مقالات

اتفاق غزة .. والدور السعودي في إعادة إحياء المسار السياسي والاعتراف بدولة فلسطين

بقلم – السفير عبدالرزاق سياد عبده الهاشمي :

بدد الموقف السعودي بمبادراته المشرفة والمشرقة كل المخاوف عن اي خطة في تهجير الفلسطينيين اصحاب الارض الي خارج عزة مما يعتبر انتصاراً قوية للقضية الفلسطينية برمتها حيث يمثل اتفاق غزة (أكتوبر 2025) لحظة فاصلة في مسار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي، إذ أنهى مرحلة طويلة من المواجهات المفتوحة، وأعاد إلى الطاولة الدولية النقاش حول حل الدولتين والاعتراف العملي بدولة فلسطين.

إن هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة لجهود المملكة العربية السعودية الدبلوماسية المستمرة منذ سنوات، والتي نجحت في إعادة التوازن للمشهد السياسي الإقليمي والدولي، وتوحيد المواقف حول الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني

خلفية سياسية وسياق المبادرة

منذ اندلاع الحرب على غزة (أكتوبر 2023)، تصدرت المملكة الجهود الدولية لإنهاء الصراع عبر مسارين متوازيين:
1. المسار العربي–الإسلامي: الذي انطلق من القمة الاستثنائية في الرياض نوفمبر 2023، ونتج عنه تشكيل لجنة وزارية عربية–إسلامية فاعلة.
2. المسار الأممي–الدولي: عبر الشراكة السعودية–الفرنسية داخل الأمم المتحدة خلال عامي 2024–2025، التي أفضت إلى إصدار إعلان نيويورك (سبتمبر 2025) الداعي إلى وقف الحرب، إطلاق الأسرى، والانطلاق نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وقد رسخ هذا التحرك المزدوج دور القيادة السعودية في الملف الفلسطيني، وأعاد صياغة البيئة السياسية التي مهّدت لنجاح اتفاق غزة

نقاط الحديث الرسمية (Talking Points)

  1. إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية
    • المملكة عملت على تحويل المأساة الإنسانية في غزة إلى قضية سياسية مركزية داخل أروقة الأمم المتحدة، بما يربط وقف الحرب بمسار الاعتراف بدولة فلسطين.
    • عبر إعلان نيويورك الذي رعته مع فرنسا، أعادت المملكة طرح “حل الدولتين” كخيار واقعي وضروري لاستقرار الإقليم.
  2. تحريك مواقف الدول الكبرى تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية
    • دفعت التحركات السعودية إلى تحول نوعي في مواقف دول غربية، إذ أعلنت فرنسا رسميًا اعترافها بدولة فلسطين، وتبعتها دول أخرى متأثرة بالزخم الدبلوماسي السعودي.
    • داخل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، نجحت الرياض في حشد تأييد واسع لمشاريع القرارات الخاصة بحقوق الشعب الفلسطيني، ما أدى إلى إعادة بناء توافق دولي حول المرجعية القانونية لحل الدولتين.
  3. استعادة التوازن السياسي بعد سنوات من الجمود
    • التحرك السعودي نقل القضية من “إدارة الأزمة” إلى “حلّ الأزمة”، وفرض أجندة جديدة تقوم على خطوات عملية لا بيانات رمزية.
    • أعاد الدور السعودي الحياد الدولي الإيجابي وأعاد الثقة بالدبلوماسية كوسيلة لتحقيق العدالة والاستقرار.
  4. توحيد الموقف الدولي والإقليمي خلف الحقوق الفلسطينية
    • المملكة استخدمت ثقلها الاقتصادي والسياسي لتقريب وجهات النظر بين القوى الكبرى (الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، وروسيا) بما يضمن التزاماً مشتركاً بوقف الحرب ودعم الحل الدائم.
    • رسّخت مبدأ أن “السلام لا يمكن أن يكون شاملاً دون دولة فلسطينية ذات سيادة”، ما جعل الاعتراف بالدولة شرطًا لأي تسوية سياسية مستقبلية في الشرق الأوسط.

التوصيات العملية للمرحلة التالية
1. تحويل اتفاق غزة إلى عملية سياسية شاملة:
دعم مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة بمشاركة عربية ودولية لضمان تنفيذ بنود الاتفاق وصولاً إلى إعلان دولة فلسطين رسميًا.
2. تعزيز دور المملكة في المرحلة اللاحقة:
• استمرار القيادة السعودية في التنسيق مع مصر وفرنسا لضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاق.
• دعم إعادة إعمار غزة كمدخل لترسيخ الاستقرار والشرعية الفلسطينية.
3. إطلاق “مبادرة الرياض للسلام والتنمية في فلسطين”:
مبادرة سعودية تُجمع بين المسار السياسي والاقتصادي والإنساني، تموّل مشاريع البنية التحتية والتعليم والصحة في الدولة الفلسطينية المرتقبة.
4. دعم موجة الاعترافات الدولية المتتابعة:
• استخدام القنوات السعودية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لتوسيع قاعدة الدول المعترفة بفلسطين.
• تشجيع الدول الإسلامية على ترجمة مواقفها السياسية إلى إجراءات قانونية ودبلوماسية عملية.
5. تعزيز الإعلام الدبلوماسي:
تنسيق حملات إعلامية ودبلوماسية مهنية تسلط الضوء على الدور السعودي الإنساني والسياسي في نصرة الشعب الفلسطيني، وتوضح أن “الاعتراف بفلسطين هو حجر الأساس للاستقرار الإقليمي”.

الخلاصة

لقد أثبتت المملكة العربية السعودية من خلال جهودها في مسار اتفاق غزة أن القيادة الهادئة والفاعلة يمكن أن تُحدث تحولاً حقيقياً في أكثر الملفات تعقيداً في العالم.
إن إعادة الاعتراف الدولي بفلسطين إلى الواجهة لم يكن عملاً سياسياً فحسب، بل مسؤولية تاريخية تحملتها المملكة انطلاقاً من قيمها الإسلامية، ومكانتها في العالمين العربي والإسلامي، ودورها كقوة اعتدال ومسؤولة دولية في حلحلة القضايا الشائكة والأزمات الإقليمية والعالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى