منتدى التعاون الصيني العربي .. نتائج مثمرة ومنافع متبادلة
بقلم – باي يوي :
اعلامي صيني
يصادف اليوم الأربعاء 31 يناير هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي ففي يونيو 2014 دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي إلى تعاون الصين والدول العربية في بناء “الحزام والطريق”، حيث يكون التعاون في مجال الطاقة هو المحور الرئيسي مع اتخاذ إنشاء البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كمسارين، واتخاذ مجالات الطاقة النووية والطيران والأقمار الصناعية والطاقة الجديدة كنقطة انطلاق. وفي ديسمبر 2022، طرح الرئيس شي جين بينغ أيضًا “الأعمال الثمانية المشتركة” في القمة الصينية العربية الأولى، الأمر الذي يشير إلى اتجاه تنمية العلاقات الصينية العربية في مختلف المجالات. وشهد العام الماضي العديد من الإنجازات في التعاون بين الجانبين في مختلف المجالات.
تقدم التعاون بين الجانبين في مجال الطاقة بخطوات متزنة
في عام 2023، استوردت الصين 265 مليون طن من النفط الخام من الدول العربية، ما يشكل نصف كمية النفط المصدر إلى الصين. ويواصل نموذج التعاون “النفط والغاز +” بين الجانبين التقدم بعمق. في نوفمبر2023، وقعت شركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبك) اتفاقية مدتها 27 عاما مع شركة قطر للطاقة لتوريد الغاز الطبيعي المسال من حقلي غاز الشمال و الجنوب، ويعد الاتفاق هو صفقة طويلة ثالثة للتوريد بين سينوبك وقطر للطاقة.وفي أول يناير 2024 تسلمت شركة ((سي ان بي سي)) الصينية الرائدة في إنتاج النفط والغاز مهمة المشغل الرئيسي لحقل غرب القرنة/1 بمحافظة البصرة جنوبي العراق من شركة ((اكسون موبيل)) الأمريكية. ويعد حقل النفط من أكبر الحقول في العالم، حيث تقدر احتياطياته القابلة للاستخراج بأكثر من 20 مليار برميل. وستعمل الصين والعراق معا لتنفيذ هذا المشروع بالنجاح وتنفيذ كل الفعاليات ضمن التوقيتات المطلوبة. وفي الفترة الأخيرة، أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك” اتخاذ قرار الاستثمار النهائي في مشروع مُجمع سابك فوجيان للبتروكيماويات المزمع إنشاؤه في مقاطعة فوجيان بالصين. وتبلغ استثمارات المشروع 44.8 مليار يوان صيني (حوالي 6.4 مليار دولار). ويمثل هذا معلما هاما آخر لمشروع البتروكيماويات الصيني السعودي.
انتشار مشاريع البنية التحتية في مناطق كثيرة
نجحت أول محطة طاقة بتقنية الغاز الطبيعي (مشروع مجمع حصيان) في الشرق الأوسط والتي شيدتها هاربين إلكتريك إنترناشيونال في الإمارات العربية المتحدة في توليد الكهرباء. وقد بدأ تشغيلها بالكامل في اكتوبر 2023، ستغطي محطة توليد الكهرباء هذه 20% من حاجات الطاقة الكهربائية في دبي في المستقبل. في يناير 2024، شهد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي احتفالية تسليم ثلاثة أبراج إدارية ضمن منطقة الأعمال المركزية، التي تنفذها الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية،بالعاصمة الإدارية الجديدة. وأصبح هذا المشروع نموذجا جديدا للتعاون الودي بين الصين ومصر. قد سرّع “التشييد من قبل الصين” خطواته إلى الخارج، وأصبح الخيار المفضل لشركاء التعاون في المنطقة يوما بعد يوم.
توسع التواصل في مجال الابتكار التكنولوجي
وفيما يتعلق بالتعاون التكنولوجي 5G، وقعت هواوي اتفاقيات تعاون تكنولوجي 5G مع شركات الاتصالات في ست دول، بما فيها السعودية والإمارات والكويت وعمان ولبنان والبحرين، لتنفيذ مشاريع بناء شبكات 5G وتعزيز تسويقها تجاريًا.
وفي مجال التجارة الإلكترونية، يركز التعاون بين الصين والدول العربية على التعاون في البنية التحتية مثل بناء منصات التجارة الإلكترونية عبر الحدود، والأنظمة اللوجستية، وخدمات الدفع الرقمية. على سبيل المثال، تتبنى منصة التجارة الإلكترونية عبر الحدود التي أنشأتها شركة Zhejiang Jollychic إستراتيجية التشغيل المحلي وتغطي حوالي %82 من مستخدمي الإنترنت في دول الخليج الست. بالإضافة إلى ذلك، قامت بتوسيع أعمالها لتشمل خدمات الدفع الرقمية.
التقدم يدا بيد لاستكشاف الفضاء
تحرص العديد من الدول العربية على التعاون مع الصين في مجال الفضاء لتحقيق أحلامها لاستكشاف الفضاء. في نهاية السنة الماضية، ساعدت الصين مصر في إرسال قمر صناعي جديد(مصر سات-2) إلى المدار. ويعد “مصر سات-2” مشروعا بارزا للتعاون العميق بين الصين ومصر في مجال التكنولوجيا الفضائية الفائقة، وله أهمية فارقة في التعاون في مجال الفضاء بين البلدين، وأنجزت الصين بناء مركز التجميع والاختبار للأقمار الاصطناعية (AIT) بمصر، مما جعلها أول دولة إفريقية تمتلك القدرة الكاملة على تجميع واختبار الأقمار الاصطناعية. بالإضافة إلى ذلك، تتعاون مجموعة هونغ كونغ لتكنولوجيا الفضاء مع وكالة الفضاء السعودية في إنشاء أول قاعدة لتصنيع الأقمار الاصطناعية في السعودية، وجعلها أكبر تجمع لصناعة الفضاء في الشرق الأوسط وحتى العالم.
توسع التعاون في مجالات الاستثمار والتمويل
بدأ ينتشر اتجاه “الاستثمار في الصين” في الدول العربية. وقد صنفت صناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط، ممثلة بهيئة أبوظبي للاستثمار والهيئة العامة للاستثمار الكويتية، ضمن أكبر عشرة مساهمين للأسهم القابلة للتداول في أكثر من 40 شركة صينية في البورصة الصينية. واستثمرت أرامكو السعودية وصندوق الثروة السيادية الإماراتي في مجالات الطاقة الجديدة والإنترنت والطب الحيوي والمعدات المتطورة وغيرها من الصناعات في الصين بدرجات متفاوتة.
كما وقعت الصين ومصر مذكرة تفاهم بشأن مبادلة الديون لتنفيذ المشروعات التنموية، وهي المرة الأولى التي أجرت الصين فيها مثل هذا التعاون مع دول أخرى، كما أصدرت مصر “سندات الباندا” بقيمة 3.5 مليار يوان صيني، مما جعلها أول دولة بالشرق الأوسط أصدرت هذا النوع من السندات. بالإضافة إلى ذلك، شهدت عمان تقدما متزنا للمشاريع باستثمار الشركات الصينية، مثل شركة SGCC وCNPC وBestoo. ويساهم التعاون بين الصين ودول المنطقة في مجالات الاستثمار والتمويل في حشد الموارد التنموية للجانبين بصورة أفضل.
في المستقبل، يتمتع التعاون العملي بين الصين والدول العربية بحيوية نابضة وآفاق واعدة. ستعمل الصين بقوة على زيادة التعاون مع الدول العربية في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، حتى تحقيق الرخاء المشترك والعودة بالخير على الشعبين الصيني والعربي.