مقالات

الشائعات .. الموت بالكلمات


بقلم – محمد البكر:

ليس هناك إنسان في مجتمعنا من لا يعرف خطورة الشائعات . فكم دمرت من بيوت ، وكم أنهت حياة أناس ، وكم تركت جرحاً لا يمكن أن يلتئم . لا أعتقد أن أي منا لم يقرأ الآية الكريمة ” يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” . وأضيف أيضاً ما جاء في سورة الإسراء ” ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ” وقوله تعالى ” ولا تقْفُ ما ليس لك به علم إنّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ” .

كل ما يتعلق بالشائعات وخطورتها وعواقبها وعقوباتها عند الله ، كلها واضحة وضوح الشمس . فلا عذر لأحد مهما كان إن تعجل في بث شائعة ، أو روج لها ، أو تناقلها مع الآخرين . ومع ذلك لا يزال هناك من يساهم في نشر هذه الآفة المدمرة ، سواء عبر تداولها في المجالس أو نقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت ساحة للتنافس عبر مسميات متعددة مثل ” عاجل .. سبق صحفي – انفراد ” وغيرها من المسميات والمغريات التي يتنافس عليها بعضالضعفاء دون تبصر وتبين من صحة الخبر قبل تداوله مع الآخرين .

عندما أرسل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام – الوليد بن عقبة – لبني ” المصطلق” لتحصيل الزكاة منهم ، خاف الوليد وهو في منتصف الطريق وعاد للنبي المصطفى وقال له أنهم رفضوا دفع الزكاة ، فغضب عليه الصلاة والسلام وكاد أن يرسل الجيش لمقاتلتهم ، لكنه تريث حتى أتضح له أنهم لم يرفضوا بل ولم يأتهم رسوله . وكذلك قصة الهدهد وما نقله لسيدنا سليمان عليه السلام عن ملكة سبأ . فبعد أن تحدث الهدهد ، قال له عليه السلام ” سننظر إن صدقت أم كنت من الكاذبين ” .

قبل أيام تناقل الناس مقطعاً لطفل ملثم يدعي أن أثنين من المعلمين أعتدوا عليه ، وزاد بأن أهله تواصلوا مع الجهات المعنية ولم يتفاعلوا مع قضيته ، والأخطر أنه ذكر أسمي المعلمين . وأمام قصة كهذه مثيرة ومرعبة أنتشر المقطع كما تنتشر النار في الهشيم ، وتسابق البعض في تناقل المقطع دون أن يكلفوا أنفسهم التريث والتأكد من صحة الادعاء . والنتيجة المتوقعة هي ما أصدرته وزارة الداخلية عبر بيان واضح لا لبس فيه بأن ما قاله الطفل لم يكن صحيحا .

ترى ما الذي جنوه من تداول المقطع وساهموا في انتشاره وأساءوا فيه لمقام وزارة الداخلية وشهّروا بالمعلمين اللذين ورد أسميهما في المقطع !! . بالطبع لا شيء أستفاد منه أولئك المتعجلين في نقل الأخبار السيئة ، فوضعوا أنفسهم في دائرة العقاب الرباني يوم الحساب والذي أشرت إليه في بداية المقال .

أتقوا الله في أنفسكم ولا تساهموا في تدمير بيوت الناس وتشتيت شمل الأسر وتشويه سمعة من كان بريئا . حمانا الله وإياكم من لهيب الشائعات وأسهمها المسمومة . ولكم تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى