الصين تنقذ شركات السيارات الغربية من أزمة المعادن النادرة

بكين – سويفت نيوز:
بدت الصين وكأنها قدمت مهلة مؤقتة لعمالقة صناعة السيارات في الولايات المتحدة وأوروبا، بعد تحذيرات من مجموعات صناعية بشأن تزايد التهديدات التي تواجه الإنتاج نتيجة نقص في المعادن الأرضية النادرة.
فقد أعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم السبت، استعدادها لإنشاء ما يُعرف بـ”القناة الخضراء” لتسريع عملية الموافقة على طلبات تراخيص التصدير المؤهلة إلى شركات الاتحاد الأوروبي.

وقال متحدث باسم الوزارة إن الوزير وانغ أعرب عن أمله في أن يتخذ الاتحاد الأوروبي “خطوات متبادلة” ويتبنى إجراءات تشجع على التجارة المتوافقة مع الصين في المنتجات التكنولوجية المتقدمة، وفقا لتقرير نشرته شبكة “CNBC”.
ويأتي هذا التطور عقب محادثات تجارية جمعت وزير التجارة الصيني وانغ ون تاو، ومفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، الأسبوع الماضي في باريس.
كما منحت بكين تراخيص تصدير لمعادن أرضية نادرة إلى موردين يعملون مع شركات السيارات الأميركية الكبرى مثل جنرال موتورز، وفورد، وستيلانتس – الشركة المصنعة لسيارات جيب – حسبما نقلت رويترز عن مصادر لم تسمّها. وأضاف التقرير أن وزارة التجارة الصينية لم ترد على طلب للتعليق أُرسل عبر الفاكس، في حين تواصلت CNBC مع جنرال موتورز وفورد وستيلانتس.
وكانت وزارة التجارة الصينية قد فرضت في مطلع أبريل قيودًا على تصدير عدد من معادن الأرض النادرة والمغناطيسات، والتي تُستخدم على نطاق واسع في قطاعات السيارات والدفاع والطاقة. وتُعد هذه القيود ردًا على رفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للرسوم الجمركية على المنتجات الصينية.
ويُعتبر عدد من هذه المعادن عناصر حيوية في إنتاج محركات الاحتراق الداخلي والمركبات الكهربائية على حد سواء.
ماكسيميليان بوتيك، المدير التنفيذي وعضو مجلس إدارة غرفة التجارة الألمانية في الصين، قال إن إعلان نهاية الأسبوع يُعدّ بالتأكيد خبراً ساراً للشركات الأوروبية، لكنه أشار إلى أن الغموض لا يزال يكتنف ما إذا كانت “القناة السريعة” ستشمل الشركات الكبرى فقط أم قطاعات أوسع.
وأضاف بوتيك: “لقد أنشأوا جهازاً بيروقراطياً ضخماً، ولا أعلم ما إذا كان بإمكانهم فعلاً تسريع الإجراءات ومنح التراخيص لمن يحتاجها”.
وقال بوتيك إن شركات السيارات الأوروبية الكبرى سترحب بهذا الانفراج الدبلوماسي، لكنه شدد على ضرورة أن يعمل الاتحاد الأوروبي على تنويع سلاسل التوريد.
وتابع: “لقد فاجأنا أن الصين قررت استخدام هذه الورقة، لأنها تُعدّ إجراءً انتقاميًا رداً على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، أليس كذلك؟ ونحن، كشركات أوروبية، وجدنا أنفسنا فجأة في مرمى نيران هذا التصعيد التجاري، وهذا ليس الموقع الذي نرغب أن نكون فيه”.
وأضاف: “الإعلان وحده لا يكفي، عليهم أن يثبتوا ذلك بالفعل”.
تُعدّ الصين اللاعب المسيطر بلا منازع على سلسلة توريد المعادن الحرجة، إذ تُنتج نحو 60% من إجمالي المعادن الأرضية النادرة والمواد ذات الصلة عالميًا. وكان مسؤولون أميركيون قد حذروا سابقاً من أن هذا التفوق يمثل تحديًا استراتيجيًا في ظل التحول نحو مصادر الطاقة المستدامة.
وقد شبّه بعض المحللين أزمة النقص في المعادن الأرضية النادرة بالأزمة العالمية في رقائق أشباه الموصلات التي عطلت إنتاج السيارات خلال جائحة كورونا.
وقبل أن تعلن الصين خطتها لتسريع الموافقات على تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى الاتحاد الأوروبي، حذرت رابطة مصنعي السيارات الأوروبية (ACEA) من أن بعض أعضائها معرضون لتوقف الإنتاج، وربما يبدأ ذلك في أقرب وقت الشهر المقبل.
وتُمثل الرابطة شركات مثل ستيلانتس، ورينو، وفيراري، وفولكسفاغن، وفولفو، وقد صرّحت بأن الحصول على تراخيص تصدير المعادن الأرضية النادرة من وزارة التجارة الصينية استغرق وقتًا “طويلاً بشكل ملحوظ” منذ دخول القيود حيز التنفيذ في أبريل.
مخزون المعادن النادرة منخفض للغاية
وقال جوناثان أوريوردان، مدير التجارة الدولية في ACEA: “بشكل عام، فإن المخزون العالمي من هذه المعادن منخفض للغاية. ونظرًا لأن الصين هي المورد الرئيسي عالميًا، فإن غياب التراخيص يعني أن هذا المخزون قد بدأ في النفاد تدريجياً منذ بداية أبريل”.
وأضاف: “نحن نقترب تدريجيًا من لحظة حرجة للغاية، حيث بدأت تلك المخزونات في النفاد فعليًا، وقد نشهد توقفًا في الإنتاج”.
وجاء تحذير ACEA بعد تقرير مقلق آخر من رابطة موردي السيارات الأوروبية، التي قالت الأسبوع الماضي إن عدة مصانع خطوط إنتاج لموردي السيارات قد أُغلقت بالفعل نتيجة للقيود الصينية الأخيرة، مع توقعات بانقطاعات إضافية خلال الأسابيع القادمة مع انخفاض المخزون.
كما أفادت رويترز يوم الخميس، نقلاً عن مصدرين مجهولين، بأن شركة سوزوكي اليابانية قد أوقفت إنتاج سيارتها “سويفت” بسبب القيود الصينية على معادن الأرض النادرة.
ومن المتوقع أن يتزايد الطلب على المعادن الأرضية النادرة والمواد الحرجة بشكل كبير خلال السنوات القادمة مع تسارع الانتقال إلى الطاقة النظيفة.