الخادمة – إنسانة – مع وقف التنفيذ ….

بقلم – محمد البكر :
همّت العائلة بالدخول لأحد المطاعم في مدينة الخبر ، وقبل الدخول ، طلبت الزوجة من الخادمة ، الأنتظار خارج المطعم . كنت أراقب المشهد مع زوجتي لقرب طاولتنا من مدخل ذلك المطعم . ظلت الخادمة وهي في حالة انكسار، تراقب العائلة من خلف الزجاج ، وهم يتناولون ما لذ وطاب من المأكولات . يتبادلون المزاح ويوزعون الأبتسامات على موظفي الخدمة . ربما نسوا أن هناك إنسانة ترافقهم ، بل وتراقبهم .
قالت لي زوجتي أنها لم تتألم في أي يوم من الأيام ، قدر ما تألمت من هذا الموقف . وأكملت بأن السعوديين بشكل عام ، والعائلات بشكل خاص ، يمتازون بالكرم والشهامة واحترام الصغير قبل الكبير حتى وهم لا يعرفونهم . فما بال هذه العائلة تتصرف بهذه الطريقة المهينة والموجعة !! .
استمر المشهد لما يقارب الساعتين . هم داخل المطعم وقد انتهوا من أكلهم ، وتناولوا الحلويات والآيسكريم ، وختموها بالقهوة أو الشاي الأخضر كي يهضموا ما دخل في بطونهم من خيرات الله ونعمه ، بينما أستمر حال الخادمة على ما هو عليه . انتظار وانكسار ومهانة كلما نظرت إلى العائلة التي تخدمها . حينها سألتني زوجتي .. ترى كم سيدفعون زيادة على فاتورتهم ، لو أنهم سمحوا للخادمة الجلوس معهم ، أو على الأقل تخصيص وجبة لها داخل المطعم !؟ . الأكيد أن المبلغ سيكون تافهاً قياساً لما سيتركه ذلك من تقدير من تلك الخادمة لهم .
حسب الإحصاءات ، هناك ما يقارب مليون عاملة منزلية يعملن في المملكة . والكثير منهن يعملن لدى نفس الكفلاء لسنوات طويلة . بل وبعضهن من لا يردن العودة لبلدانهن ، كونهن يشعرن بالكرامة والإحترام وحسن المعاملة . مما يؤكد بأن التصرف الغبي لتلك الأسرة ، لم يكن إلا تصرفاً فردياً ، شاذاً ، بغيضاً ، ولا إنساني ، لا يمثل المواقف العظيمة لغالبية الأسر السعودية في مختلف المناطق .
يمكنني قراءة ما يدور في ذهن تلك الخادمة . فهي بكل تأكيد ستكره تلك العائلة ، وستنظر لأفرادها بعداوة واحتقار . وحتى وإن كانت حاجتها للعمل رغم قساوة الغربة وصعوبتها ، تدفعها للصمت ، فإن ما بداخل قلبها ما يكسر قلوب الكرماء ، من إهانة وتحقير لن تنساه تلك الخادمة إلى يوم الدين . ولكم تحياتي




