ثقافة

قراءة في كتاب “طريق حاج اليمامة عبر وادي نعام والحريق”

 

الرياض – واس :
أنجز الباحث عبدالله بن سعد الدريس، كتاباً حقق فيه أحد طرق الحج القديمة المارة باليمامة بعنوان: “طريق حاج اليمامة عبر وادي نعام والحريق”.
ويقع هذا العمل الصادر من “دار ابن الأثير” في 144 صفحة متضمناً دراسة موجزة عن طريق حاج اليمامة من الحريق ونعام إلى مكة المكرمة و 12 مبحثاً حملت العناوين التالية: وصف الطريق في المصادر القديمة، وأدلاء الحاج في الطريق وصفاتهم، والوصية بالحج ومقدارها، وأمراء الحج، وزمن خروج الحاج وعودته، وكيفية الرحلة ومحطاتها، ونقل الحجاج بالحمل والإكراء، والموارد التي يردونها، والمبشرون بقدوم الحاج، وأثر الحج في نفوس الشعراء، والحج في الأمثال الشعبية.
وبيّن الباحث أن الله قد شرّف المملكة العربية السعودية منذ قيام دولتها الأولى؛ باحتضان الحرمين الشريفين، فقامت بأداء رسالتها تجاهها خير أداء، فأمنت الطرق التي كانت تعصف بها الأخطار، ويتخطف فيها الحجاج، وهيأت لضيوف الرحمن سبل الإقامة وأداء الحج والعمرة في راحة واطمئنان، وأشادت بنيان الحرمين الشريفين، ووفرت للحاج والمعتمر والزائر ما يحتاجه من تسهيلات خدمية وصحية ووقائية؛ تعين على أداء طاعتهم، وكانت هذه الدولة مضرب المثل في رعاية ضيوف الرحمن.
وأشار إلى أن للحج طرقاً معروفة ومسلوكة منذ القدم، وتشتهر تلك الطرق أو تخفى حسب الظروف السياسية والجغرافية للمكان، وأن من بين تلك الطرق التي خفيت أو ربما جهلت “طريق حاج نجد القديم” من وادي نعام والحريق إلى مكة المكرمة.
ويقع هذا الطريق في وسط اليمامة من الجهة الشرقية لجبال طويق في إقليم نجد، ويعد حلقة وصل بين أقاليم الجزيرة العربية، يمر به القادمون من البحرين وعمان، ومن يأتي عن طريقهما من بلاد فارس وما يليهما شرقاً، ولأهميته عني به الإخباريون والبلدانيون والمؤرخون والشعراء، وممن عني به من البلدانيين: إبراهيم بن إسحاق الحربي وابن الفقيه والهمداني وياقوت الحموي وابن بهرام الدمشقي.
وتطرق الباحث إلى سالكي الطريق وهم: أهل الحريق والرين والمليحات والقويعية، وشرقي الحريق وهم: أهل المفيجر ونعام والفرعة وأسفل الباطن والحلة والقويع والعطيان والحلوة، والقادمون من الشرق من أهل الدلم وجنوبي الخرج ومن يجتمع معهم من حجاج الخليج العربي وعمان، وكل مجموعة منهم تسمى “خُبرة”، وهي الجماعة في السفر، ومتى اجتمع للحج 10 خُبَر وصار عددهم ما يقارب الـ 100 حاج، أمّروا عليهم أميراً من أهل البلد في الحريق، موضحاً أن لكل قافلة دليلاً ويسمى “دليلة الحاج” أو “العراف” لمعرفته الديار والمسالك.
وكان الحاج يستعد للحج استعداداً كاملاً من جمع المال والمتاع والدابة، وتختلف قيمة الحج التي تؤدي إلى الجمالة من زمن لآخر؛ نظراً للظروف الأمنية وظروف الزمان من قحط وجدب.
ويجتمع حجاج أهل الخرج والحوطة والحلوة ونعام والمفيجر بطريقة منظّمة يسيرون عليها ويتجهون مصعدين نحو بلد الحريق وينتظرهم حجاج الحريق في الباطن، ويقام هناك سوق كبير للإبل والغنم، تفد إليه البادية ببضائعهم وأمتعتهم من سمن وأقط، ويستعد الحاضرة بمثلها من بضائع مثل بيع الدواب ولوازم الحج أو التأجير لعابرين من هذا الطريق، ثم يردون الحجاج “المدي” شمالي باطن الحريق، ويسمى “مدي الركية”، ويروون إبلهم ويملأون قربهم، ويأخذون معهم من الطعام التمر المصمل والشعثاء والقرص المجمور، ويصحب الرحلة بعض طلبة علم والمشايخ؛ لتعليمهم والتبصر بأمور دينهم.
أما محطات فقال الباحث إنه لم يتصد لها أحد بالتفصيل كما وصفت طرق حج البصرة والشام، لكنه اجتهد وعمل لقاءات مع كبار السن ممن حج عبر هذا الطريق؛ فاستفاد منهم في إيضاح بعض معالمه وأعلامه التي يمر بها ولا تعد بالضرورة الإجماع على ورودها من كل حاج، نظراً لتعرضها للجفاف أو كون غيرها أعذب منها إن كان ثمة خيار، أو الامتناع من ورودها لظروف تحول دون ورودها مع وفرة مائها كالخوف من الطريق.
يذكر أن هناك كتباً صدرت عن طرق الحج في الجزيرة العربية ومنها: “قوافل الحج المارة بالعارض من خلال وثيقة عثمانية” للدكتور راشد العساكر، و “طريق الحج الأحسائي .. المعالم والتاريخ” لمحمد بن علي الحرز، و “طريق الحج البصري بين النباج والرقعي” لعوض بن صالح السرور، و “درب زبيدة .. طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة” للدكتور سعد الراشد، و “طريق الحج البصري” للدكتور سعيد بن دبيس العتيبي وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى