٦٠ مليار دولار حجم الانفاق الخليجي على الرعاية الصحية في 2020
جدة – سويفت نيوز:
أكد خبير في مجال خدمات الرعاية الصحية أن صناعة الرعاية الصحية تشهد حالياً تحولًا جوهرياً على الصعيد العالمي، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي هي أكثر البلدان المتأثّرة بهذا التغيير.
وأوضح مدير مشاريع لشركة بوز ألن هاملتون اميل سلهب، أنه بسبب تكلفة الرعاية الصحية الباهظة والمطالبة بخدمات أفضل وبأسعار مقبولة أكثر، يُعيد المسؤولون التفكير في نماذج تقديم الرعاية، واستكشاف الفرص المتوفرة لتحسين الجودة وزيادة النفاذ، إضافة إلى احتواء التكاليف المتزايدة في الوقت نفسه.
وقال سلهب: “استجابة لهذا الوضع الذي يشهد تغيّراً سريعاً، تعمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على رفع التحدي، مع اعتمادها السياسات والخطط الجديدة لإدخال التغيير، لكن، على الرغم من اتخاذها هذه الخطوات، لا تزال الفرص غير مستغلة في مجال تحليلات الرعاية الصحية”.
وأضاف: “لدى قطاع الرعاية الصحية حاليًا، وأكثر من أيّ وقت مضى، حق النفاذ إلى كميات هائلة من البيانات المتوفّرة في المكتبات الطبية، والسجلات الطبية الإلكترونية، والتطبيقات الصحية والأجهزة القابلة للارتداء، ووسائل الإعلام الاجتماعية، والمؤشرات البيئية”.
وأشار سلهب إلى أنه مع إمكانية نفاذ مؤسسات الرعاية الصحية إلى مصادر المعلومات الغنية والمعقدة هذه، بات لدى هذه المؤسسات القدرة الآن على التأثير على النفاذ إلى خدمات الرعاية الصحية، وجودتها، وتكلفتها، وذلك من خلال اتخاذ القرارات القائمة على البيانات التي من شأنها أن تطوّر السياسات وتدير الموارد بشكل أفضل من أي وقت مضى.
وبيّن أنّ منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، التي شهدت تقدمًا تكنولوجياً عظيماً في السنوات الأخيرة، تُقدم احتمالات هائلة تمامًا كالتحديات الدائمة التي تعاني منها أنظمة الرعاية الصحية فيها، ولا تُعتبر التكلفة أقلها.
وأوضح سلهب أنه عوضاً عن خفض الإنفاق الخاص بالرعاية الصحية، وجدت دول مجلس التعاون الخليجي نفسها مرغمة على زيادته، إذ من المتوقع أن يرتفع الإنفاق بنسبة تقدّر بـ4.4 في المئة سنوياً للوصول إلى مبلغ 60 مليار دولار أميركي بحلول العام 2020، وفقاً لبيانات نشرتها الماسة كابيتال.
ولفت إلى أن الزيادة في الاستثمار ستؤدي إلى تحسينات ملموسة من حيث النفاذ إلى الرعاية الصحية والجودة، مستدركاً: “في الواقع، ما زال مستوى الخدمات الصحية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي أدنى من المستويات المحددة من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”.
وذكر أنه وفق منظمة الصحة العالمية، يبلغ عدد الأطباء في دول مجلس التعاون الخليجي 17.7 طبيباً لكل 10 آلاف شخص، في حين أن عدد أسِرّة المستشفيات يبلغ 13.7 سريراً لكل 10 آلاف شخص، ومتوسط العمر المتوقع هو 76.3 سنة.
وأضاف: “في هذا السياق، تظهر أحدث إحصاءات أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن متوسط عدد الأطباء لدى الدول الأعضاء فيها يبلغ 33 طبيباً لكلّ 10 آلاف شخص، في حين أن متوسط عدد الأسِرّة في المستشفيات يبلغ 48 سريراً لكلّ 10 آلاف شخص، أما متوسط العمر المتوقع فيبلغ 80.5 عاما”.
ورأى سلهب أن زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي ستُعالج إلى حد ما التفاوت في المؤشرات الصحية، مستدركاً: “إلا أنّ القيام بذلك يصبح أكثر صعوبة في ظل انخفاض أسعار النفط وتراجع الإيرادات من الموارد الطبيعية الثمينة”.
وزاد: “بالتالي يجد المسؤولون، أنّ عليهم بكل بساطة بذل المزيد من الجهود لتقديم الأفضل في ظلّ أسوأ الظروف، فمع ضيق الأحوال المادية، قد تؤدي زيادة كفاءة الرعاية الصحية في المنطقة إلى نتائج أفضل في بعض المجالات، من دون أن تشملها جميعها، في حين قد يشهد متوسط العمر المتوقع، على سبيل المثال، تحسناً، فمن المرجح أن يكون لزيادة الكفاءة تأثير لا يكاد يذكر على عدد الأطباء”.
وفي المقابل، أكد سلهب أن أدوات التحليل المُعتمِدة على البيانات أثبتت فعاليتها من حيث قدرة المسؤولين عن نظام الرعاية الصحية على بذل جهود التخطيط.
وأوضح أنه من خلال الاستفادة من البيانات التشغيلية وبيانات الاستخدام، وجمعها مع تحليل العوامل الاقتصادية، والاتجاهات الديموغرافية، وأنماط السكان الصحية، يمكن لصنّاع القرار في مجال الرعاية الصحية التخطيط بدقة أكثر للاستثمارات الرأسمالية وتعزيز الاستفادة من الخدمات الطبية إلى أقصى حدّ.
وذكر سلهب أنه في حالات متعددة، ومن خلال اعتماد هذه التدابير تمكّن المسؤولون من تطوير قدرات تصوّر الأنماط المكانية، وبالتالي تحديد المناطق التي تعاني نقصاً أو إفراطاً في تقديم الخدمات بشكل سريع، ونتيجة لذلك، العمل على تحسين أنظمة الرعاية الصحية الخاصة بها.
واستدرك قائلاً: “إلا أنّ تحسين أنظمة الرعاية الصحية يتطلب العمل على جبهات متعددة؛ فمعالجة مسائل القدرة والكفاءة والوقاية والجودة بشكل منفصل لا يمكن أن يؤدي سوى إلى نتائج محدودة. ولبناء نظم مستدامة للمستقبل، لابد من اعتماد نهج شمولي متعدد الأوجه لتحليلات الصحة في حال سادت الرعاية والجودة والتكلفة. ولكن قبل أن يتولى المسؤولون هذه المهمة المعقدة، يجب أن يتم العمل على تثبيت عدة عناصر أساسيّة في مكانها”.
وأضاف: “في الواقع، لا يمكن تحسين قيمة تحليلات الرعاية الصحية إلى أقصى حدّ إلا في حال توفّر العوامل المساعدة المناسبة على المستوى الوطني، وتشكّل الرؤية العامل الرئيس بينها”.
وأشار إلى أنه قبل المباشرة في تحليل البيانات، على الحكومات وأصحاب المصلحة اختيار مجموعة من المجالات ذات الأولوية، إضافة إلى تحديد الأهداف والنتائج المتوقعة من تحليلات الرعاية الصحية بشكل واضح،
ولفت إلى أنه بعد القيام بذلك، ونظرًا للعدد الكبير للجهات المعنية في أنظمة الرعاية الصحية الوطنية، ينبغي تحديد آلية واضحة لإدارة البيانات حرصاً على دقة المعلومات التي تخضع للتحليل وجدارتها بالثقة.
ونوه سلهب إلى البنية التحتية المناسبة والأطر التنظيمية تُعتبر من العوامل الرئيسية، وفي ما يختصّ بالعامل الأوّل، تتطلّب تحليلات الرعاية الصحية بنية تحتية تقنية مناسبة مثل السجلات الطبية الإلكترونية، والأجهزة القابلة للارتداء، وذلك لجمع البيانات بشكل دقيق وشامل.
وزاد: “ينبغي أن تكون البنية التحتية قادرة على دمج كميات كبيرة من البيانات ومعالجتها وتحليلها، الأمر الذي يتطلب على سبيل المثال افتراضية كبيرة واللجوء إلى قدرات الحوسبة السحابية”.
أما بالنسبة للأطر التنظيمية، فقضايا خصوصية البيانات في سياق الرعاية الصحية لها أهمية قصوى وينبغي أن تكون أساليب استخدام البيانات السرية وتخزينها شديدة الوضوح، وقال: “إن أخذنا هذه المسألة في عين الاعتبار، على الحكومات أن تحرص على توفير الضمانات المناسبة لحماية المنظمات، لا بل الأهم من ذلك، حماية المرضى”.
واستدرك قائلاً: “إنّما حتى مع وجود أطر عمل قوية، وبنية تحتية متينة، ونظم راسخة، فمن دون الأشخاص المناسبين، ستذهب الجهود المبذولة لاستخدام تحليلات البيانات بنجاح سدى، فالتنفيذ الفعال يتطلب الأشخاص المناسبين الذين يتقنون تحليل البيانات الضخمة، وهذا أمر ضروري يتغاضى عنه مسؤولو الرعاية الصحية”.
وأشار في هذا الصدد إلى أنه في دراسة استقصائية شملت الموظفين الفدراليين في الولايات المتحدة الأميركية، أعلن 29 في المئة فقط أنهم قد وظفوا خبراء مدربين على إدارة وتحليل البيانات الضخمة.
ونوه إلى أن الحكومات والجهات المسؤولة عن الرعاية الصحية في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها تبقى مؤهلة للاستفادة من كل ما يمكن أن تقدمه تحليلات بيانات الرعاية الصحية.