القطار بين الرياض والدوحة… مشروع إقليمي عملاق يعيد رسم مستقبل النقل والتنمية الخليجية

بقلم – جاسم الياقوت :
نائب رئيس إتحاد الإعلاميين العرب
جاء مشروع القطار الكهربائي السريع بين الرياض والدوحة ليمثل واحداً من أبرز المشاريع الاستراتيجية في منطقة الخليج ، إذ يعكس رؤية عصرية لمستقبل النقل، ويجسّد تطلعات قيادتي المملكة العربية السعودية ودولة قطر لتعزيز التكامل الاقتصادي وتسهيل حركة الأفراد والبضائع، ودعم مسارات التنمية المستدامة.
ويأتي هذا المشروع العملاق، ضمن توجهات دول مجلس التعاون نحو شبكة ربط خليجية متطورة، يعتمد على أحدث تقنيات القطارات الكهربائية، مما يجعله مشروعاً رائداً في مجال النقل الصديق للبيئة، ومتوافقاً مع الجهود الإقليمية والعالمية للحد من الانبعاثات الكربونية والتحول نحو الطاقة النظيفة.
الربط الحيوي بين عاصمتين محوريتين
وقد جاء القطار السريع ليمتد على طول 785 كيلومتراً ليربط بين الدوحة والرياض مروراً بمحطات رئيسة تشمل الهفوف والدمام، كما يربط بين مطار حمد الدولي ومطار الملك سلمان الدولي، ليشكل بذلك شرياناً مستداماً للتنقل السريع وتحسين تجربة السفر الإقليمي.
وبفضل سرعة تتجاوز 300 كيلومتر في الساعة، سيقلّص المشروع زمن الرحلة بين العاصمتين إلى حوالي ساعتين فقط، مانحاً المسافرين خياراً حديثاً وفعالاً بعيداً عن ازدحام الطرق. كما سيتيح لرجال الأعمال والسياح والطلاب التنقل بسهولة وكفاءة، مما يعزز النشاط الاقتصادي ويوسّع من الحراك التجاري والسياحي بين أكبر المدن الخليجية تأثيراً وحضوراً.
فوائد اقتصادية وتنموية واسعة
وهنا لا تقتصر أهمية المشروع على كونه خطاً للنقل فحسب، بل تشمل آثاره التنموية والاقتصادية أبعاداً أوسع، منها: تنشيط حركة التجارة البينية عبر تسريع نقل البضائع وتقليل الكلفة التشغيلية. وجذب الاستثمارات في قطاعات اللوجستيات والخدمات المرتبطة بالنقل. و خلق أكثر من 30 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في مجالات التشغيل والصيانة والتقنيات الحديثة. ودعم المدن الواقعة على المسار وتنشيط نموها العمراني والاقتصادي. و خدمة أكثر من 10 ملايين راكب سنوياً، مما يعزز الحركة السياحية ويقوي العلاقات بين شعوب البلدين.
وتشير التقديرات إلى أن المشروع سيحقق أثراً اقتصادياً يصل إلى 115 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي للبلدين بعد اكتماله، ليصبح أحد أهم المشاريع التي تدعم التنمية الإقليمية وترسّخ شبكات الربط بين دول مجلس التعاون.
نقلة خضراء نحو مستقبل مستدام
يمثل اعتماد القطار على الطاقة الكهربائية خطوة مهمة في دعم جهود الاستدامة البيئية، حيث سيسهم المشروع في:
خفض الانبعاثات الكربونية. وتقليل الاعتماد على المركبات التقليدية. و رفع كفاءة النقل الجماعي الذكي. ودعم مبادرات المدن الذكية والبنى التحتية المستقبلية.
كما ينسجم المشروع مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030، التي تضع حماية البيئة والابتكار التكنولوجي في صلب خطط التنمية.
رسالة تكامل خليجي ووحدة مستقبلية
وهنا نستطيع القول أن مشروع القطار الكهربائي السريع يتجاوز دوره كوسيلة نقل، ليصبح رمزاً للتكامل الخليجي، حيث يؤكد أن دول المنطقة ماضية نحو مرحلة جديدة من الترابط الحقيقي، والتعاون العميق، وبناء منظومة نقل استراتيجية تفتح أبواباً واسعة للتنمية. . إنه مشروع يربط دولتين… لكنه في الحقيقة يربط الطموحات والرؤى والمستقبل لكل شعوب الخليج.




