السنابيون.. «يا من شرا له من حلاله عله»!!
بقلم – سلمان بن محمد العمري:
دافع الفضول وحب الاستطلاع والاستشراف من العادات الذميمة، وقد أتاحت وسائط التواصل الاجتماعي لبعض مرضى النفوس تحقيق غايتهم ورغباتهم، وإشباع فضولهم في تتبع الناس، وفي المقابل هناك أناس لم يكتفوا بستر الله عليهم فأصبحوا يظهرون «خبالهم» وغباءهم وسماجتهم أمام الناس، فما لبثوا أن صاروا من المشاهير لكثرة المتابعين من (الملاقيف) وأصحاب الفضول، وأصبح من يتابعهم بالملايين وليس بالمئات والألوف.
ومع ما حققته هذه «الاستهبالات» من شهرة ذميمة وما جلبت لهم من مبالغ خيالية حتى أصبحوا بالملايين كانت الحسرة والندامة لدى بعض المحرومين مما يرون هؤلاء يتفسحون مجانًا، بل يعطون على تفسحهم ودعاياتهم مبالغ كبيرة ويتسوقون من محلات وهميًا وهم يعملون لهذه المحلات دعايات إلى جانب ركوبهم السيارات الفارهة، أو لا مانع من إكمال الـ»sho» ببعض الحملات الإنسانية المزيفة لبعضهم من أجل إظهار إنسانيتهم وهم قد قبضوا عليها مقابلاً للدعاية والإعلان!
ولم تعد المتابعة لهؤلاء مقتصرة على الشباب بل من الجنسين وكذا العواجيز وحتى الأطفال ابتدأوا بالفضول وانتهوا بطلب المحاكاة والتقليد حتى أصبح المتابع والمتابعة يعرفون عن صاحب السناب أين أكل وأين نام، وماذا أكل وشرب، وماذا لبس أكثر من معرفتهم بأحوال من لديهم في المنزل، بل أصبحوا يعرفون اسم والديهم وإخوانهم وجيرانهم وزملائهم بل حتى الحيوانات المصاحبة لهم في المنزل.
ولو أن الأمر توقف على الفضول وحب الاستطلاع لكان الأمر يسيرًا ولكن المشكلة تكمن في أن ما يسمى بالمشاهير جنوا على أناس كثيرين وتسببوا في خراب بيوت وهدمها والتفكك الأسري والديون والسجون والمشكلات التي لا تعد ولا تحصى.
أصبح المتابعون البؤساء وغير العقلاء يريدون محاكاة هؤلاء في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ورحلاتهم وجولاتهم، يريدون الأكل في مطاعم مخصوصة، ولبس مخصوص، وسيارات معينة، والسفر المتعدد خارج المملكة حتى وإن كان رب العائلة فقيرًا أو متوسط الدخل فيلجأ إما إلى الاستدانة لإشباع رغبة أبنائه وزوجته أو إلى المنع فتقع المشكلات والهجر وربما الانفصال والطلاق، ومن تسنى له الوقوف على بعض مشكلات الطلاق لوجد أن هذا مما جرته وسائط التواصل الاجتماعي، ونسى أو تناسى هؤلاء أن من حاولوا تقليدهم أن ما يحاولون تقليدهم فيه لم يدفعوا فيه قرشًا واحدًا فكل هذا بالمجان، ولو كان بمقابل لما ذهبوا، ولما ظهروا على الرغم من أنهم أصبحوا ممن يملكون الملايين، وأصبحت وسائط التواصل تدر عليهم بمداخيل تفوق مداخيل الشركات والمؤسسات، بل لا يدفعون رسومًا أو ضرائب!!
من الجنايات الأخرى وهذا أيضًا أهم من خسارة الأموال خسارة الدين والقيم لدى البعض حينما يقلدون «التوافه» الذين لا يعيرون الدين والأخلاق والقيم فيكون تأثيرهم على سلوك الشباب والشابات في أقوالهم وأفعالهم وملابسهم وحركاتهم وتصرفاتهم ويطبقون ما يرونه حذو القذة بالقذة دون وعي، ودونما إدراك لما يقومون به، ولا يقيمون للحلال والحرام وزنًا.
إن على الآباء والأمهات لا أقول تحذير أبنائهم فقط بل لا بد من خلق تربية سليمة وسوية ترفض كل سلوك مشين سواء، أكان هذا التصرف اجتماعيًا أو اقتصاديًا وقبل هذا خلقيًا، وهل يتنافى مع ديننا وقيمنا وتغذية هذا الجانب في المدرسة والإعلام والخطب المنبرية وغيرها، فقد استفحلت مشكلات هؤلاء وعظم أذاهم وضررهم.