خوجة: الجائزة تتويج لأربعين عاماً من معاناة الإبداع والتميّز
سويفت نيوز_الخبر
أكد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، أن جائزة محمد حسن عواد للإبداع، تمثل فكرة حضارية واجتماعية وثقافية في آن واحد، وليست مجرد احتفال، أو شهادات تتلى، مشيرًا إلى أن الجوائز سجل حقيقي يبرهن على تفوّق حضارات دون أخرى، فالمجتمعات باتت تتابع بشغف أخبار الجوائز، وتتداول قوائمها الطويلة والقصيرة.
وأضاف الدكتور خوجة، خلال رعايته مساء أول أمس لحفل تكريم الشاعر عبدالله الصيخان، بمناسبة فوزه بجائزة محمد حسن عواد للإبداع الشعري، بنادي جدة الأدبي، قائلا: عدَّ غير ناقد ومؤرخ للشعر في المملكة العربية السعودية محمد حسن عواد عرّاب التجديد، ذلك أن العواد -يرحمه الله- حينما كان شاباً صغيراً لم يبلغ العشرين من عمره، تحدّى بعنفوانه وتمرّده الأدبي البلاغة البالية والعادات الاجتماعية التي لم ترضه آنذاك، فصرخ بدعوته الشهيرة إلى وجوب تحطيم الوهم القائل (ليس بالإمكان أبدع مما كان)، متمثلاً في المقولة العربية (ما لمن لم يركب الأهوال حظ)، فأصدر كتابه (خواطر مصرحة) ولم يكن الكتاب مجرد خواطر جالت في صدر شاب يافع، بل كان تدشيناً لمرحلة جديدة في الأدب، ظل تأثيرها فترة زمنية طويلة، بل إني لا أعدو الحقيقة إن قلت إن هذا الكتاب من المؤثرات التي طبعت شعرنا بعمق، فكان ديوان (آماس وأطلاس) وديوان ( قمم الأولمب) بداية للشعر الحديث في السعودية، وعدّه بعض الدارسين بأنه أول الداعين المعاصرين إلى كسر الشكل التقليدي للقصيدة العربية، فكان له شرف البداية في الشكل الجديد للقصيدة العربية أيضا.
ولقد مرّت الحركة الشعرية في المملكة بنقلات ومتغيّرات عديدة، كان من أشدّها تأثيراً حركة الحداثة التي أفرزت لنا في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين الميلادي الكثير من الأصوات الشابة: كسعد الحميدين، وأحمد الصالح، وعلي الدميني، وفوزية أبو خالد، ومحمد الثبيتي، وأشجان هندي، وغيرهم، وكان شاعرنا الصيخان من أبرز أولئك الشعراء الشباب الذين استطاعوا أن يؤسّسوا لهم البصمة الشعرية الواضحة في خريطة الشعر السعودي المعاصر، بنهجه الحداثي، وأذكر ان تناوله الصحراء بوصفها الهوية الثقافية للمملكة كان موفقاً.
وتابع وزير الثقافة والإعلام: دعوني أطرح تساؤلاً هنا، بوصفي أحد الشعراء ومتابعاً للحركة الشعرية، وهو: لماذا يمر الشعر بهذه المنعطفات الكبيرة؟ وأظن أن الإجابة عن هذا الأمر لا تحتمل أكثر من أن طبيعة الشعر تختلف تمام الاختلاف عن طبيعة النثر، فالشاعر كما يقول سارتر «يرى الكلمات من جانبها المعكوس، كأنه من غير عالم الناس.. يبدو وكأنه لم يتعرّف الأشياء باسمائها بل عرفها تعرّفاً صامتاً» إنه بمعنى آخر تمرّد النفس الشاعرة، فلولا التمرّد المغروس في نفس الشاعر لما وُجد الإبداع.
واختتم وزير الثقافة والإعلام كلمته قائلاً: إن جائزة محمد حسن عواد للإبداع الشعري، وهي ما زالت في خطواتها الأولى، استطاعت أن تحظى بهذا الزخم من الاهتمام، وبهذا القدر من الشهرة بتطلعاتها نحو آفاق الإبداع المتميزة، قادرة على أن تمخر عباب المستقبل بكل ثقة، فتكون في المكان المؤثر من الجوائز الأدبية، وأن تؤسّس لنفسها إضافة إلى قيمتها الحالية اسماً وقيمة عربيين وعالميين بإذن الله.
أما أنت أيها الشاعر المبدع عبدالله الصيخان.. فإني أبارك لك وأهنئك بنيلك الجائزة، فأنت شاعر جدير بها، والحق أنها تتويج لأربعين عاماً من معاناة الإبداع والتميّز بشعر يمثل انعطافة حقيقية في المشهد الأدبي السعودي المعاصر. وإني الآن أُكبر فيك استمرار إحساسك برفقاء دربك، حينما قلت في صفحتك في الفيس بوك: إن هذا الفوز ليس لي، إنه لأساتذة المرحلة، أولئك الذين وضعوا بصمتهم على أصابعنا لمحمد العلي وعلي الدميني وأحمد الصالح وغيرهم..
أخيراً.. أتقدّم بالشكر الجزيل لنادي جدة الأدبي؛ على أن جعلنا هذه الليلة نعيش ليلة من ليالي الوفاء للشاعر محمد حسن عواد..
وكان حفل البارحة قد بدأ بكلمة لرئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي، قال فيها: نجتمع في نادي جدة، ونحن نحتفل بتكريم من فاز بهذه الجائزة، التي نرى فيها رافداً من روافد نهر الثقافة المتدفق، وجائزة محمد حسن عواد للإبداع هي أنموذجٌ لجسور التواصل بين رجال الأعمال والمثقفين، كيف إذا كان رجل الأعمال مثقفاً مفكراً عالماً أديباً جامع الحسنيين، إنه الأستاذ أحمد باديب الذي امتدت يده لمؤسسة الثقافة الأولى في جدة، فكانت هذه الجائزة المتفرّدة في رؤيتها ورسالتها وضوابطها ومجلس أمنائها والفائزين بها.
وفي ختام كلمته، وجّه الدكتور السلمي رسائل شكر، بدأها بشكر الله أولاً، ثم شكر القيادة، ولسمو أمير المنطقة، ولسمو محافظ جدة، ثم لوزارة الثقافة والإعلام، مضيفًا: كما أشكر من أعماق قلبي من أسّس هذه الجائزة ووضع لبناتها الأولى، أخي العزيز وزميلي الفاضل الأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني، وكذا الشكر لأمين الجائزة السابق الأستاذ محمد علي قدس، وللوجيه والمثقف ورجل الأعمال الأستاذ أحمد باديب، ولهيئة التحكيم، ولمجلس الأمناء. وأما المبدع الشاعر عبدالله الصيخان، فله مني التهنئة فهو الشاعر الذي تعرفه جنباتُ هذا النادي.
بعد ذلك، ألقى الأديب أحمد محمد باديب كلمة جاء فيها: إننا اليوم ضيوف على معالي وزير الثقافة والإعلام، فهذا بيته وهو رجل الأدب، الذي اعتقد جازماً أن في الفترة التي تولى فيها الوزارة استطاع أن يضيف الكثير مما يتمناه الأدباء والإعلاميون.
إن التكريم من شيم الرجال المخلصين، وإن هذا البلد منّ الله عليه برجال، يعرفون قيمة الرجال الذين يقدمون للبلد العلم والأدب والشعر والفن. إن تكريم الأستاذ العواد باطلاق اسمه على الجائزة، وهو رمز من رموز الرعيل الأول، هو تكريم لأنفسنا، والجائزة هي رمز، واسمحوا لي أن أشكركم فأنتم أوفياء بحضوركم.
وألقى عضو مجلس أمناء جائزة محمد حسن عواد للإبداع الدكتور عاصم حمدان، كلمة مجلس أمناء الجائزة، شكر فيها الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة وزير الثقافة والإعلام؛ لرعايته الحفل، وقال: إن الحديث عن «جائزة محمد حسن عواد للإبداع الشعري» يستوجب الإشادة والشكر لمجلس إدارة النادي الأدبي الثقافي بجدة السابق، الذي رأسه الدكتور عبدالمحسن القحطاني، وقد تشرّفت بأن كنت ضمن مجلسه الذي أقر هذه الجائزة، ووضع ملامحها وأطرها العامة، كما يُحمد لمجلس الإدارة الحالي برئاسة الأستاذ الدكتور عبدالله عويقل السلمي أن سار على ما كان عليه الحال في المجلس السابق، بتضمين هذه الجائزة في أجندته، لنحتفل اليوم بنيل الشاعر عبدالله الصيخان لها.
وفي ختام الحفل، كرّم الدكتور عبدالعزيز خوجة فارس الجائزة الشاعر عبدالله الصيخان، الذي ألقى كلمة بعد تكريمه قال فيها: في مثل هذا المكان، قبل أكثر من ثلاثة عقود، التقيت بالشاعر محمد حسن عواد، الذي حمل راية التجديد والاستشراق، كنت وقتها أخطو خطواتي الأولى مع الشعر، ولكني سعدت بلقائي معه، حيث أجريت حواراً مطولاً معه لمجلة اليمامة، لقد كان أنيقاً في ملبسه وفي تعامله، لقد احتفى بي وأنا لا زلت في بداياتي، وخرجت منه بكتبه العزيزة على نفسي، كانت نصوصه التي تم نشرها في مجلة اليمامة نافذة لجيلي للاطلاع على تجربة العواد في ذروتها، وإنني هنا أشعر بسعادة ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة يضع الوشاح على صدري، باقتران تجربتي المتواضعة مع اسم العواد، فشكراً لك يا معالي الوزير، الذي أضفتني على الثقافة تميزاً، فقد كنت الرجل المناسب عندما اختارك خادم الحرمين الشريفين لتكون وزيراً؛ لأنه عرف أنك ستكون رافداً مهماً للثقافة، كما أشكر الأديب أحمد باديب على دعمه للجوانب الثقافية، بينما تنحى الكثير من رجال الأعمال عن دعم الثقافة واتجهوا لدعم الرياضة. وفي ختام كلمته، ألقى الشاعر الصيخان بعضًا من قصائده.