إنها مكة سيدة المدائن
بقلم – أحمد صالح حلبي:
وأمـام هــذا البـيـتِ كــنْ متـأدبـا
تجـد العنايـةَ والسـلامـةَ مغنـمـا
تذكرت هذا البيت من قصيدة للشاعر الأستاذ مصطفى زقزوق بعنوان ” حرمة البيت العتيق ” ، وأنا اقرأ بهذه الصحيفة خبرا بعنوان ” أعلى مصلى معلّق في العالم يطل على الكعبة المشرفة يدخل موسوعة جينيس ” ، فوقفت متأملا ناظرا لواقع مكة المكرمة وما شهدته من حركة عمرانية متسارعة خلال السنوات القلائل الماضية ، فادركت أن أي عمل يقدم بأم القرى ، أو منشأة تقام فمن المؤكد أنها ستكون مميزة وفريدة من نوعها بالعالم ، بالأمس تحدث الإعلام العالمي عن طرق المشاة في المشاعر المقدسة الممتدة من منطقة جبل الرحمة بعرفات مرورا بمزدلفة ، وانتهاء بمشعر منى ، والذي يبلغ طوله نحو 25 كيلو متراً ، ويعتبر أطول ممر مشاة في العالم .
واليوم يتم الإعلان عن افتتاح المصلى المعلق ، الذي يربط بين برجي فندق جبل عمر ، على ارتفاع 483 متراً فوق مستوى سطح البحر، وحوالي 179 متراً عن مستوى الطريق الداخلي للفندق، ليسجل الرقم القياسي لأعلى مصلى معلق في العالم.
وحديثي لن يكون عن تصميم المصلى ، أو التقنيات الحديثة المدخلة عليه ، أو وزنه وتكلفته ، لكنه سيكون حديثا عن الاهتمام والعناية اللتان تحظى بهما العاصمة المقدسة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ـ حفظهما الله ـ ، واللذان حرصا على أن تكون مكة المكرمة سيدة المدائن ، فبرزت في عهدهم الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة ، للارتقاء بالخدمات المقدمة في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بما يتناسب مع قدسيتها ومكانتها، ويسهل خدمة ضيوف بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين .
وكان من بين مشاريعها التي جذبت الأفئدة ، مشروع حي حراء الثقافي ، الواقع بالقرب من غار “حراء” ، ويضم مجموعة من المتاحف والمعارض التي تثري تجربة الزوار الدينية والثقافية، منها معرض الوحي ومتحف القرآن الكريم، والذي أصبح اليوم معلما ثقافيا سياحيا يقصده الحجاج والمعتمرون وزوار مكة المكرمة على مدار العام .
ومعرض الوحي تعرض من خلاله قصة نزول الوحي على الأنبياء عليهم السلام، مع التركيز على نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، والتعريف بما يرتبط بالقصة كغار حراء وخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وجبريل عليه السلام عبر عرض جذاب ، إضافة لمتحف القرآن الكريم الذي يعد أحد المكونات الأساس في المشروع، ويهدف إلى التعريف بكتاب الله تعالى عبر محتوى دقيق ومنظومة واسعة من التقنيات والمخطوطات القرآنية، وفق أسلوب العرض المتحفي.
ومن حي حراء الثقافي تنقلنا أعمال ومنجزات الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة إلى “خاصرة عين زبيدة” ، حيث عملت الهيئة بالتعاون مع شركائها ببرنامج خدمة ضيوف الرحمن ووزارة الثقافة والهيئة العامة للأوقاف وهيئة التراث وشركة كدانة للتنمية والتطوير”، على تجهيز المنطقة كونها أحد أهم وأبرز المناطق التاريخية والثقافية، التي تتضمن معالم تراثية عريقة لارتباطها عبر الزمن بالحضارة والتاريخ الإسلامي، الذي تعتني به المملكة.
وهنا أتوقف ليس عاجزا عن مواصلة الحديث عن أم القرى سيدة المدائن التي بهرت وتبهر العالم كل يوم بتوافد الملايين نحوها وتسارع تطورها .
وأختم حديثي بما قاله ابن جبير الشاطبي
بدَت لي أَعلامُ بيت الهدى
بمكةَ والنور بادٍ عَليه
فأحرمت شوقاً له بالهوى
وأهديت قَلبي هَدياً إليه
للتواصل [email protected]