البوكيمون .. وحوش افتراضية تغزو الواقع وتثير هاجس التجسس
حكومات تكافح اللعبة .. والصين تخشى التجسس عليها
القاهرة / محمد عبوده
منذ أن بزغ فجر الاتصالات واحتلت شمسه حياة البشر أجمعين، باتت الظواهر الوليدة تنتشر وتستشري بشكلٍ جنوني وأضحت الموضة بشتى أنواعها وأشكالها تشكل هوساً بين الناس وخاصة أبناء فئة الشباب وكذلك المراهقين، وفي عصرنا هذا نجد الأطفال يتصارعون ليسبقوا بقية الأجيال في الوصول إلى كل أمرٍ شائع، فشرع الهوس لدى الأجيال الجديدة من عند عشق امتلاك الأجهزة الإلكترونية، مروراً بتحديثاتها وبرامجها، إلى أن وصل إلى الذروة عند فكرة السيلفي التي شكلت الـ ” تريند ” الأكبر لعام 2014 ومطلع 2015، وانتهاءً عند لعبة البوكيمون جو التي صارت بين عشيةٍ وضحاها حديث كافة وسائل الإعلام، المرئية منها والمقروءة، واشتعلت مواقع السوشيال ميديا بلهيب الفكرة، ولا نعلم ماذا يحمل لنا القدر في المستقبل القريب من مفاجأت أخرى.
وبين هوس الناس والتخوف من جانب بعض الحكومات، سنستعرض تاريخ البوكيمون منذ النشأة وحتى يومنا هذا…
أولاً: تاريخ البوكيمون
يمتد تاريخ البوكيمون إلى أكثر من عقدين وقد بدأت الفكرة بهوسٍ غريب لـ” ساتوشي تاجيري “، الياباني، باصطياد الحشرات وصغار الضفادع في صباه، وكان قد صرح بأن هذا شأن صنع أكبر متعةٍ في طفولته، فأراد للأجيال التي تبعت جيله أن تشاركه المتعة ذاتها، فالتجأ إلى صديقه كين سوجيموري ليصنعا معاً أول لعبةٍ إليكترونية وقد عزز ظهورها خروج إختراع الجيم بوي الذي كان طفرةً في عالم الألعاب الرقمية حينها وقد كانت اللعبة عبارة عن اصطياد بعض الحشرات التي تظهر على خطوطٍ متقاطعة، وقد مضى الوقت وتأثر ساتوشي تاجيري بالمسلسل الياباني ذي الصيت الكبير ” ألترا مان ” خصوصاً في فكرة الكبسولات التي تحتوي على وحوشٍ تساعد ألترا مان في التغلب على من يعاديه، وآنذاك كانت شركة نينتندو اليابانية الشهيرة قد شرعت في تمويل مشروع التحول الأضخم في عالم البوكيمون، ثم رأينا البوكيمون على مدار سنوات تتشكل في صورٍ أخرى إلى جانب الألعاب، مثل أوراق لعب البوكيمون ومسلسلات الأنمي التي انضمت إلى الظهير الياباني الفلكلوري المشهور، ألا وهو مسلسلات الكارتون التي شكلت وجدان الأطفال من شتى الأجيال، وها قد حلت الصورة الأجدد منها وهي تلك اللعبة التي جنت جنون العالم أجمع.
ثانياً: التعريف باللعبة
قواعد اللعبة: يستخدم اللاعب الكاميرا الخاصة بهاتفه الخلوي لدى استخدامه لتطبيق اللعبة، ثم يتم تحميل خرائط المكان ويعطى اللاعب بعض المعلومات التي تفيد بتواجد شخصيات (وحوش) في أماكن معينة ومتفرقة مما يستدعي تحرك المستخدم إلى ذلك المكان قاطعاً مسافاتٍ طويلة حتى وصوله للهدف الذي يحاول بعدها الإمساك به باستخدام شاشة الموبايل التي يظهر عليها الوحش، وتواجد الوحوش النادرة هو الذي يصنع الهوس الأكبر بين الشبان المتنافسين على تجميعها وزيادة التشكيلة الخاصة بهم…
ثالثاً: تخوف الدول وحكوماتها
بدايةً طرحت شركة ” نيان تك ” منذ بضعة أيام لعبة بوكيمون جو في خمس دولٍ فقط وهم: أستراليا، نيوزلندا، أمريكا، بريطانيا وألمانيا، على وعدٍ من الشركة بطرحها في أكثر من 200 دولة كخطوة مستقبلية على المدى القريب، ولكن المستخدمين حول العالم لم يؤتوا من صبرٍ على موعد الطرح الرسمي وغيروا إعدادات المتجر على هواتفهم النقالة لكي يتمكنوا من تحميلها باستخدام VPN.
وقد حذرت بعض الدول من تلك اللعبة وأبدوا تخوفاتهم من انتشارها:
مصر: تتابع الحكومة المصرية التطورات المستمرة للعبة وشغف الناس بها
الكويت: بدأت السلطات الكويتية المتمثلة في وزارة الداخلية في اتخاذ إجراءاتٍ حاسمة لمكافحة اللعبة.
الإمارات العربية المتحدة: حذرت دولة الإمارات من إمكانية انتهاك اللعبة لخصوصية المستخدمين من مواطنيها.
الصين: كان موقف الصين من اللعبة هو تخوفٌ شديد من أن تكون المخابرات الأمريكية والسلطات اليابانية قد أنتجت اللعبة لتكون وسيلة تجسس عليها، على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت تخوفاتها من خطورة اللعبة أيضاً!
وأخيرا اسرائيل: حذرت اسرائيل من استخدام جنود جيشها للعبة في المعسكرات وأماكن التدريبات العسكرية وجميع قواعدها، خوفاً من أن يتم استخدامها في إفشاء الأسرار العسكرية.
نهايةً: حققت اللعبة إيراداتٍ ضخمة جداً في فترةٍ وجيزة ورغم أن الشركة المنتجة لم تفصح رسمياً عن حجم الإيرادات ورقم التحميلات، إلا أن بعض المواقع أشارت أن في الولايات المتحدة فقط، تقدر بحوالي 1.6 مليون دولار يومياً وبحسب شركة نينتندو فإن إيراداتها بلغت 8.5 مليار دولار وقد زعمت شركة آبل الأمريكية أنه في وسعها التفوق على شركة نينتندو اليابانية باستخدام تطبيق بوكيمون جو على متجرها الخاص، لكن حجم إيرادات اللعبة ككل يظل غير مؤكد، لكن المؤكد هو أن بوكيمون جو قد تخطت جميع التطبيقات الأخرى والألعاب كافة!
رغم كل التخوفات والتحذيرات إلى أن هوس المستخدمين قد تغلب عليها، ولا زالت نوايا الشركات المنتجة مجهولة، هل هي لعبة أصدرت لغرض المتعة أولاً وجني الأرباح؟ أم أن هناك جهاتٌ تعمل في الخفاء وراء ذلك التطبيق؟ وهل يمكن أن تستخدم بعض أجهزة المخابرات تلك اللعبة للحصول على معلومات في المستقبل؟