ناقلة صافر .. مثال للتحدي البيئي والإنساني
بقلم – دكتور مهندس عبد الرزاق المدني*
خبير بحري ونفطي
إستكمالاً للمقالات السابقة بخصوص ناقلات النفط ومن واقع خبرتي المتواضعة في العمل في شركة فيلا البحرية التابعة لشركة أرامكو السعودية في مركز فيادي لمده تزيد عن ٢٦ سنه كأحد المسئولين فيها عن عشرات الناقلات والعمل في إدارة الجودة الشاملة (QAD) حيث كنت حريص على تطبيق القوانين والأنظمه والبروتوكولات الصادرة من المنظمة البحرية العالمية (IMO) وخاصة الاتفاقية الدولية لمنع التلوث الناجم عن السفن (MARPOL) لكي لا تتعرض أي من ناقلاتنا إلى حادثة مماثلة لما حصل في الالسكا منذ سنوات لناقلة النفط التابعة لشركة إكسون للنفط ( إكسون فالديز) التي كلفت الشركة أكثر من مليار دولار وأفلست بسبب تلك الحادثة
وكانت صافر التي يبلغ عمرها حوالي 47 سنه، وتحمل قرابة 1.1 مليون برميل من النفط الخام ولم تخضع لأي صيانة منذ عام 2015 حيث أدى وقوفها الطويل في ميناء الحديدة المسيطر عليه ااحثيون إلى تآكل هيكلها وتردي حالتها مما يهدد بكارثة بيئية. وتعد مشكلة ناقلة صافر مثالًا على التحديات البيئية والإنسانية التي تنشأ نتيجة النزاعات المسلحة والحروب. وقد تم العمل على حل المشكلة وإنهاء التهديد البيئي الذي تسببت فيه الناقلة.
ونحمد الله ونشكره لانتهاء مشكلة ناقلة النفط اليمنية صافر بعد سحب جميع النفط الموجود بها حيث تمت العملية المعقدة لنقل النفط من الناقلة اليمنية المتضررة بعد التأمين على عملية تفريغ النفط لسفينة أخرى
وقد قاربت تكلفة نقل النفط من ناقلة النفطية اليمنية صافر مبلغ 130,000,000 دولار تم تجميعها بواسطة الامم المتحده و أتوقع أن المملكة العربية السعودية شاركت في اكبر مبلغ لتفادي وقوع الكارثة التي كانت ستكلف اضعاف هذا المبلغ وسوف يتضرر اليمن الشقيق بالإضافة إلى سواحل السعودية وربما جميع سواحل البحر الأحمر ويقضي ذلك على الأحياء المائة ااموجودة فيه
لقد استغرق حل مشكلة ناقلة النفط صافر أكثر من خمس سنوات منذ وقع الحادث في مارس 2018 عندما تعرضت الناقلة لأضرار جسيمة أثناء الحرب الأهلية في اليمن حيث تعتبر صافر إحدى الناقلات العملاقة بحجمها وقدرتها على حمل كميات كبيرة من النفط. وقد تعرضت لهجوم بواسطة قوات الحوثيين في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن مما أسفر عن تلف الهيكل الخارجي للناقلة وتسرب كميات كبيرة من النفط إلى المياه البحرية. وكانت هناك مخاوف بشأن حدوث كارثة بيئية نتيجة لتسرب النفط وتلوث المياه والسواحل.
وقد استدعى ذلك تدخلًا سريعًا من الأمم المتحدة والأطراف المعنية للتعامل مع الوضع. وتم اتخاذ إجراءات لتأمين الناقلة المتضررة ونقل النفط منها إلى سفن أخرى، وذلك بهدف تفادي حدوث تسرب نفطي أكبر.
ومن هنا أدعو إلى ضرورة إتخاذ عدد من التدابير لمنع حدوث تسربات مستقبلية مثل:
الصيانة الدورية: تنفيذ الصيانة الدورية المعتمدة من هيئات التصنيف العالمية ومناسبة للناقلات للتحقق من حالة الهياكل والأجزاء الأخرى المهمة، وإجراء الإصلاحات اللازمة.
معايير السلامة البحرية: تطبيق معايير صارمة للسلامة البحرية والوقاية من التلوث في جميع جوانب عمليات النقل البحري، بما في ذلك إجراءات الشحن والتفريغ والتخزين والمعالجة وتطبيق المعاهدات الدولية الصادرة من المنظمة البحرية العالمية .
التدريب والوعي: ضمان توفر التدريب الملائم لأفراد الطاقم على سلامة الناقلة وإجراءات الوقاية من التسربات وتعزيز الوعي بأهمية حماية البيئة البحرية والتأكد من شهاداتهم
تكنولوجيا الكشف والمراقبة: استخدام تقنيات متقدمة للكشف المبكر عن أي تسرب نفطي ومراقبة حالة الناقلة بشكل مستمر خلال رحلاتها.
القوانين والتشريعات: وضع وتنفيذ قوانين وتشريعات صارمة للسلامة البحرية والحد من التلوث البحري، بما في ذلك العقوبات المناسبة للمخالفين.
* للتواصل مع الكاتب:
إيميل [email protected]