ضمن فعاليات مهرجان الدمام المسرحي العاشر للعروض القصيرة قدمت فرقة “نورس” مسرحيتها “زوان” على مسرح إثراء مساء أمس الأول، والذي تنظمه جمعية الثقافة والفنون في الدمام بالتعاون مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي.
العرض يتناول أسطورة شعبية عن عين ماء يطلق عليها “زوان” دار حولها صراع بين القبائل التي كانت تعيش بمحاذاتها طال كل شيء، واستهدف الأرض والمال ومحاولة السيطرة باستخدام كل الوسائل، ومنها القتل ووأد الحب والخداع، فيما عمد جميع المتناحرين على إلصاق التهم بـ(راعية البئر الاسطورية) بهدف إخفاء أطماعهم وجرائمهم.
وأستخدم مخرج العمل ياسر الحسن والذي جسد احد الادوار إمكانات الممثلين الجسدية، فطوعها للتعبير عن الحدث في مشاهد متعددة، مع محاولته استغلال إمكانات المسرح التجريبي من اضاءة وبانتومايم وديكور بشري.
كان الأداء الجماعي للممثلين جيدا وخاصة في حركة الجسد، ولكن الملاحظة البارزة للجمهور هي الإضاءة التي لم تكن تكشف عن حالة الوجه وحالة الجسد اثناء الحديث، وذلك لأن اغلب إضاءة المسرحية كانت جانبية من كواليس المسرح، فيما غاب الممثلون نهائيا عند تمركزهم في عمق المسرح، واستخدام الإضاءة الخلفية لهم والمواجهة للجمهور مباشرة، وهو ما جعل المتفرج يبحث عن موقع الممثل لمتابعته، وكان من المتوقع أن تتم معالجة إشكالية الإضاءة بعد الملاحظات الكثيرة التي تلقتها المسرحية خلال مشاركتها في مهرجان الخليج المسرحي بالشارقة منذ فترة بسيطة.
كما غاب التركيز على أداء شخصية “جابر” التي جسدها مؤلف ومخرج العمل ياسر الحسن بعد انسحاب احد الممثلين، إضافة لانشغاله بمتابعة الحركة الإخراجية لطاقم العمل، كما اتسمت المسرحية بالإيقاع البطيء في الانتقال من مشهد إلى آخر، فيما رافق العرض اداء موسيقيا حيا من قبل الفرقة المكونة من (جعفر آل درويش ومرتضى منصور وحسين عبدالله وحسين واحمد السيهاتي)، وجسد المسرحية كل من (حسن وكميل ويحيى واحمد العلي، وياسر الحسن، واسحاق ال صفوان، وعلي محمد السبع والطفلة منار الغانم التي جسدت دور “زوان”).
الندوة التطبيقية
تلى العرض ندوة تطبيقية قدمت في قاعة عبدالله الشيخ بجمعية الثقافة والفنون بالدمام حول مسرحية زوان، أدارها الفنان مسبح المسبح وشارك فيها مخرج المسرحية والفنان البحريني عبدالله السعداوي الذي أكد على وجود تشابه كبير في الحركة بين الممثلين، وأن النهاية كانت معروفة منذ بداية العرض، وهنا تفتقد حالة الاندماج مع الجمهور، وفي نفس الوقت كان الصوت الصادر من الممثلين أكثر وضوحاً من أي شيء آخر، مضيفا ان النص يجمع ما بين الحاضر والماضي ولكن لم يكن هناك استغلال كاف من المخرج لهذا الجانب، منوها الى أن الموسيقى في كثير من الأحيان لم تكن في وضع مناسب لحركة الممثل.
وتحدث السعداوي عن إشكالية أن يكون المؤلف هو في نفس الوقت مخرجا وممثلا مما يجعله يميل لشيء على شيء آخر ويؤدي الى ربكة الممثل.
وفي مداخلة للمخرج ماهر الغانم قال: “لا أعتقد أن هناك أي حجة للمخرج وهو يعرض على مسرح أرامكو فكل الإمكانات متاحة للمخرج، وبالنسبة للعرض أرى انه كان طويلاً وبالإمكان اختصاره، حيث ان وتيرته كانت واحدة لا تتغير ولا تتيح للمشاهد التفكير مع المخرج والممثلين، رغم أن الممثلين يمتلكون طاقات وقدرات أكثر في التقدم مع العرض”.
وقال مدير الأمسية مسبح المسبح: ان الإشكالية الواضحة في العرض هي الإضاءة والرتم الذي لم يكن في حالة تصاعد مما أدى الى حالة من الملل في أداء الممثلين وأثر ذلك على المشاهد وجعله يحاول شغل نفسه بالحديث الجانبي بسبب انقطاع حالة الانسجام ما بين الممثل والجمهور.
عرض مونودراما
وشهد مسرح الجمعية العرض الثالث في المهرجان والذي حمل عنوان “هاملت اخرج من رأسي” من تأليف المسرحي فهد الحوشاني وتمثيل خالد الحربي ودراماتورج وإخراج صبحي يوسف، وتناول الحالة الإنسانية لكومبارس يسعى إلى البطولة بعيدا عن البقاء ولذا قام بالاعتراض على المخرج فعبر عما يشعر به تجاه المخرج والمسرح والتمثيل، وذلك من خلال مجموعة من التساؤلات عن الحياة والمسرح في آن واحد.
العمل جمع الإبداع في الكتابة من فهد الحوشاني والإبداع في الإخراج من المخرج والدراماتورج صبحي يوسف وأداء أقل ما يوصف أنه أخرج كل الطاقات والقدرات والخبرات من مخزون السنوات التي عاشها بين خشبات المسرح للفنان “خالد الحربي” والذي امتلك زمام المبادرة في الأداء والحركة الجسدية، والتي كانت لحد كبير مقنعة لدى الجمهور، والذي كان يتفاعل معه من خلال الحزن والصعوبات التي يعيشها في مقابل هاملت، وحالة الفرح التي كان يرويها وخاصة في طرح بعض القضايا الإنسانية المعاشة والتي كانت تحصد تصفيقا متكررا كردة فعل من الجمهور بالقبول لأداء خالد الحربي المبدع.
فعاليات اليوم
يذكر أن عرض اليوم سيكون لفرقة أرين المسرحية بعنوان “الساعة 12 ليلا”، وذلك على مسرح إثراء، في تمام الساعة السابعة مساء، فيما ستقام ندوة النص المسرحي بين التأليف والإعداد والعرض على مسرح الجمعية.