5 طرق سوف تتغير بها أشكال الوظائف في 2030
النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا لدى “دل تكنولوجيز”
التطور التقني لا يعرف تباطؤاً، وبينما تكافح العديد من الشركات من أجل مواكبة هذا التطوّر، بدأت أماكن العمل اليوم تشهد تغييرات كبيرة وبات الموظفون يشعرون بأثرها؛ فالأتمتة والواقع الافتراضي والواقع المعزز والتقنيات الناشئة الأخرى تتطوّر وتأخذ مكانها في مشهد الأعمال بشكل متسارع. وفي ضوء التطوّرات السريعة في مجالات العلوم والهندسة والتقنية والاتصالات، جلبت هذه التطورات ثورة صناعية جديدة، أو “عصر الآلات الثاني”، ما سيؤثر بشكل كبير في الوظائف بمختلف القطاعات، فضلاً عن الأدوار التي تلعبها هذه التقنيات داخل المنزل. على أنّ صعود الأدوات والمهارات المتقدمة يترك العديد من الأسئلة التي تدور حول المستقبل دون إجابات واضحة، ومع ذلك، فمن الواضح أن خمسة تغيّرات رئيسة لا بد أن تؤثر في مستقبل العمل.
1) الروبوتات، هل تأخذ استراحة غداء؟
تجري الروبوتات أنشطة تصنيع لا يرغب البشر في القيام بها أو لا يجب عليهم القيام بها لعقود. ويمكن أن يؤدي استبدال الشركات بالعاملين البشر أجهزة ذكية تتولّى تنفيذ المهام المتكررة أو الوظائف التي لا تتطلب مهارات إدراكية فريدة أو ذكاءً عاطفياً، إلى تمكينها من أن تصبح أكثر إنتاجية كما ترى 61 % من الشركات في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية. ومن المزايا أخرى في هذا الأمر إلغاء استراحة الغداء. وبخلاف المخاوف من نمو الآلات الذكية بوصفها “مدمرة للوظائف”، فإن الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات والأتمتة، من شأنها تعزيز تنسيق الموارد والتعلّم عند الطلب، ما سيُعيد ضبط هياكل العمل سواء في مجال التصنيع أو غيره. وفي هذا الإطار، فإن الأجهزة التي تعمل بدعم من تقنيات الذكاء الاصطناعي تتمتع بقدرة معزّزة على اتخاذ قرارات أساسية وتعلّم من الخبرات ومشاركة برامج أخرى قائمة على الذكاء الاصطناعي بهذا التعلم. وسوف تمكن الشركات من الاعتماد على هذه الأجهزة اعتماداً أكبر، بالتوازي مع تبسيط العمليات والمهام اليومية وتحسينها، بجانب تمكين بناء علاقة ذات منفعة متبادلة. وبخلاف البشر، ليس بوسع الروبوتات توظيف الذكاء العاطفي؛ وبالتالي، سيبقى البشر شركاء أساسيين يعملون إلى جانبها وهي تتولى العمل القائم على الخوارزميات المتقدمة. وقد كشفت دراسة استقصائية حديثة شملت أكثر من 3,000 مدير تنفيذي في جميع أنحاء العالم، وأجريت بالتعاون بين مجلة “إم آي تي سلون منجمنت ريفيو” ومجموعة “بوسطن” الاستشارية، عن أن 60 بالمئة من المشاركين فيها من الشرق الأوسط يرون أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة لا مخاطرة لشركاتهم، و23 بالمئة يرون أن له بالفعل تأثيراً كبيراً على شركاتهم. وينعكس هذا أيضاً في تقريرنا المعنون “الوصول إلى أهداف 2030: انقسام في الرؤية حيال المستقبل”، الذي يشير إلى أن 87 بالمئة من الشركات في دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية تتوقع أن يعمل البشر والآلات خلال السنوات الخمس القادمة كفرق متكاملة داخل الشركات.
2) مؤقت أم كاذب؟
يمثل العمال بعقود مؤقتة والعمال المستقلون وسائقو المركبات المشتركة والقائمون على ترتيبات العمل البديلة الأخرى، وهم ما يُعرفون بـ “اقتصاد الأعمال المؤقتة”، قدراً كبيراً من نمو العمالة على المستوى الإقليمي. وبينما يتزايد انتشار هذ الاقتصاد، فإن المشتغلين به سوف يتغيرون. وإذا ما أخذنا السيارات ذاتية القيادة على سبيل المثال، نجد أن شركات مشاركة الركوب المعروفة ضخّت استثمارات كبيرة في تطوير المركبات العاملة بلا سائق. وبينما توجد علامات مبكرة بأن التقنية تميل إلى هذا النحو وأن التأثير قد لا يكون واضحاً لبعض الوقت، يمكن للمرء أن يتخيل وقتاً ستحلّ فيه السيارات ذاتية القيادة محل السائقين المؤقتين، وسيتعين على البشر أن يتعاملوا مع المعنى الذي ينطوي عليه هذا الأمر من أجل مستقبل ذي مساعٍ مهنية مختلفة. بيد أن التغيير في اقتصاد الأعمال المؤقتة يأتي أيضاً بفرص جديدة؛ فحوالي 85 بالمئة من الوظائف التي سيقوم بها الناس اليوم في العام 2030 لم يتم اختراعها بعد، وفقًا لدراستنا.
3) القدرات الفورية لتصوّر العمل
تتطلع الشركات إلى الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإثراء عمليات التدريب والتعاون وغيرها. الوصول إلى الموارد التعليمية القائمة على الواقع الافتراضي، عند الطلب، سيعيد ترتيب التوقّعات والممارسات المتعلقة بالتدريب في أماكن العمل، كما سيدعم صناعة القرار الفورية عبر سهولة الوصول إلى المعلومات. وسوف تغمر عمليات المحاكاة المدعومة بتقنية الواقع الافتراضي الأفراد في تجارب وأماكن بديلة، ما يخلق التعاطف ويمكّن إنشاء مزيج من العوالم المادية والافتراضية. فعلى سبيل المثال، تتعاون “نايكي” و”ميتا” و”دل” باستخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز ووظائف التحكم الصوتي والقماش الرقمي وتقنية “هابتك” (أو اللمس ثلاثي الأبعاد) للسماح للمصمّمين بإنشاء رؤيتهم بطرق أكثر طبيعية. في هذا السياق أيضاً، نجد أن مصنعي الأجهزة الأصلية يستثمرون بكثافة في الابتكار من ناحية إنشاء المحتوى، واستهلاك المحتوى للألعاب والترفيه والعمل، علاوة على الخدمة والدعم، ليكونوا قادرين على الاستفادة مما يقدّمه الواقعان الافتراضي والمعزز.
4) البيئات السحابية
سواء أكانت بيئة سحابية عامة أم خاصة أم مختلطة، فإن الشركات تعتمد عليها وتتوقع لها أن تنمو. ومن الأمثلة الناجحة إطلاق شركة “تشيتالي ديري” الهندية للألبان، حديثاً، مبادرة “من البقرة إلى السحابة” لتصنيف البيانات وجمعها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، من أجل تنبيه المزارعين عند الحاجة إلى تغيير النظام الغذائي للأبقار، وتقديم اللقاحات لها، وما إلى ذلك. وتُعتبر البيئة السحابية الطريقة الأكثر مرونة التي يمكن لشركات مثل “تشيتالي ديري” اتباعها للاستفادة من نواحي الكفاءة والربحية، وتحقق المنفعة حتى للمستهلكين. ومن هنا فإنه ينبغي للشركات تدريب موظفيها على إتقان إدارة البيئات السحابية، وفي المقابل، سوف تجني منافع كبيرة تتعلق بتبسيط مهامها وتوفير الوقت وتركيز الجهود على المجالات الاستراتيجية لأعمالها، بُغية تعظيم العائدات إلى الحدّ الأقصى.
5) القضاء على التحيّز
إن من شأن علاقات الشراكة بين الإنسان والآلة أن تمكّن الأفراد من العثور على المعلومات والتصرف حيالها دون تدخّل من عواطف ما أو تحيّز معيّن، ما يُحتمل أن يزيل بعض الصور النمطية التي قد تكون غلبت على هذه العلاقات. كذلك سوف يعمل تعلم الآلات على تعزيز قدرة المرء على تقييم رؤية موظف ما وتحديد المواهب المثلى أو حتى قدرة العامل على اكتساب المعرفة أو تعلم مهارات جديدة، وذلك من دون حكم شخصي. وستشهد كل من عمليات التوظيف والمهام اليومية تحسينات كبيرة، حيث يتم تقييم الموظفين بناء على مهاراتهم فقط، بعد إزالة التحيّزات من المعادلة.
إن الحفاظ على نبض هذه التغيّرات الوشيكة اليوم كفيل بإعداد كل من الموظف وصاحب العمل للتطورات المنتظر حدوثها خلال السنوات الخمس عشرة القادمة وما بعدها. لكن ينبغي للبشر المسارعة للعمل بناء على التأثيرات المتوقعة للتقنية على المستقبل من خلال تعظيم هذه العلاقات منذ الآن، تحسباً لظهور أية عقبات أو تحديات.