القيادة الصامتة
بقلم – فوزية أحمد:
القيادة مهارة ذو قيمة كبيرة في العديد من الوزارات والمؤسسات والشركات، ومع ذلك يمكن أن تتخذ أشكالاً وأنماطاً مختلفة وبدرجات متفاوتة من الإتقان والخبرة المهنية والإدارية لذلك هناك نمط من أنماط القيادة يسمى بالقيادة الصامتة والتي تعتبر إحدى أساليب القيادة الحضارية الحديثة الفعالة.
لمعرفة القيادة الصامتة وكل ما يرتبط بها، دعونا نتساءل بداية ماهي القيادة؟
الغالبية العظمى يعتقد بأن القيادة منصب للموظف ذو الخبرة المهنية الطويلة الذي التحق بالعمل منذ سنين، وله الأولوية بأن يكون بمنصب مدير إداري أو تنفيذي بالشركة وهو من يمثل القيادة فقط.
عندما نذكر كلمة قائد، الجميع يقوده تفكيره إلى شخصية مستبدة قوية يرتجف الموظف حين حضوره ويجب ان يقول له، سمعاً وطاعة دون أدنى تفكير وكأنه ذو فكر أجوف، لكن القيادة ليست صفة او شكليات او حضور قوي او حتى إدارة وإنما هي بشكل عام مهارة أو بتعبير أدق، مجموعة من المهارات وسلسلة من السمات الشخصية مثل الذكاء والكاريزما تندرج تحت هرم القيادة، ويتعلق بمدى القدرة على إدارة وتوجيه فريق العمل، ومن ثم إدارة التأثير لأفكار وسلوكيات الفريق وكذلك إقناعهم بالموافقة على السير معاً خطوة بخطوة نحو هدف واحد سامي مشترك، ومن يمتلك مهارة القيادة، لديه القدرة على توليد الحماس بين فريق العمل وأيضاً تنسيق جهد وطاقة الفريق لضمان اتجاه الهدف المتفق عليه وتحقيقه بشكل ناجح.
يتمثل دور القائد في الإشراف على كل خطوة والحفاظ على روح الفريق وإدارتها، ولكن هذا ليس دوره فحسب، بل القائد الماهر يجب عليه معرفة الطريقة الصحيحة والتوقيت المناسب لتفويض المهام لفريقه وكذلك هناك سمة أساسية للقيادة وهي القدرة على التحفيز والتأثير على فريق العمل وإدارة التخطيط والمراقبة والتنسيق والتوظيف وإيجاد الحلول وحل المشكلات بطريقة علمية منطقية حديثة ترضي الجميع وترتقي من المؤسسة أو الشركة.
ويجب الإلمام بأن القائد ليس مجرد مدير يدير الأشياء فقط وإنما لديه أدوار أكبر بكثير، فدوره لا يقتصر على إعطاء الأوامر، بينما يقدم مثالًا للجميع، ويحفز من حوله، ويشاركهم في طريقهم ويحولهم إلى فريق حقيقي، فنجد بأنه يتميز بمهارة الاستماع فيتحدث اقل ويستمع أكثر ويستمر بهدوء مهما كان محاطاً بضوضاء المكان والاحداث بعيداُ عن الثرثرة. وكما تعلمون في زحمة الحياة الصاخبة يمارس البعض التأمل واليوجا فقط ليعيش ويتنفس في خلوة وهدوء وبذلك يكون صمته مفيداً لأنه سيستمع إلى ما يقال في الواقع، على سبيل المثال، الشخص الذي يتحدث أقل في غرفة الاجتماعات، يعتبر أكثر حكمة ممن هم حوله في الغرفة، وهذا يقود إلى أن الصمت لا يعني فقط أنك تستمع بشكل أفضل، ولكن يتم الاستماع إليك باهتمام أكبر عند التحدث، فالصمت في عالم الصخب يجعل القادة أفضل، ويجب ان ندرك بأن هدوء القائد الصامت لا يعطي دلالة على الانطوائية والخجل والعزلة عن الناس، بل إنه يمتلك مهارة القوة الصامتة، لذلك يصنف بانه قائد إيجابي له دور كبير في قيادة فريق العمل، له حضور وكاريزما ويثق في قدرات فريق عمله و يجعلهم يحترمونه ويعتبرونه قدوة لهم فمناخ العمل للقيادة الصامتة تكون مبنية على الثقة المتبادلة، إن تكلم فكلماته مختصرة قوية، يعمل بهدوء بعيدا عن الازعاج والتوتر والعصبية بروح الفريق وبتواضع ذكي وعقلاني، يحفز فريقة للإنتاجية وتحقيق الهدف والرؤية بهدوء دون إزعاج وتوتر و عصبية بخطوات مدروسة بعيدة كل البعد عن التسرع اللامدروس وكل هذه المهارات تحتاج إلى خبرة وحنكة في الإدارة.
ولقد لمسنا الكثير من النجاحات في كيفية إدارة الازمات والمواقف من خلال جائحة كورونا وكذلك التنظيم الرائع والانجاز العالمي الذي تميز بالقيادة والإدارة الصامتة من خلف الكواليس بنجاح الإدارة الذكية في نجاح كأس العالم فيفا 2022، تألق وتميز بأكاليل رونق الإبداع، فكر وتنظيم خيالي جبار، فالأفعال هنا تحدثت بصوت يسمعه كل العالم، لذلك أعمل بصمت لتكون قدوة ملهمة للجميع.