عودة الطيران إلى وضعه الطبيعي .. والدروس المستفادة
بقلم كابتن طيار – علي عبدالله حسين:
عضو مجلس ادارة مركز الطيران الكويتي
نعم، تعافت صناعة الطيران وتجاوزت أرقام الرحلات الجوية ما قبل الوباء في وقت سابق من هذا الصيف، وكان هناك طلب متزايد على حجوزات المقاعد، وهذا ما أكدته تقارير المطارات في منطقتنا.
دروس مستفادة نتعلمها يوماً بعد يوم؛ فبعد مواجهتنا لتحديات غير مسبوقة خلال الجائحة، عادت صناعة الطيران تتألق، وشهدنا في الاشهر السابقة أرتفاعاً في أعداد العملاء والذي بدوره أدى إلى زيادة عدد الرحلات، وكذلك طلب بعض الشركات للحصول على طائرات جديدة لتغطي شبكة وجهاتها وزيادة عدد رحلاتها. فهناك سوق واعد بانتظارنا.
تستقبل المطارات الملايين من المسافرين طوال العام، فقد واجهت هذه المطارات أثناء الجائحة العديد من القضايا والمشكلات كقيود السفر، وانخفاض الطلب على الرحلات، وكان عليها تطبيق بروتوكولات الصحة العامة، ومتابعة اجراءات الأمن والسلامة؛ حيث قامت تلك المطارات بسرعة بتكييف عملياتها لتلبية المتطلبات الجديدة وإعادة بناء الثقة مع عملائها، واعتمدت التسجيل الذاتي وغيره من الأنظمة الذاتية لتقلل من نقاط الاتصال المباشر. وكان مفتاح النجاح لتلك المطارات وشركات الطيران هو المرونة، فبقاء أعمالنا واستمراريتها والتكيف مع الظروف المتغيرة لتحقق غالبية أهدافها الإستراتيجية وبقية السياسات ذات العلاقة.
كان للتحول الرقمي للمطارات وشركات الطيران دوراً حاسماُ، وكان هذا النهج سريع التطور، يعمل على تغيير الطريقة التي تعمل بها المطارات وشركات الطيران، وساعدت على التغلب على الجائحة بشكل ملحوظ والتعامل بفاعلية مع النمو السريع؛ فكانت الأولوية لتطبيقات الهواتف الذكية، وللمنصات الرقمية، لتسهل من الاجراءات وتبسط تجربة العملاء وبنفس الوقت تقلل الهدر، وتوفر الوقت والمال، وتعزز التعاون بين أصحاب المصلحة في مجالات الطيران المحتلفة.
ومع استمرار التقدم التكنولوجي في تغيير صناعة الطيران، كان لا بد من تحديث البنية التحتية والشبكات، لتسهيل عمليات الطيران ولتلبي متطلبات العملاء وإدارة البيانات وجمعها وحفظها واستخدامها بأمان وكفاءة وفعالية وسرعة والتقليل من استخدام الورق. وباعتقادي الشخصي، فان اعتماد استراتيجية التحول الرقمي وكذلك الطيران الرقمي هو المفتاح للبقاء في المنافسة في السنوات القادمة.
وقد أدى التركيز المستمر على تجربة العملاء في المطارات وشركات الطيران للوصول إلى الريادة. فكلنا نعرف بأن تجربة العميل غالبا ما تبدأ قبل وقت طويل من موعد الرحلة، بحيث تقدم المطارات وشركات الطيران من خلالها تجربة سلسة من لحظة وصول العميل وتسليم امتعته في مبنى المغادرون وحتى وصوله لوجهته ومغادرته لمبنى الوصول. وأرى هنا أن نستمع إلى تجارب العملاء، وان نقوم بتصميم منتجاتنا وخدماتنا لنلبي فيها احتياجاتهم، وان نعتمد على التكنولوجيا لتبسيط عملياتنا ولنقلل الاعباء، سعياً منا لزيادة الإنتاجية للوصول إلى الربحية.
انتعشت صناعة الطيران بشكل كبير من خلال تعاون المطارات وشركات الطيران واصحاب المصلحة، وذلك من خلال الاتصال والتواصل المستمر فيما بينها وسط العديد من الامور المجهولة. ورأينا من خلال تجربتنا بانهم ارتقوا الى مستوى التحدي والمنافسة، وأعادوا ترتيب أولوياتهم، فكانوا مرنين، ومبتكرين للحلول، ومتعاونين. كانت لثقافة التعاون هذه تمكين كافة القطاعات من التكيف مع التحديات واغتنام جميع الفرص. كذلك، فإن شركات الطيران حالها حال المطارات، تواجه بيئة دائمة التطور، فعلينا أن نحتضن التغيير باعتباره فرصة جيدة للنمو.
النتائج المالية والعائدات المعلن عنها من قبل المطارات والشركات العاملة فيها مبهرة، وتعد مؤشراً واضحاً على تعافي قطاع الطيران وزيادة الطلب على السفر في منطقتنا. وان أداء العاملين في المطارات وشركات الطيران، فضلا عن نمو الشبكات وزيادة الوجهات، واستحداث بعض الشركات الجديدة يثبت قوة ادائنا وكفائتنا لتلبية احتياجات كافة العملاء.
ومع استمرار القطاع بالتعافي، واستفادتنا من تلك الدروس، فقد عاد الطيران إلى وضعه الطبيعي وفي نمو وازدهار ليحقق الريادة للمطارات والشركات العاملة بها.