العودة المرعبة.. كورونا يطل برأسه من الصين مجددًا
في وقت تسعى لوقف أكبر تفشٍ لجائحة كوفيد-19 في ستة أشهر، عزلت السلطات الصينية مدينتين إلى الجنوب من بكين وقطعت الطرق البرية المؤدية إليهما مانعة ملايين المواطنين من مغادرتهما.
وتقول السلطات، إنها تمكنت حتى الآن من السيطرة على الوباء على نطاق واسع، منذ رصده للمرة الأولى في ووهان نهاية 2019. ونجحت في القضاء بسرعة على بؤر محدودة عن طريق إجراء فحوص جماعية وفرض تدابير إغلاق محلية وقيود على التنقل.
غير أن سلطات إقليم هيبي سجلت 127 إصابة جديدة بكوفيد-19، إضافة إلى 183 إصابة لم تظهر على أصحابها أعراض، الأسبوع الماضي. والغالبية العظمى من الإصابات سُجلت في مدينة شيجياتشوانغ التي تعد عدة ملايين نسمة في إقليم هيبي الذي يصل إجمالي عدد سكان المناطق المحيطة به إلى 11 مليون نسمة. كما سجلت تسع حالات مؤكدة في مدينة شينغتاي البالغ عدد سكانها سبعة ملايين نسمة.
إلى ذلك مُنعت جميع السيارات والمواطنين من مغادرة المدينتين إلا في حال الضرورة القصوى، وفق ما أعلنت سلطات هيبي الجمعة. وتعهد المسؤولون إجراء “مراقبة صارمة لحركة تنقل الناس والسيارات” مع وضع جميع المناطق السكنية تحت “إدارة مغلقة”، وهي عبارة يقصد بها الإغلاق.
كما مُنع أهالي هيبي من دخول بكين أو مغادرة الإقليم إلا في حال الضرورة القصوى.
“مستوردة من الخارج”
من جهته، قال لي كي رئيس مركز هيبي لمكافحة الأوبئة في مؤتمر صحافي الجمعة، إن “حالات التفشي مستوردة من الخارج، لكن خبراء الدولة والإقليم والبلدية يجرون تحقيقاً معمقاً لمعرفة المنشأ”.
وكثيراً ما يحاول المسؤولون الصينيون ربط بؤر الإصابة المحلية الجديدة بسلالات من الفيروس تنتشر في الخارج، معتبرين أنها دخلت الصين من مسافرين عائدين وأغلفة أطعمة مستوردة ملوثة.
ويتصاعد القلق إزاء خطط سفر مئات ملايين الأشخاص لمناسبة السنة القمرية، إذ يخشى من إلغاء الاحتفالات بسبب الفيروس. وبدأ المسؤولون في الإشارة إلى عطلة غير صاخبة، تستمر من 11 إلى 17 فبراير، من دون احتمال إقامة مآدب وحفلات واحتفالات عامة.
“التجمعات ممنوعة”
من جانبه، قال كانغ سن من سلطة الزراعة والشؤون الريفية، إن “الاحتفالات الجماعية والتجمعات والمعارض ممنوعة”، مضيفاً أنه “حتى الجنازات يجب أن تكون مقتضبة”، مؤكداً على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة لجميع الفعاليات العامة.
ويبدو أن تصريحاته التي نقلتها وسائل إعلام حكومية، موجهة إلى قرى في مناطق حول العاصمة، وليس المدينة نفسها.
وتم تشديد الإجراءات في المدينتين الواقعتين في إقليم هيبي الجمعة. وتم تعليق خدمة نقل الركاب لمسافات بعيدة في المدينتين، وأغلقت الطرق السريعة.
إلى ذلك أظهرت مشاهد التلفزيون الرسمي “سي سي تي في”، المواطنين وهم يخضعون لفحوص الكشف عن الفيروس من جانب موظفي صحة بلباس واق، في مراكز محلية في شيجياتشوانغ مع طوابير انتظار طويلة أمام المراكز. وانتشر عناصر فرق مكافحة الفيروس على الطرق السريعة المؤدية إلى المدينة، والتي أقيمت عليها حواجز كما أظهرت الصور التي نشرت الخميس.
تطعيم مواطنين
والجمعة، أفاد إقليم هيبي عن 33 إصابة جديدة مؤكدة بكوفيد-19، تضاف إلى 51 إصابة الخميس، ما يرفع الحصيلة اليومية على مستوى البلاد إلى أعلى عدد في خمسة أشهر.
وحتى الآن تم فحص قرابة 6,7 مليون شخص في المدينتين، وفق ما أعلن المسؤولون الجمعة.
وانتشرت صور لموظفين يقومون بتطعيم مواطنين بلقاح سينوفارم الصيني الذي حصل على موافقة حديثاً، والبالغة نسبة فعاليته 79%.
وفرضت إجراءات تأديبية على ثلاثة مسؤولين من منطقة غاوتشنغ أكثر المناطق المتضررة في المدينة، ومركز تفشي البؤرة الأخيرة، بسبب إهمال على ما يبدو في مكافحة الفيروس، وذلك في مؤشر على الضغط الذي تتعرض له السلطات المحلية للقضاء على الفيروس أينما ظهر.
اللقاحات مجاناً
أعلنت السلطات الصينية، السبت، أنها ستقدم لقاحات للوقاية من كوفيد-19 مجاناً بمجرد أن تكون متاحة للجمهور.
وقال تشنغ توشنغ وي المسؤول باللجنة الوطنية للصحة إن الحكومة يمكنها توفير اللقاحات مجاناً للأفراد رغم تكاليف التصنيع والنقل، مضيفاً في مؤتمر صحافي: “لا ينبغي أن يدفع شعبنا سنتاً واحداً مقابل اللقاح”.
ووافقت الصين في أواخر ديسمبر على أول لقاحاتها للاستخدام العام. وتم بالفعل إعطاء ثلاثة لقاحات لمجموعات محدودة معرضة لخطر الإصابة بالعدوى، بمن فيهم العاملون في المجال الطبي، من خلال برنامج للاستخدام في حالات الطوارئ.
كما وسعت نظام التطعيم في منتصف ديسمبر ليشمل المزيد من المجموعات الرئيسية مثل العاملين في قطاعي الغذاء والنقل العام في محاولة لوقف عودة ظهور الفيروس في فصلي الشتاء والربيع.