تحدي الحضارة و “استجابة تويتر “
وسط موجات المشكلات المتلاحقة والصراعات المشتعلة بالمنطقة، ينشغل جمهور تويتر العربى بسؤال الحضارة: هل هناك فرصة حقيقية لاستئناف الحضارة فى عالمنا العربي؟ السؤال لا يحمل فقط جرأة فى الطرح وإنما ينطوى ايضا على طريق الاستجابة للتحدى والاكثر من ذلك أنه يعيد زرع الأمل الذى قتلته المعارك المتواصلة والإحباطات المتتالية فى المشهد العربى الراهن. من حقك أن تتساءل وهل نملك فى الاجواء العربية الراهنة التى يشوبها السقوط والتردي، الحديث عن اسئناف الحضارة؟ ومن حقى أن أرد بسؤال آخر: كيف يمكن كسر حصار الأزمات المتتابعة التى تلف اجواءنا ليل نهار؟ واذا لم نبادر نحن بطرح السؤال اليوم فكم عقد من الزمن وربما قرن علينا ان ننتظر لطرحه ؟ بالتأكيد ليست هذه المرة الأولى التى يطرح فيها السؤال التحدى فقد راودنا على الاقل فى جلسة او ندوة او حالة تفكر حر، ولكنها المرأة الأولى التى يطرح من منصة حاكم ليس فى مجلس الحكم (مجلس الوزراء أو المستشارين ..الخ ) وإنما فى اتجاه الجمهور مباشرة وعبر موقع «تويتر»، واتبعه بأسئلة آخري: «هل هناك فرصة حقيقية لاستئناف الحضارة فى عالمنا العربي، وما هى الوصفة للعودة لطريق التنمية؟ هل نحن قادرون على إعادة صياغة مستقبل منطقتنا»؟ وذلك قبل اسبوع من القمة العالمية للحكومات،مناشدا الجمهور العربى التفكير فى الامر وطرح مقترحات ورؤى لمناقشتها فى احدى جلسات القمة، (التى عقدت بدبى 12-14 فبراير 2017) بهدف البدء فى حوار عربى حقيقى تنموى لمشاركة الأفكار والتجارب حول هذه القضية. السؤال الذى طرحه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولةالإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي) تحول الي. هشتاج «استئناف_الحضارة» على موقع «تويتر» وحقق بعد 3 أيام من إطلاقه – 300 مليون مشاهدة وأكثر من عشرة ألاف مشاركة من 4 آلاف مستخدم ينتمون اليى دول عربية عديدة. تفاعل المغردون العرب بشكل كبير مع الوسم وطرحوا أفكارهم ومقترحاتهم حول إعادة بريق الحضارة للعالم العربي، والتى ركزت على جوانب تتعلق بالعمل والثقافة والبحث العلمي، وبث روح المحبة والتسامح بين أبناء البلد الواحد، ونبذ كل أشكال العنف والعنصرية والتطرف، ومنع كل صور التدخل الخارجى من خلال التعاون ووحدة الكلمة والصف. وطالب بعضهم بتوجيه اهتمام اكبر إلى اقتصاد المعرفة، والصناعة، والزراعة، والتشجيع على الابتكار وخلق موارد بديلة تحقق الاكتفاء، وتضمن الكرامة ورغد العيش لشعوب المنطقة العربية، بينما طالب أخرون بضرورة التركيز على رأس المال البشرى باعتباره محرك التنمية المستدامة، والعمل على جذب الكفاءات والمواهب لوقف نزيف هجرة العقول ، وذكر فريق ثالث أن استئناف الحضارة يتم عبر الانفتاح والتعايش مع الحضارات كافة، والاستفادة من مخرجاتها المميزة، دون إغفال لعادات وقيم حضارتنا، والبحث عن سبل افضل لاستغلال موارد المنطقة الطبيعية وتحقيق التكامل الاقتصادى العربي. الجمهور العادى قال كلمته بعفوية ، وتبلورت هذه الأفكار فى مناقشات القمة العالمية للحكومات التى خصصت احدى جلساتها لبحث هذه القضية، فى سياق علمى رصين استفاد من خبرة ومعرفة المشاركين وهم نخبة من كبار الشخصيات العلمية والنافذة فى العالم اليوم بمجالات عديدة (القمة تناولت قضايا أخرى فى غاية الاهمية قد تحتاج الى مقال آخر) ولكن لا التغريدات على كثرتها، ولا المناقشات على دقتها تكفى لتحقيق هذا الهدف، وإنما المهم ان ثمة أملا وتفكيرا متفائلا من فئات مختلفة فى مجتمعاتنا العربية باتجاه المستقبل. الشاهد فى كل ذلك يمكن بلورته فى أن هذا الطرح «التويتري» إعادة الاعتبار لثلاثة أفكار رئيسية، الأولى معادلة التحدى والاستجابة والثانية تأكيد الاهتمام بالمشاركة المجتمعية، والثالثة تطوير الثورة الرقمية للتفكير بصوت عال فى مستقبل الوطن العربي. استئناف الحضارة العربية الإسلامية فى الحاضر مرهون مهارات العصر.. هذا هو التحدى وعلينا جميعا البحث عن طرق الاستجابة، وأحدها ان تترجم هذه الأفكار من تغريدات على «تويتر» إلى أفعال فى الواقع.