مقالات

العمالة وما زال للإجرام بقية

بقلم – سلمان العمري:

في أزمة كورونا تعاملت الدولة مع المواطن والمقيم بالمسؤولية والاهتمام نفسه، ولكن ماذا عن العمالة قبل وأثناء الأزمة، وماذا سنرى منهم بعد ذلك؟

لن أكون متشائماً ولا متحاملاً ولكن الوقائع والحوادث والجرائم التي نسمعها ونراها كل وقت غير مشجعة على التفاؤل، فهذه العمالة في غالبها وخاصة المتخلفة منها تعاني من الأمراض المعدية، وقد تبين من خلال الفحوصات والمسح الطبي للعينات المجراة على بعض الأجانب من العمالة النظامية وغير النظامية خلال أزمة كورونا، ظهور أمراض مزمنة ومعدية على هؤلاء الأشخاص كالدرن والإيدز والسل وإلتهاب الكبد الوبائي، والهربز وغيرها من الأمراض الخطيرة المعدية، ومنهم من كان يعمل في مجال الأغذية والمطاعم وتوصيل الطلبات، وهذا في الجانب الصحي، ولكن هناك صور ومشاهد أخرى أمر من ذلك من الإجرام والعبث والفساد والغش والتحايل والعمل على الإضرار بالبلد والمواطن صحياً وأمنياً واقتصادياً.

ما نشاهده من مقاطع بين فترة وأخرى لبعض العمالة التي تقوم بالتزوير والغش والفساد في مأكل الناس ومشربها وحاجياتها ممن تم القبض عليهم، هؤلاء العمالة الفاسدة أو المتخلفة ما كان لها أن تقوم بجرائمها لولا تستر ضعاف النفوس عليها، ويجب أن يتحمل المفسد والمتستر كل ما يترتب على ذلك من أضرار، فهؤلاء جميعاً يسعون لجمع الأموال بأي طريقة كانت، وهؤلاء من المتخلفين أو ممن يتركهم كفلاؤهم يعملون ويحصلون منهم كما يقال على مبالغ زهيدة، لهو تستر ومخالف لأنظمة البلاد

لن أتحدث عن ملفات الجرائم وعبث العمالة الوافدة في البلاد خلال العقود الأربعة الماضية، وما فيها من الفساد ومن غش وخداع، وجرائم ليس لها مثيل في أصقاع المعمورة، ولكن ما تبين للجهات الأمنية والرقابية المختصة خلال أزمة كورونا وما تكشف لهم من جرائم من هؤلاء المجرمين، ومن معهم من ضعاف النفوس من بعض المواطنين يجعلنا نتساءل ألم يحن الوقت لوقف فساد هؤلاء المجرمين؟!

ولماذا.. تتنوع الجرائم في كل وقت وحين؟، ومنها ما يتعلق بالمأكل والمشرب، أو الأدوات والأجهزة الاستهلاكية المتنوعة؟

لماذا.. استمرار العبث بأمن البلاد الأمني، والصحي، والزراعي، والصناعي، والتجاري، والإعلامي. فكل مجال من تلك المجالات له عواقب وخيمة على البلد وأهله؟

لماذا.. سؤال يطرحه الصغير قبل الكبير، إلى متى ستظل تلكم الجرائم والحوادث وغيرها، ومن يقف وراءها؟!.

لماذا..لم نسمع عن إقامة محاكم مستعجلة فورية لمحاسبة هؤلاء، ومن يقف معهم، عن ذلك للملأ؟

يقول المثل (رب ضارة نافعة) وأقول: لعل أزمة كورونا، فرصة ثمينة لتطهير البلاد من العابثين والمفسدين، وذلك عن طريق الحملات المستمرة التي تقوم بها اللجان المختصة، وتعزز برجالات الأمن.

لقد امتد عبث المفسدين من العمالة حتى فيما يتعلق ببيوت الله وتم وضع سكن العامل بالمسجد مكاناً لبيع الممنوعات وإيواء المتخلفين، وتعدى هذا الفساد لبيت الله الحرام، ففي وقت سابق تم مداهمة أحد منازل حي النكاسة حيث يقوم عدد من العمالة المخالفة بتفصيل كسوة الكعبة وبيعها على زوار بيت الله الحرام من معتمرين وحجاج بمبالغ طائلة عشرات الآلاف لقطعة لا تتجاوز ربع المتر، كما تم القبض على عصابة من المقيمين في جدة يرأسهم مقيم عربي تقوم بتزوير العملة المحلية وبدقة عالية، ويبقى التساؤل الأهم والغريب الذي ينتظر الإجابة تلك المعدات من أحضرها وركبها ودرب وشغل هؤلاء العمالة؟!

إن عدداً من الجرائم المضبوطة تبين أن جرائم هؤلاء لم يكن هدف أصحابها كسب الأموال فحسب بل الإضرار بالبلد وبمقدراته والسعي للإفساد فيه، ولا يمكن لأي بلد أن يرضى بانتهاك سيادته وأمنه الداخلي، وإحصائية السجون وما تم ضبطه مع المخالفين تثبت تورط العمالة المخالفة بالعديد من الأعمال الإجرامية، وما من جريمة على وجه الأرض وبلا مبالغة إلا وارتكبها هؤلاء المخالفون وقد أفسدوا ولم يصلحوا، ولذا فأصبح التعاون في الإبلاغ عن هؤلاء المخالفين واجبًا شرعيًا ووطنيًا لخطرهم على أمن البلاد ومصالح العباد.

إن تساهلنا السابق في أمور العمالة، والتستر وسوء تنظيم هذا السوق والتأشيرات التي لا حاجة لها أصبحنا ندفع ثمنها، والآن لعل أن يكون في الأمر خيراً لتطهير البلد من المفسدين والعابثين، ويجب أن يتحمل المسؤولية صاحب أي مؤسسة ونشاط وهمي ممن سرح العمالة، وهذا أقل ما يجب على الكفيل الذي جلب هؤلاء العمالة وسرحهم ومكنهم من العمل المخالف لأنظمة وتعليمات الحكومة، فهو المتستر الذي ظلم نفسه ووطنه ومجتمعه.

واختم القول إن العمالة الشريفة وهم كثر في بلادنا – ولله الحمد – هم محل العناية والتقدير فقلوب الجميع مفتوحة لهم، مما لا يخفى على كل ذي إنصاف وعقل أنه لا يوجد بلد عربي أو مسلم يضم فوق أراضيه الملايين من العمالة نساءً ورجالاً ومن عشرات الجنسيات، ومنهم من تجاوزت إقامته في هذه البلاد المباركة الخمسين عامًا وما زالوا يعملون ويحصلون على رزقهم ورزق أهلهم في بلدانهم بكل حب وترحاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى