مقالات

النكتة المصرية والنكتة السعودية

 بقلم – عبد الله بن محمد باشراحيل:

إشتهر المصريون بخفة الظل وقول النكتة منذ عصور جعلت لهم ميزة وخاصية في النفوس تتفاعل معها في طريقة الالقاء وحيثية المواضيع

والنكتة تُمثِّلُ كلمة ومعنى تأتيان من فكرٍ ذكيٍّ مبدع ينشأ من خلال دوافع إنفعالية تقدحُ زناد العقل في حالات الضيق والضجر وأكثرها تعبر عن إنفجارتٍ نفسية يصنعُها القهر والفقر والألم وبؤس الحال فتكون صوتاً معبراً عن الرفض لحالات سياسية أو إجتماعية حين يتعذر النقد المباشر لكثير من الممارسات الخاطئة والقاهرة تكون مدعاة لتغير سياسة أضرَّت بالشعوب في كثير من الاحيان فهي ترمي بقنابلِ الكلمات الحارقة لتكون سلاحاً للتنفيس عن هموم وضيق وتذمر الشعوب تجاه تلك السياسات المؤثرة على مقدرات ومكتسبات الشعوب حين تمس أرزاقها وحياتها وإنسانياتها بأشكالٍ يتجسَّدُ فيها القسرُ والأفراطُ في الإهمال للمطالب الضرورية لحياة الافراد ويكون هناك بعداً بين الساسة والشعوب عندما يعجز النقد المباشر عن تحقيق الاستجابة للمطالب ويستشعر الانسان بالخوف من تبعات النقد الصريح عندما لايكون لتلك الكلمات مساحة من الحرية في التعبير وتكون لغة المصارحة محفوفة بالاخطار فتتخذ النكات أسلوباً للتعبير عما يعتمل في الانسان من مواجد ومرارات العيش .

وفي بعض الاحيان تخرج النكتة عن الإطار السياسي لِتأتي تعبيرا مضاداً لسلوكيات مجتمعية تحاول المساس بالدين والقيم ولعادات المتعارف عليها عند انفلات المجتمع وممارسة الهجين والشاذ والغريب فتكون للنكتة تأثيراً على الأمة في إعادتها الى الأخلاق واحترام النظام ومراعاة المُثُلُ التي تسود المجتمعات حتى يظل الأنسانَ محافظا على إرثهِ القيمي كلما دعاهُ التفسخ والإبتذال في طريقة التعاملِ لحفظ الحقوق وتأدية الواجبات لتحل النكتة محل النقد المواجه وتأتي على شكل ضحكات للهو والتسلية وفي عمقها المعنوي تكون تربية للنفوس التي تسعى للعبثية والإستهانة بتعاليم الدين غير مُكترثة للعواقب الوخيمة التي تنتظرها حين يخُونها التفريق بين المضحكِ وبين المبكي من السلوكيات .

وحين نأخذ مصرَ نموذجاً لإجادة افتِعالِ النكتة فليس معنى ذلك أن باقي الشعوب لا تتحقق فيها استعمالات النكتة التي تختلقها المعاناة فترسمُ جواً من المرح يرمي في حيثياته الى نقد الدولة او المجتمع . وهناك من النكات مايؤثر إيجاباً وما يؤثر سلباً يُعاقب عليه القائل حتى بغير تشريع قانوني ولم تقم دولة بتنظيم قانون يقننُ نظاماً يُجرم النكات إنما ينسحب ذلك على قانون الضرروالخروج عن ثوابت القيم لأُمةٍ من الأُممِ يُجرِّمُها الشارع في حينها بحسب الضرر الإجتماعي أو الفردي أو السياسي .
الشيء اللافت أن المجتمع السعودي لم يكن صاحب نكتة من قبل ولكننا في الآونة الأخيرة بتنا نسمع النكتة السعودية كثيراً وهو مايُدهشُ ويدعو للاستغراب والتساؤل كيف أصبح الشعب السعودي صاحب نكتة تجري على السنة الناس وإن كانت في أكثرها بريئة تهتم بالتنفيس عن النفس لا نكات ناقدة سياسياً إنما يمكن أن نُطلق عليها نكات للترفيهِ والأُنسِ من جراء الضيق والكبت والهم الذي رمت به حمول الحياة الثقيلة على كواهل الناس من جراء الحروب والأنتهكات التي تتعرض لها النفوس والشعوب ووعورة مسالك الحياة كل ذلك أنتج إبداع النكتة السعودية للتخفيف عن النفس العاملة للكثير من مصاعب العيش الكريم في ظل الزيادة السكانية وقلة الموارد المالية الذي بدأ الإحساسُ به في عصرنا الحاضر واضحت النكتة السعودية احدى الابداعات السعودية المخففة من ضغوطات العصر على النفوس وبالفعل فإن النكتة السعودية حلَّت بقوة وفيها من البهجة والضحك والإثارة مانستطيع ان نقول أن النكتة السعودية صارت واقعا حسِّياً ملموساً بالصوت والصورة والكلمة والمعنى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى