مقالات

باريس كرّمته … ونحن تجاهلناه

بقلم – أحمد صالح حلبي :
قبل فترة ليست بقصيرة نشرت هذه الصحيفة خبر ” حصول “علي أكبر” آخر بائع صحف متجول من أصل باكستاني على وسام الاستحقاق الوطني برتبة فارس ، من فخامة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث يعد من أهم الأوسمة المرموقة في فرنسا ويمنح تكريمًا للإسهامات المتميزة في المجالين المدني أو العسكري، بعد أن أمضى أكثر من 50 عامًا في بيع الصحف بالحي اللاتيني في العاصمة الفرنسية باريس ” .
وأعاد الخبر إلى الذاكرة ذكريات عقود مضت وتحديدا قبل تأسيس الشركة الوطنية للتوزيع حيث كانت كل صحيفة تتولى عملية التوزيع على المشتركين ونقاط البيع بالمكتبات والبقالات ومحطات الوقود ، وامتهن البعض عملية توزيع الصحف ، فكانوا يقومون بعملية توزيعها على اقدامهم في المناطق القريبة ، وبواسطة درجات نارية وسيارات بالمناطق البعيدة ، فيما كان هناك آخرون يبيعونها على الأرصفة وعند الإشارات الضوئية وداخل الأسواق .
ومن بين من لازالوا عالقين بالذاكرة في بيع الصحف العم محفوظ ـ يرحمه الله ـ الذي كان يقوم صباح كل يوم بتوزيع الصحف على المشتركين والبقالات وكان سعر النسخة الواحدة أربعة قروش ، ولم أكن أرى وجود رجيع من النسخ في اليوم التالي .
واليوم وبعد أن تطورت وسائل الاعلام وتحولت الصحيفة من ورقية إلى اليكترونية ، وأخذت بعض الصحف الورقية ببعض دول العالم في التلاشي بعد تعرضها لخسائر مالية ، تبقى الذكريات هي الحدث الأبرز في حياتنا تروي أياما جميلة مضت .
وما أمله أن تتبنى وزارة الاعلام إقامة معرض دائم بأفرعها يبرز البدايات الأولى للصحافة السعودية حتى يتعرف أبناء الجيل الحالي على المعاناة التي كان يعانيها القراء في الحصول على صحيفة ، ويبرز التطور الذي حدث في إيصال الصحف للمشتركين ونقاط البيع بعد تأسيس الشركة الوطنية للتوزيع .
ففرنسا التي كرمت المهاجر الباكستاني بعد أن أمضى خمسون عاما في بيع الصحف اليومية ، لم تكرمه لشخصه ، بل كرمته لدوره في نشر الثقافة والعلم والمعرفة .

للتواصل
ashalabi1380 [email protected] @

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى