مقالات

التعاونيات .. باب الأمل لفرص العمل

 بقلم – دكتور مهندس بحري عبدالرزاق المدني:

رئيس مجلس إدارة سمبا مارين

 

يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للتعاونيات التي حظيت بإهتمام قيادتنا الرشيدة فأدرجتها ضمن رؤية المملكة 2030 للوصول إلى 2000 جمعية فاعلة بحلول عام 2030 لتحقيق نقلة تاريخية في مجال التعاونيات بنسبة تقارب 82.5 ٪؜ حسب أهداف الرؤية الطموحة.

وعليه فالمأمول من إنشاء جمعيات تعاونية بالمملكة بحلول 2030 هو محاكاة دور التعاونيات حول العالم الذي فاق عددها ٣ ملايين جمعية ومنتسبيها تجاوز المليار ومائتان مليون دعم للقطاعات الخدمية والإنتاجية وتقليل نسبة البطالة والمساهمة في إقتصاديات الدولة وناتجها المحلي وزيادة فرص الإبتكار ودعم التنمية الشاملة.

وللوصول لأفضل أداء يجب ربط إستراتيجيات وأهداف التعاونيات برؤية المملكة 2030 لتقييم نسبة مساهمتها في تحقيق الرؤية ويفضل أن يكون هناك تقييم للتعاونيات من الإختصاص نفسه في مناطق ومحافظات مختلفة بغرض قياس وتحليل الفرق في الأداء وتحديد أسباب التفاوت إن وجدت للإستفادة من عناصر النجاح وتجنب أسباب الأداء المنخفض.

وللإستفادة المثلى من نتائج التقييم يجب أن تجرى عمليات التقييم بشكل دوري ورفع التقارير الدورية لمتخذي القرار ومشاركتها مع جميع العاملين والمشاركين في هذه التعاونيات حيث أن مبدأي المحاسبة والشفافية أصبحا قرينين لضمان الحصول على الحد الأقصى من ردود أفعال وأراء جميع المستفيدين مما يساهم في إستمرار التطوير ومواصلة سير العمل وضمان عنصر الإستدامة للنتائج والآثار التنموية
ومن هنا ونحن نحتفل باليوم العالمي للتعاونيات الذي يُقام في أول سبت من شهر يوليه منذ عام 1923، وشرعت الأمم المتحدة بالتعاون مع التحالف الدولي التعاوني بالاحتفال بهذا اليوم إبتداءً من عام 1995م، ويصادف هذا العام 3 يوليو.

ونحاول هنا أولاً تعريف الجمعية التعاونية:
هي جمعية مستقلة، تكونها مجموعة من الناس الذين يتعاونون طوعاً من أجل المنفعة الإجتماعية والإقتصادية، والثقافية المتبادلة والمفهوم العام لها إنه شكل من أشكال التضامن الإجتماعي، يرتبط به مجموعة من الأفراد بمحض إرادتهم لتحسين أوضاعهم الإقتصادية، وترتكز على دعامتين أساسيتين هما أن تساعد ذاتك، وأن يساعد بعضنا البعض.

وهناك العديد من الأنشطة تقوم بها الجمعيات التعاونية حسب تخصصاتها منها:
(الجمعية التعاونية الإستهلاكية) أو (الجمعية التعاونية الإنتاجية) أو (الجمعية التعاونية للبناء والإسكان) وهناك (الجمعية التعاونية الزراعية)، وكذلك (الجمعية التعاونية للثروة المائية)، وجمعيات مثل (الجمعية التعاونية للبترول)، و (جمعية التأمين التعاوني)، و (الجمعية التعاونية التعليمية)، قد تشمل الجمعيات التعاونية (جمعيات متعددة الأغراض).

وللجمعيات التعاونية تاريخ قديم نستعرضه فيما يلي:
في كتاب نشوء الحركة التعاونية وتطورها يورد الكاتب تاريخ الحركة في عدد من البلدان التي بدأت فيها الحركة التعاونية وكانت البلاد الثلاثة هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وبلدان من شرق أوربا التي عرفت إشتراكية الدولة في القرن العشرين هما روسيا وبلغاريا، وأربع بلدان عربية من أفريقيا وآسيا هي مصر والسودان وسوريا والعراق تمثل ما يسمى بالعالم النامي.

التعاون في الخارج:
في بريطانيا وتحت وطأة الفقر وعلى مبادئ روتشديل الشهيرة وعلى مدى فترة أربعة أشهر كافحوا لتجميع ما مجموعة 16 جنية إسترلينى كرأس مال. وفي 21 ديسمبر 1844م، إفتتحوا متجر به كميات محدودة من الزبدة والسكر والدقيق ودقيق الشوفان، وبعض الشموع. وفي غضون ثلاثة أشهر، توسعت بضائعهم لتشمل الشاي والتبغ، ذات جودة عالية، وبأسعار رخيصة توالى تأسيس التعاونيات في إنجلترا من مختلف الأنواع والغايات، وصدر أول تشريع حكومي عام 1852م، ثم شكلت الحركة التعاونية البريطانية الحزب التعاوني في أوائل القرن العشرين لتمثيل أعضاء تعاونيات المستهلكين في البرلمان، والذي كان الأول من نوعه.

للتعاونيات في المملكة المتحدة حصة سوقية قوية في مجال تجارة التجزئة الغذائية والتأمين والأعمال المصرفية، وصناعة السفر، وهي من أنجح التجارب التي أنتقلت إلى بقية دول أوروبا والعالم.

ففي فرنسا كان لأفكار فوريه أثرها فى تنظيم مصنع أجهزة التدفئة الذى أنشئه أندريه جودان 1817-1888م بناحية جيز بفرنسا سنة 1859م ثم حوله إلى جمعية تعاونية إنتاجية عمالية، وقد ألحق بهذا المصنع مستعمرة تعاونية، وهي عبارة عن حديقة يقع في وسطها الدار المشتركة، وتضم مدارس ومسرح وجمعية تعاونية إستهلاكية.

وتعتبر هذه التعاونية مقصداً للتعاونيين الذين يفدون إليها من كافة أنحاء العالم، وتنتشر بها التعاونيات الإنتاجية الزراعية والصناعات الغذائية وصيد الأسماك وتصنيعه، وتوليد وتوزيع الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية)، كما في تعاونية أنركوب، وهي صاحبة أكبر مصرف تعاوني عالمي.

في ألمانيا تشكل التعاونيات المصرفية الألمانية حوالي 75% من البنوك العاملة في ألمانيا، وتضم أكثر من عشرة ملايين عضو تعاوني، وجملة أصولها حوالي 390.5 مليون مارك، هذا بالإضافة للتعاونيات الزراعية، والتي تضم 6511 تعاونية تعمل في مجال الإئتمان والتوريد والتسويق وتصنيع الألبان والمجازر وتصنيع اللحوم والفاكهة والخضر وإنتاج النبيذ والتجارة وخدمات الكهرباء والآلات الزراعية وتربية المواشي والرعي وخطوط المياه وخدمات أخرى، وعدد أعضائها 4.6 مليون عضو، وقيمة تداول ما مقداره 94 مليار مارك عام 1999.

بالإضافة إلى التعاونيات التي تعمل في مجال العلف والأسماك والتبغ والعطارة والسماد والخبز والحلوى، وتعاونيات المهن الحرة وأهمها تعاونيات الأطباء التي تؤمن خدمات الشراء الجماعي للمعدات وتصميم وتأثيث العيادات، وتعاونيات الصيادلة التي تؤدي دور تاجر الجملة للعقاقير، بالإضافة للبنك التعاوني الألماني للأطباء والصيادلة وتعاونيات النقل، والتعاونيات الإستهلاكية، وتعاونيات الإسكان، وقد بلغ عدد التعاونيات في ألمانيا 10288 تعاونية، يشكل أعضاؤها 23% من حجم السكان، ورأس مالها الذاتي حوالي 20 مليار مارك.

في العالم : توفر التعاونيات 100 مليون فرصة عمل في العالم، وتتجاوز عائداتها في السنوات الأخيرة أكثر من ٢ تريليون يورو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى