الأنجح ….. والأفشل ….. وللحقيقة وجوه أخرى
بقلم د. لمياء لطفي
من أصعب الأحاسيس التي تكدر على الإنسان صفو حياته الإحساس بالفشل والإحباط نتيجة عجزه عن تحقيق أي هدف ولو صغير للغاية. وإستشعار ألم الفشل أمر لا يسلم منه الإنسان في حياته، ما يجعل الحياة تتلون بالأسود في نظر بعض الناس الذين يعتقدون أنهم إذا فشلوا مرة واحدة فسيفشلون كل مرة، وأن الحياة لن تبتسم لهم من جديد .
الإنسان الفاشل هو الشخص الذي لا يسعى للنجاح وليس الشخص الذي لم ينجح، فشتان الفرق بين الإثنين .. فالمعتقد الأعم أن الإنسان الفاشل هو الذي لم يتعرض للنجاح ولكن العكس هو الصحيح لأنه هو الشخص الذي لم يحاول النجاح. وشرف المحاولة في حد ذاته سعياً للنجاح نجاح والفشل ما هو إلا فرصة للمراجعة وتصحيح الأخطاء. ودوام الحال من المحال، فالتعامل يختلف من شخص لآخر، فمن الناس من ينظر إليه على أنه من الماضي الذي لن يعود، ومنهم من يجر هذا الفشل معه أينما ذهب ولا يسعه إلا أن يعرف أن العمر كله هو اللحظة التي هو فيها فليتقن عمله ما إستطاع فقد لا تأتيه فرصة أخرى للعمل.
وتقابلنا جميعاً محطات من الفشل الحقيقي يقدر فيها إستسلامنا لأي منها بأنه تخلي عن النجاح بكامل الإرادة والرضا والرغبة في الإستسهال، ولكن إذا نظرنا قليلاً في داخل كل منا سنجد أننا مخلوط إبداعي من ملكات وقدرات ومواهب منحها الله تعالي لكل منا ” وفي أنفسكم .. أفلا تبصرون ” … خلطة مذهلة من القلب والعقل والإرادة والضمير، والخسارة الحقيقية …. كل الخسارة ليست أن تفشل أو تتهم بالفشل ولكن أن تفقد واحداً من تلك الأصول الأربعة أو تتخلى عن إستخدامه فتصيبه بالضمور وضعف التأثير إن صح في هذه الحالة إستخدام قاعدة دارون.
إذا أدركنا أن القلب الذي يدق بين جنباتنا يحول المشاعر والأحاسيس إلى قناعات يقترحها على العقل الذي يمثل نظاماً واعياً للتفكير والسيطرة على الحواس والتصرفات ويقبل العقل منها ما يقارب الـ 90%، فنحن قد أسقطنا بذلك فكرة أن هناك من يفكر بقلبه وهناك من يفكر بعقله. يقوم العقل بدوره بإستخدام ما أتيح له من ذكاء وكفاءة ومهارات عقلية بالوصول إلى أرشد القرارات بناءاً على المعطيات المتاحة له.
تدفعنا الإرادة إلى التحرك نحو الفعل الرشيد دون أية عواطف أو إنفعالات، تلك هي الإرادة المستقلة التي لا تهدف لقول نعم أو لا إنما فقط بإبقائنا على المسار الصحيح يدعمها في ذلك الضمير الذي يحقق لنا التوازن بين الأفعال والمبادئ، والذي يتلاشى دوره عندما نغفل إشاراته المستمرة فتنهار الإرادة المستقلة.
لذلك فنحن نحتاج بشدة إلى التكامل بين الملكات الأربع التي منحنا الله تعالى إياها ليحقق كل منا رسالته النابعة من الذات والمبادئ والغاية من الحياة. ولا ينبغي أن نعلق أسباب فشلنا على الآخرين، والإبتعاد عن تطوير عداء للأشخاص الذين يرتبط بهم الفشل، إذ إن كثير ممن يوجهون اللوم والإنتقاد للآخرين يفعلون ذلك عن جهل وسوء تصرف إعتقاداً منهم بأنهم يحسنون صنعاً.
الفشل كقوة دافعة لتحقيق النجاح لا يحطم إلا نفساً أصابها الهزال، ومما هو مثير للضحك أن الفشل هو الشيء الوحيد الذي يحققه الإنسان دون اي مجهود. فنحن لا نعرف قواعد النجاح ولكن اهم قاعدة للفشل إرضاء كل الناس ظانين بذلك أننا نتجنب مرارة لازعة حيث أن النجاح لا يتطلب عذراً والفشل لا يترك أي مبررات. وليس مطلوباً منك أن تكون كفؤا تماماً في كل ما تفعله. إننا نفشل عندما نقرر أننا فشلنا. ولكن يجب أن نعلم أنه لا يزال يوجد في الزمن لحظات أثمن من الماضي بأثره. فالحياة هي الفرصة التي لا نعرفها .. إلا بعد أن نفقدها.
ولا يجب ن ننسى في سياق ذلك أن هناك أسباب عديدة تضغط على وتر الإحساس بالفشل أهمها ضعف الوازع الديني لدى البعض، والذي يؤثر بالتبعية على الإيمان بالقضاء والقدر. ومن تلك العوامل أيضاً تراجع الإنسان عند اول تجربة فاشلة يمر بها متناسياً بأن تحقيق الأماني يحتاج إلى عزم وإرادة ومثابرة. لذلك نحتاج جميعاً إلى التفكير الإيجابي كمحركاً أساسياً للدوافع والانفعالات التي تسبق أي فعل، فإذا نجحنا في برمجة أفكارنا برمجة إيجابية، نجحنا في التحكم بكل ما يرد إلينا من العالم الخارجي والتعامل معه. ومن هنا تأتي أهمية طرد الأفكار السلبية وإستبدالها بأخرى إيجابية فالفكرة تجلب فكرة أخرى من نفس النوع، وإن قانون نشاطات العقل الباطن يبدأ بتحريك الافكار حتى تصل إلى 6000 فكرة، فلنتخيل في أي إتجاه نريد أن نضاعف أفكارنا.