بيل جيتس يعتبر المسلمين أكثر المتبرعين سخاء في العالم
جدة – سويفت نيوز:
تقدّم بيل جيتس المؤسس والرئيس المشارك في مؤسسة بيل وميليندا جيتس، والتي تُعتبر كبرى المنظمات الخيرية الخاصة على مستوى العالم، بالشكر لشعوب وحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصًا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، على الهبات السخية التي تقدموا بها لمساعدة المحتاجين والمنكوبين من مختلف أنحاء العالم، حيث يستعد غيتس لزيارة الكويت للمرة الأولى في الأيام القادمة بناءً على دعوة من صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، ليهنئ سموه على تكريمه من الأمين العام للأمم المتحدة بلقب “قائد العمل الإنساني.”
وفي هذا السياق، قال بيل جيتس في تسجيل مرئي بمناسبة إطلاق الرسالة السنوية لمؤسسة بيل وميليندا غيتس: “يُعتبر المسلمون أكثر المتبرعين سخاءً في العالم، عملاً بتعاليم دينهم الذي يحثهم على إيتاء الزكاة، وقد قمنا بالتعاون مع العديد من أصدقائنا في الشرق الأوسط، وتحديداً في المملكة العربية السعودية، حيث قاموا بجمع التبرعات من خلال ’صندوق الشفاء‘ بهدف المساعدة في القضاء على شلل الأطفال والتهاب السحايا. وبالتالي يمكننا من خلال التعاون والجمع بين خبرات كل منّا وقدرتنا على العطاء والمساعدة من أجل إحداث فرق كبير على صعيد تحسين حياة الفقراء.”
وفيما يتعلق بالتعاون مع دول العالم الإسلامي للارتقاء بمستوى حياة الأفراد، قال غيتس: “هناك الكثير من العمل الذي يمكن القيام به لمساعدة الفقراء في العالم الإسلامي، حيث تتميز دول العالم الإسلامي بكثرة فاعلي الخير والمتبرعين الأسخياء الذين لا يتوانون عن دعم مثل هذه القضايا أيضاً. وقد تواصلت مؤسستنا مع الكثير من دول العالم الإسلامي خلال السنوات الخمس الماضية، وقمنا ببناء علاقات شراكة قوية نتوقع لها المزيد من النمو، حيث نعمل مع البنك الإسلامي للتنمية في مجال الزراعة والصحة، كما نتعاون مع إمارتي دبي وأبوظبي في مجموعة متنوعة من القضايا، وتُشكّل أبوظبي تحديداً شريكاً حقيقياً لنا في جهودنا لاستئصال مرض شلل الأطفال، ليس فقط من خلال توفير الموارد المالية، بل أيضاً من خلال توظيف علاقاتها المتينة التي تتمتع بها لمساعدتنا في إيصال اللقاحات للأطفال في مناطق نائية من باكستان.”
وأبدى جيتس درجة عالية من الإعجاب بالدول المسلمة، من خلال قيام علماء المسلمين بدحض بعض الشائعات التي أُثيرت عن اللقاحات في تلك الدول، قائلا: “أُعجبت كثيرًا بمواقف العديد من علماء المسلمين اللذين واجهوا الإشاعات المغرضة حول تقديم اللقاحات للأطفال ضد مرض شلل الأطفال، وأصرّوا على أن حماية الأطفال غاية نبيلة يحثّ الإسلامُ عليها، وأنه من المهم تشجيع ودعم وحماية النساء اللواتي يقمن بإيصال اللقاحات إلى الأسر المحتاجة.”
وأضاف جيتس: “تجمعنا العديد من الأهداف المشتركة مع دول العالم الإسلامي بما في ذلك العمل على تخفيف حدة الفقر وتحسين الإنتاجية الزراعية بما يُلبّي الاحتياجات الغذائية وتجنّب انقطاع الغذاء، وبالتالي فإن هدفنا الأساسي هو تحسين حياة الأفراد بما يساعد في تحقيق الاستقرار والتوازن، فكل دولة وكل شخص في العالم الإسلامي يستحق دعمنا.”
ووضع كل من بيل جيتس وزوجته ميليندا في رسالتهما السنوية للعام 2015 تصوّرًا لما ستكون الأمور عليه بعد 15 عامًا في البلدان الأكثر فقرًا، وقالا في مقدمة الرسالة: “إأننا نعتبر أنّ الأعوام الـ15 المقبلة ستشهد إنجازات هامة يستفيد منها معظم الناس في البلدان الفقيرة. فهم سيتمتّعون بصحة أفضل ويعيشون لمدة أطول. وسيحصلون على فرص غير مسبوقة تتيح لهم الحصول على التعليم وتناول أطعمة مغذّية والاستفادة من الخدمات المصرفية عبر الهاتف الخلوي. هذه الإنجازات سيقودها الابتكار في التكنولوجيا – الذي يتراوح بين اللقاحات الجديدة والمحاصيل الأكثر تحملاً والهواتف الذكية والألواح الإلكترونية الأقل تكلفة بكثير – وهي الابتكارات التي تساعد في إيصال هذه الإمكانيات إلى عدد أكبر من الناس.”
جدير بالذكر أن مؤسسة بيل وميليندا غيتس قد أنفقت أكثر من ثلاثة مليارات دولار على تمويل المنح في العالم الإسلامي، كما خصّصت مبلغاً إضافياً قيمته 500 مليون دولار تستعد لإنفاقها في المزيد من المشاريع والبرامج. وكانت المؤسسة قد دخلت خلال الأعوام القليلة الماضية في عدة شراكات مع جهات حكومية وخيرية في المنطقة، بهدف الارتقاء بقطاع الرعاية الصحية العالمي. وكان من ضمنها استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة للقمة العالمية للقاحات بأبوظبي في العام 2013، والتي تمكنت من جمع أربعة مليارات دولار لمحاربة مرض شلل الأطفال، وكان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة قد تبرع بـ 120 مليون دولار، فيما تبرّعت مؤسسة جيتس بـ1.8 مليار دولار لدعم هذه البرامج.
كما قامت عدة منظمات خيرية من دولة الإمارات خلال السنوات الأربع الماضية، برصد منح لصناديق بلغت قيمتها 249 مليون دولار، بالتعاون مع مؤسسة جيتس، بما في ذلك تخصيص مبلغ 120 مليون دولار لمحاربة مرض شلل الأطفال، إلى جانب 33 مليون دولار لدعم التحالف العالمي للقاحات والتحصين. وأطلقت دولة الإمارات بتوجيهات من سمو ولي عهد أبوظبي، حملات لتطعيم أكثر من13.2 مليون طفل في شمال باكستان بين شهري يونيو وسبتمبر 2014، ما يعزز دور دولة الإمارات الفاعل في مساعدة ودعم المجتمعات التي لم تستطع المنظمات الدولية الوصول إليها وممارسة أعمالها فيها بنجاح، نظراً للتحديات السياسية التي تعاني منها.
وفي المملكة العربية السعودية، أطلقت مؤسسة جيتس شراكة مع البنك الإسلامي للتنمية، حيث قام البنك من خلالها بتوفير قرض قيمته 227 مليون دولار لمحاربة مرض شلل الأطفال في باكستان، فيما قامت مؤسسة جيتس بتخصيص منحة قيمتها 50 مليون دولار لتغطية تكاليف القرض. كما لعب البنك الإسلامي للتنمية دوراً محورياً في دعم القضايا التي تعمل مؤسسة غيتس جاهدة لحلها، حيث استضاف البنك مجموعة من علماء الفقه الإسلامي خلال مؤتمرٍ انعقد في مدينة جدة في شهر سبتمبر 2013، أكّدوا من خلاله على أهمية توفير اللقاحات للأطفال. كما استضاف البنك هؤلاء الفقهاء مرة أخرى بصحبة إمام الحرم المكي الشيخ عبدالرحمن السديس، وبالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي، في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في شهر يونيو الماضي.
هذا وقد سلّطت نسخة العام 2015 من الرسالة السنوية للمؤسسة، الضوء على التقدم الذي أحرزته المبادرات العالمية المختلفة التي أطلقتها المؤسسة خلال السنوات الماضية. وقد ركزت مبادرات المؤسسة على أربع مجالات رئيسية، هي الرعاية الصحية والزراعة والخدمات المصرفية والتعليم.
ويذكر أن المؤسسة كانت قد تمكنت خلال السنوات الخمس عشرة الماضية من إحراز تقدم ملموس في مجال الرعاية الصحية، حيث كان العالم ينقسم قبل العام 1990إلى نصفين؛ وكانت الغالبية العظمى من الأطفال في النصف الأول ملقحة ضد الأمراض المختلفة، وكانوا يتلقون العلاجات المناسبة لأمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي، وغيرها. وبشكل عام، كان معدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات ضمن النصف الأول، أقل من 1 بالمائة.
أما بالنسبة للنصف الثاني من العالم، فكانت نسبة تغطية اللقاحات للأطفال متفاوتة في أحسن الأحوال، بالإضافة إلى تعرضهم لسوء التغذية، وكانت أمراض الأطفال الاعتيادية بلا علاج، وبلغت نسبة الوفيات بين الأطفال دون سنّ الخامسة حينئذ حوالي 15 بالمائة.
وكانت المؤسسة قد ارتأت عند تأسسيها في العام 2000، أن توظيف الابتكار من شأنه أن ينقذ حياة الأطفال في المجتمعات الفقيرة، معتبرةً أن العدالة الصحية العالمية هدفٌ قابلٌ للتحقيق. وقد أدى الاستثمار المتزايد في مجال الرعاية الصحية إلى ابتكار لقاحات وعلاجات جديدة، وعليه انخفضت نسبة الوفيات بين الأطفال دون الخامسة إلى النصف بين عامي 1990 و 2015. وعليه تعتزم المؤسسة اليوم مواصلة الاستثمار في مجال الرعاية الصحية، بهدف خفض معدل الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة إلى النصف مرة أُخرى بحلول العام 2030.