلكم أنَّهم كانوا إذا سَرَق فيهم الشَّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضَّعيف أقاموا عليه الحدَّ، والذي نفسُ محمَّد بيده، لو أنَّ فاطمة بنتَ محمَّد سرقت لقطعتُ يدها)، ثم أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بتلك المرأة، فقُطِعت يدُها.وهذا مانراه جلياً وواضحاً في عهد الحزم والعزم وذلك بقطع دابر كل من تسول له نفسه خيانة الأمانة.
فهذه صور من الأمانة أحببت أن أذكر بها حتى لا تختفي معانيها السامية المتجذرة في أصول ديننا في ظل تساهل البعض بقيمها ومعانيها العظيمة، وحتى نعيش مجتمعاً يسوده التعاون والمساواة والعدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى