مقالات

حديث المصاعد

حديث المصاعد مقالة أعجبتني تم نشرها في منتدى تواصل المعرفة 2030 حيث كتبها الاستاذ محمد النغميش وتم نشرها في 9 يونيو 2016 ونظرا لما تحتويه المقالة من معلومات مهمة رأينا اعادة نشرها في سويفت نيوز

يقول الاستاذ محمد النغيمش في المقالة انه إذا لم يستطع المرء التعبير عن نفسه في غضون 30 ثانية فقد يهدر فرصاً ثمينة لافتقاره لمهارة »حديث المصاعد« الشهيرة في أدبيات الإدارة.

الفكرة باختصار تنبع من فرضية أن الناس مشغولين في معترك الحياة لكن يمكن للمتحدث الذكي أن يوصل ثلاث رسائل خاطفة وعفوية تشرح: من هو؟ ماذا يعمل أو ماذا يقدم من خدمة أو منتج يستحق الاهتمام؟ والأهم أن يتمخض الحديث عن تواصل آخر، كلقاء أو تبادل بطاقات »البزنس كارد«.

حديث المصاعد ليس سهلاً كما يظن البعض لأنه يحتاج كمية هائلة من العفوية والصبر، فقد تبتسم لشخصية مهمة تعمل في مبنى مقر عملك، لأيام عدة، ثم تسنح لك لاحقاً فرصة التعريف عن نفسك. بعض من يتحلون بالذكاء الاجتماعي يسأل شخصاً يهمه: عن أي دور سيصعد إليه ليضغط له على الزر، ثم يقول مثلاً: نحن جيران إذن؟!

أنا أعمل في القسم الفلاني حيث نفعل كذا وكذا. هنا إن تلاقت الاهتمامات سيبدأ الطرف الآخر تلقائياً بالتعريف عن نفسه وترتفع فرصة اللقاء خارج المصعد كأن توجه له دعوة لمقهى قريب للدردشة.

والتحدي في المصاعد أن سرعاتها تختلف فسنكون محظوظين في تبادل أطراف الحديث مع شخصية مهمة إذا هبط بِنَا المصعد من الدور الأخير لناطحة سحاب كبرج خليفة أو برج المملكة إلى الطابق الأرضي، لكن ليست كل المصاعد تتمتع بهذه المدة الطويلة. والأمر ينطبق على خارج المصاعد حيث الملهيات والانشغالات أكبر.

وهذا ما يذكرني بآسيوي ذكي التقاني في زي رسمي، مع شخصين، ثم سألني عن مكان شركة، فوصفته له، ثم قال طواعية:»نحن شركة تصنع بطاريات الليثيوم التي تستخدمها في هواتفك الجوالة«.

أثار اهتمامي معرفة المزيد عن هذا القطاع الواعد وفرص الاستثمار فيه فطلبت بطاقته التعريفية، فأخرجها بحركة خاطفة من جيبه العلوي وكأنه كان جاهزاً للسؤال. هذا الشخص ختم »حديث مصعد« بتواصل فعلي لأنه كان ذكياً في التعريف عن نفسه ببساطة لقيت اهتماماً مشتركاً.

وحديث المصاعد لا ينطبق على البيع والشراء فهو يرتبط بِنَا كبشر نبحث عن فرص عمل أفضل، أو نبحث عن أشخاص معينين أو عن إجابات لأسئلة تحيرنا. أحياناً نريد استقطاب شخص متفاني بالعمل زاملناه سابقاً بأن نقول له باختصار إن بيئة العمل الطاردة التي دفعتك للاستقالة لم تعد موجودة في المؤسسة الجديدة فما رأيك أن تفكر بالانضمام إلينا.

إن حاجتنا لمهارة اختصار الكلام، على طريقة حديث المصاعد، صارت أهم من أي وقت مضى لانشغال الناس. لاسيما وأن ثلاثين ثانية كافية، كما نشاهد في وسائل التواصل الاجتماعي، لإبهار الناس أو إضحاكهم أو حتى إبكائهم! ولا يجب أن نتوقع ردود أفعال إيجابية في كل محاولة لأن الحياة سلسلة محاولات ستفلح إحداها يوماً ما.

حينما نشاهد المصعد لنتذكر أن آلاف من الشخصيات المهمة أو الأصدقاء المحتملين قد يلجون فيه في أي لحظة لذا كانت الابتسامة أو البشاشة أول خطوة لتوليد الانطباع الأول وفتح حديث قصير نترقبه. ولو تخيلنا أن المصعد الواحد يحمل 6 أشخاص كل 5 دقائق يعني سيصعد إليه نحو 72 راكباً خلال ساعة (6 أشخاص ضرب 12). ولو كانت الذروة أربع ساعات فسيدخله 288 يومياً و3456 سنوياً. وهو كم هائل من البشر يدخلونه على مدار العام.

ولنتذكر أن كثيراً من الأعمال العظيمة والتحالفات العملاقة والصداقات والصفقات كان وراءها حديث عابر ترددنا في خوضه في المصاعد أو خارجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى