مقالات

إيثار

بقلم – علي الوباري :

من يأتي بقمح حين تغضب عاصفة تكسر أغصان الشجر، ومن يسمع صوت اليتيم حين يخيم الظلام عند السحر، أنها يد لا تراها عيون المستلمين، هكذا إيثار الليل البهيم…
في صمته تعالى على ضجيج الأنا، وبين شفتيه همس بالتراتيل، أثر قدمه باقٍ للسعي في سبيل الله لا تزيله الرياح ولا تمحوه أمطار الشتاء.
يرتدي معطف الخير وفي وجهه خجل التقصير لمن حوله، يريد الاستزادة بالعطاء، يرد الجواب باحمرار الوجنتين، ثغره يلهج بالتسبيح يرتجي الإخلاص،حين تنهال عليه الأضواء يتوارى برداء نكران الذات، يغشيه قمر الليل وكفّاه مملؤتان بما يُسعد يتيماً ويريح عجوزاً، يداه تتصارعان، إحداهما تحمل تمرة وأخرى تقبض بقدح ماء، أيهما تسبق لغيره بالشراب والأكل، ينسى نفسه بين زحمة التضحيات، كرمه، فيء متوزع في نسيج مجتمعه، لا يختفي اسمه حتى لو تكرر الاسم بين كلّ الرجال، كنيته عنوان بين الأطفال فهو عنوان الخدمات، في المساءات بعد التكبيرات والصلوات يصغي لصوت العطاء في أزقّة ضيقة وسعفات النخيل تضلّله وتخبر بأنه قادم لواجب السخاء، لا يتوقف نبض القلب بدعاء بالتوفيق لخدمة المؤمنين، ساعات الراحة تتقاسمها هموم. كيف يسدي نصيحة وما السبيل لمساعدة جار؟
صورة الاحتفاء مزينة بكلمات الثناء ومختومة ببصمات على جدران الجيران، هو الظل في المشي نحو اليتيم وهو الحارس الأمين لأرملة وعجوز وحدها تبتسم حين يسفر الفجر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى