مقالات

صعوبة عودة الثقة

بقلم – طارق العريدي :

الثقة ليست كلمة عابرة ولا شعوراً مؤقتاً، بل بناء متكامل يقوم على الصدق والاحترام والاستمرارية، وعندما تتصدع هذه المنظومة، فإن إعادة ترميمها تصبح من أعقد التحديات التي يواجهها الأفراد والمؤسسات على حدٍ سواء.
صعوبة عودة الثقة تكمن في أنها لا تُمنح بالأقوال، ولا تُستعاد بالوعود، بل تُبنى من جديد عبر الأفعال المتكررة والزمن الطويل، فالخذلان يترك أثراً أعمق من مجرد لحظة عابرة، ويزرع الشك في كل تصرف لاحق، مهما بدا صادقاً أو حسن النية.
في العلاقات الإنسانية، قد يغفر الإنسان، لكنه نادراً ما ينسى. فالعقل يستدعي التجربة السابقة عند أول اختبار، والقلب يبقى متحفزاً خشية تكرار الألم. أما في المجال العام، سواء كان إعلامياً أو رياضياً أو إدارياً، فإن فقدان الثقة ينعكس مباشرة على الصورة والسمعة، ويجعل أي إنجاز لاحق موضع تساؤل بدل أن يكون محل تقدير.
الأصعب من ذلك أن من فقد الثقة قد يبذل جهداً مضاعفاً لإثبات حسن النية، ومع ذلك لا يضمن القبول، فالثقة لا تعود إلى نقطة الصفر، بل تبدأ من منطقة أدنى، وتحتاج إلى صبر وشفافية وشجاعة في الاعتراف بالأخطاء قبل تصحيحها.
وتبقى الثقة رأس مال لا يعوض، وخسارتها ثمنها باهظ، ومن يدرك صعوبة عودتها، سيحرص على حمايتها منذ البداية، لأن البناء قد يستغرق سنوات، بينما الهدم لا يحتاج سوى لحظة واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى