عموما أصبح هذا الكتاب صديقا لي يسافر معي حيث أسافر وبدأت أعيد قراءته من أول صفحته لأجد الدكتور العرفج مرة اخرى وكأنه يتحدث عن أحوالنا في الصغر، وعن العقبات التي واجهته في طريقه إلى النجاح .أوليس حاله ينطبق على كل من يحاول السير نحو الأمام ليصطدم بواقع يعاديه وبيئة تجره إلى الوراء وتقول له إياَك أن تتقدم ؟
ألم يقل المتنبي ، وقد تملكه اليأس من الدنيا :
(لحى الله ذي الدنيا مناخا لراكب فكل بعيد الهم فيها معذب) !
لكن الناجحين في هذه الدنيا لا يستشهدون ببيت المتنبي المتشائم بل ببيت اخر محفزا للهمة :
(لاستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر )
وهذا ما آمن به مؤلف الكتاب الذي لم يترك لليأس مجالا يتسلل إليه ، بل واصل يشق طريقه مفعما بالعزيمة ومدججا بسلاح من آخر أقوى من أيً سلاح ، ألا وهو سلاح برِ الوالدين .وكما يقول أحدهم: لم أجد انسانا ناجحا إلا ولبر الوالدين نصيب في ذلك ، ولم أجد شخصا فاشلا إلا و لعقوق الوالدين نصيب في ذلك . هنيئا لمن تكبد المشاق لينال درجة علمية ليضعها تحت اقدام أمه!!!!.
إن هذا الكتاب سيرة ذاتية لمولفه كما يظهر من العنوان . وقد يسأل سائل لماذا يسجل شخص ما سيرته الذاتية ومالفائدة من ذلك ؟
الحقيقة أن السيرة الذاتية نوع من أنواع الأدب السردي، يتحدث فيه كاتبه عن مراحل من حياته. لكنه لا يذكر كل التفاصيل في حياته وإنما يكتفي بذكر المحطات الرئيسية التي أثرت في مسار حياته ، من أجل اتخاذ موقف معين من بعض القضايا الاجتماعية والسياسية .و في الغالب هناك قواسم مشتركة بين كُتاب السير الذاتية مثل الانتقال من نمط عيش وبيئة معينة إلى أخرى تختلف كلية ، وبالتالي يحاول إصلاح المجتمع ولو بصورة غير مباشرة . وكذلك ذكر المعاناة التي مروا بها ليبينوا للقارئ أن ليس هناك شيئ مستحيل إذا ما توفرت النية. ونجد ذلك في كتابات الدكتور طه حسين وتوفيق الحكيم وجان جاك روسو وغيرهم .
هكذا نجد أن كتاب ( المهمل من ذكريات طالب متنبل) يحتوي على فوائد جمة وتجارب عديدة مر بها الكاتب في حياته ليصل إلى ما وصل ، وبالتالي يريد نقله الى القراء حتى لا يبخل بما في داخله من شعور ومعرفة خاصة وأنه اختار لنفسه اسم : عامل المعرفة .