شارع “البيبسي”

بقلم – محمد البكر :
هكذا كان يُنطق عند عامة الناس (الياء بين الباءين) . ورغم أنه كان معروفًا بشارع (28) باعتباره آخر شارع في الخبر من الجهة الشمالية ، إلا أن الناس لم يعرفوه إلا باسم “شارع البيبسي” ، والسبب يعود إلى وجود مصنع القصيبي لتصنيع وتعبئة وتوزيع هذا المشروب الشهير .والذي تأسس عام 1950، أي قبل 75 سنة بالتمام والكمال . ولهذا المصنع ذكريات لا تُنسى لدى أهل الخبر، وخاصة شبابها آنذاك . فغالبيتهم كانوا ينتظرون العطلة الصيفية ، لعلهم ينالون فرصة للعمل في ذلك المصنع . وكانت أسرة القصيبي كريمة معهم ، فكل من يتقدم للعمل يُقبل . وإذا كان الأمريكان لديهم مسمى ” سمر ستيودنت ” ، فعندنا ” بيبسي ستيودنت “، الذي يحقق المعادلة 3×1 دخل مالي ، شرب البيبسي مجانًا ، والعمل تحت المكيفات .
ما دعاني للتطرق إلى الاسم القديم للشارع ، ولمصنع القصيبي تحديداً ، هو ما شاهدناه في المقاطع التي انتشرت خلال الأيام الماضية ، حول بدء إزالة ذلك المصنع ، والحسرة التي لمستها في تعليقات كل من صوّر مشاهد الهدم . ذلك أن المصنع يُعد من تراث المدينة بالنسبة لهم ، وجزءاً مهماً من تاريخها يجب الحفاظ عليه .
لعل من عاصر فترة السبعينيات في مدينة الخبر، يتذكر بعض المحلات الشهيرة التي انتشرت على جانبي الشارع . ففي الوقت الذي لم تكن فيه محلات فخمة منتشرة كما هو الحال اليوم ، كان هذا الشارع يعج بمحلات حديثة وغير مسبوقة ، مثل “كيمك جلاس”، الذي يُعد من أفخم المحلات التي كانت تقدم الآيسكريم والمقبلات والكيك ، تحت إدارة شخص لبناني يُدعى “جوزيف” ، وكان يرتاده علية القوم . ناهيك عن أشهر محل للمفروشات ، وهو “مفروشات المطلق”، و”وكالة الجفالي للمرسيدس” ، و”معرض إبراهيم شاكر”، و”بقالة العباد”، التي تُعد واحدة من أقدم البقالات التي نعرفها بشكلها الحالي . ومن الجهة الشرقية ، كانت ترسو “العوامة” كأشهر وأول مطعم عائم في المملكة وربما الخليج .
كلها ذكريات جميلة، يتصدرها مصنع البيبسي .
واليوم ، وبعد أن تحول هذا الشارع إلى واحد من أهم الشوارع التجارية التي يرتادها الناس ، كان من الضروري اختيار اسم يليق به ، فجاءت فكرة تسميته بـ”طريق الأمير فيصل بن فهد” ، تتويجاً للتطور الكبير الذي شهده هذا الطريق الحيوي ، بعد أن تمدد من شارع الملك عبدالعزيز نحو الغرب ، ليربط الظهران غرباً بكورنيش الخبر شرقاً .
هكذا هي الحياة … تتغير الأشياء، فيها وتبقى الذكريات التي لا يمحوها الزمن .
ولكم تحياتي.




