مقالات

الزواج .. أزمة فكر أم أزمة مال ؟

بقلم – محمد البكر :

يُقال إن مشكلة الشباب اليوم في تأخر الزواج هي المال ، لكنني أزعم أن المال ليس سوى جزءً من الحكاية ، وربما الجزء الأسهل فيها . صحيح أن المهور المرتفعة وحفلات الزفاف الباذخة تحولت إلى سباق مظاهر يرهق الشباب ، لكن ماذا عن التحولات التي أصابت عقول شبابنا وشاباتنا ونظرتهم للزواج ذاته ؟

نحن أمام جيل تغيّرت أولوياته جذرياً . بعض الشابات يرين في العمل والسفر والمشاركة الاجتماعية بديلًا أكثر إغراءً من مسؤوليات الزواج والأمومة . والأفكار النسوية المشؤومة والتي تسللت إلى الخطاب العام جعلت الزواج في نظر بعض الفتيات قيداً على الحرية الفردية . في المقابل ، يخشى بعض الشباب من فقدان استقلاليتهم ، أو أن يصبح الزواج عبئاً يقيد طموحاتهم . فهل نقول إن المال وحده هو العائق ؟ أم أن هناك خللاً أعمق ؟

المشكلة هي أننا نُحمل التكاليف وحدها وزر الأزمة ، حتى أصبح الحل في نظر البعض تقليص المهور، أو إختصار حفلات الزواج . لكن ماذا بعد ذلك ؟ إذا لم يواجه الشباب والشابات الخوف من المسؤولية ، وإذا لم نصحح صورة الزواج التي شوهتها التجارب الفاشلة والطلاق المتكرر، فسيظل العزوف قائماً حتى لو أقمنا الزفاف في استراحة متواضعة . المشكلة إذن مزدوجة .. جيوب مرهقة ، وعقول مشوشة . ومن الخطأ أن نحل أحدهما ونهمل الآخر. ناهيكم عن أهمية اقتناع الشباب والشابات ، بأن الزواج ليس عدواً للحرية ولا قاتلاً للطموح ، بل هو شراكة حياة ، ومساحة أمل.

إذا أردنا أن نحدّ من تأخر سن الزواج أو من موجات الطلاق ، فعلينا أن نعيد صياغة الخطاب الاجتماعي برمته . علينا أن نقول للشباب ، أن السعادة لا تُقاس بارتفاع صوت الموسيقى في قاعة فخمة ، ولا تُختصر في حرية فردية عابرة . السعادة الحقيقية أن تجد شريكاً يؤمن بك ، يشاركك طموحك ، ويقف إلى جانبك في وجه صعوبات الحياة .
الزواج ليس أزمة مال فقط ، بل أزمة فكر. وحين نفهم هذه الحقيقة ، يمكننا أن نعيد لهذه المؤسسة مكانتها الطبيعية كأساس للاستقرار ، وبناء للمستقبل . ولكم تحياتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى