ما هو تأثير الساعة البيولوجية على جسم الإنسان؟
د. أميرة على يوسف
هل لاحظت أنك تشعر بالنعاس في الضوء الخافت؟ وبالعكس تشعر بالحيوية مع شروق الشمس؟
هل لاحظت أنك يغلبك الخمول في أوقات معينة من اليوم؟ وبالعكس في أوقات أخرى تتمتع بالطاقة؟
في هذا المقال سوف نتعرف على أسباب هذه التغيرات خلال اليوم.
ما هي الساعة البيولوجية؟ وأين توجد في جسم الإنسان؟
الساعة البيولوجية ليست ساعة ذات دقائق وثوانٍ ولكنها عبارة عن مجموعة من الخلايا العصبية توجد داخل كل خلية ونسيج في جسم الإنسان، وتنظم ذاتيًا وظائف الجسم على مدار الساعة ومن هذه الوظائف:
- أوقات النوم والاستيقاظ.
- التنبيه عند الحاجة إلى تناول الطعام.
- توازن نسبة السوائل في الجسم وأيضًا درجات الحرارة.
- تدفق الهرمونات إلى الدم التي تؤثر على ضغط الدم وغيرها من العمليات الحيوية.
كيف تؤثر الساعة البيولوجية على الجسم؟
إن هرمون الميلاتونين (Melatonin) الذي تفرزه الغدة الصنوبرية الموجودة في الدماغ هو المسئول عن ضبط إيقاع الساعة البيولوجية.
يتحكم الضوء المتوجه نحو شبكية العين في إفراز هرمون الميلاتونين المسمى (هرمون النوم) فعند غيابه تنطلق إشارات عصبية من خلال العصب البصري إلى الدماغ ليحفز الغدة الصنوبرية على إفرازه.
ورغم أن ضوء النهار يؤدي دورًا حيويًا في ضبط إيقاع الساعة البيولوجية إلا أن نشاطها لا يخضع لسلطانه فحسب بل يستمر عملها حتى بعد غيابه ولكنه يعاني من الاضطراب.
وأيضًا يتعرض مستوى هرمون الكورتيزول في الدم للتغير طوال اليوم حيث يكون في أعلى تركيز له في الصباح وخاصة ما بين الساعة السادسة والثامنة صباحاً ويقل تدريجياً حتى يصل إلى أقل تركيز عند منتصف الليل.
كيف نستفيد من عمل ساعتنا البيولوجية؟
يمكننا تحسين أدائنا الفكري والجسدي بالتوافق مع طبيعة أجسامنا،
مع ارتفاع الهرمونات الصباحية المنشطة وهي الكورتيزول والأدرينالين وكذلك تنشط الذاكرة قصيرة المدى فيوصى بالقيام بالأنشطة الجسدية والفكرية، وهذه الهرمونات تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ونسبة الجلوكوز في الدم فيُنصح مرضى الضغط المرتفع ومرضى البول السكري بالتقليل من الإجهاد، ومن الضروري تناول علاجهم في الصباح الباكر حتى لا يتسبب مضاعفات للمرض.
ثم ينحدر مستوى النشاط مع اِنحدار الهرمونات في الساعة الثانية عشر ظهرًا فيقل الوعي والتركيز اِستعدادًا للقيلولة.
بعد الرابعة عصرًا ترتفع الهرمونات المنشطة ثانيةً وتنشط الذاكرة بعيدة المدى فيكون الشخص أكثر مرونة في اِستيعاب المعلومات المنطقية والعقلانية وهذا الوقت مناسب لعمل التمارين الرياضية.
مع إفراز هرمون الميلاتونين في الليل يكون إنذارًا للجسم للخلود إلى النوم لأنه يقل عمل جهاز المناعة ويكون الجسم أكثر عرضة للالتهابات وكذلك تقل حركة الأمعاء فمن الأفضل أن تكون وجبة العشاء غير دسمة لأنها قد تودي إلى اضطرابات بالجهاز الهضمي أو الإصابة بالسمنة؛ فيجب عدم تجاهل هذا الإنذار والاستعداد للنوم.
أسباب اضطراب الساعة البيولوجية.
- عدم قضاء وقت كافٍ في الإضاءة الطبيعية.
- العمل في فترات ليلية أو متغيرة.
- السفر عبر النطاقات الزمنية المختلفة قد يخل من عملها حتى يعتاد جسمك على التوقيت الجديد.
- عدم الحصول على فترة كافية من النوم.
- انشغال الناس وإدمانهم على أجهزتهم الإلكترونية قبل النوم يؤثر سلبًا على ساعتهم البيولوجية ويتسبب الأمر في عدم إفراز هرمون الميلاتونين بشكل كاف ويزداد بذلك معدلات الإصابة بالقلق.
نتائج هذا الاضطراب.
تراجع معدلات وساعات النوم لدى الشخص وتحديدًا في أخر الليل، فيصبح عرضة للإصابة بعدة من الاختلالات مثل الشعور بالنعاس والصداع وفقدان الشهية.
يزيد خطورة الإصابة بأمراض معينة مثل أمراض القلب والبول السكري.
ويعد هرمون الميلاتونين من مضادات الأكسدة، ففي حالة إفرازه بمستوى أقل قد يعرض الجسم للإصابة بالسرطانات.
بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية كالأرق والاكتئاب وضعف التفاعل مع الناس وتعكر المزاج والنسيان والكسل.
كيفية ضبط ساعتنا البيولوجية؟
- الاهتمام بتعتيم المكان والبعد عن المحفزات السمعية والبصرية قبل النوم.
- الابتعاد عن المنبهات والوجبات الدسمة في المساء.
- تجنب النقاشات والمحاورات الحادة التي ترفع مستوى هرمون الأدرينالين في الجسم.
- ممارسة بعض الأنشطة والتمارين خلال النهار.
- الاستيقاظ مبكرًا، وأفضل محفز للاستيقاظ هو الضوء وخصوصًا ضوء الشمس.
فسبحان الخالق المدبر لهذا الكون القائل في كتابه العزيز:
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) يونس 67.