الشيخ محمد بن خالد آل نهيان : الإنسانية الباقية
بقلم : خالد السقا
لطالما أنجبت دولة الإمارات العربية المتحدة أفذاذا من الرجال الذين أثروا تاريخنا الخليجي والعربي بل والإنساني بعظيم ما صنعوا وتركوا من أثار ظلت شاهدة وباقية على قيمة وأدوار أولئك الرجال الأفاضل، ومن بينهم يبرز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان “رحمه الله” الذي أسهم في وضع بصمة إنسانية إلى جانب كثير من عظماء الدولة ورجالاتها الذين منحونا أحد أجمل وأنبل التجارب في تطوير الشعوب وقدراتها والانتقال بها إلى حيث تستحق وتتطلع.
يضيق المقام بالحديث من خلال مقال عن الشيخ محمد بن خالد “رحمه الله”، ولكنها رؤية في التماس تلك السماحة الإنسانية، والعطاء الفريد لشخصية ملهمة نسهم بجهد المُقل في تتبع أثرها وتأكيد جدارتها بأن تبقى في ذاكرتنا الإنسانية كأحد العناوين الراقية والرائعة في مسيرة نهضتنا ونمونا وبناء أوطاننا.
كان رحمه الله نموذجا ومثالا في حب المعرفة حيث شغفها منذ صباه، ولم يترك مجالا معرفيا إلا وطرق بابه، وإلى جانب اكتسابه من قراءاته وأساتذته الذين تتلمذ علي أيديهم، نال نصيبه الوافر أيضا من المعرفة عبر مجالسة والده وصحبته ومشاركته في المجالس الاجتماعية المتنوعة، إضافة إلى مشاركته في الفعاليات الحكومية في إمارة أبوظبي، وذلك أسهم في صناعة شخصية تتمتع برقي الذات، وسعة الأفق، مع مزيج من الحكمة والحنكة والكياسة والفطنة.
تلك الشخصية بما حصدته من قاعدة معرفية رصينة ومتينة جعلته من الركائز الوطنية الأساسية في إمارة أبو ظبي، وتولى فيها العديد من المناصب بداية من ممثل للحاكم في جبل الظنة في أوائل الستينيات، ونائب رئيس الدائرة المالية عام 1966م، وعضو بمجلس التخطيط عام 1968م، ورئيسا لدائرة الجمارك والموانئ عام 1969م، ووزيرا للمواصلات والتي تشمل دائرة الموانئ ودائرة البريد ودائرة الطيران المدني عام 1971م، ثم رئيسا لدائرة التنظيم والإدارة، ورئيسا لمجلس الخدمة الوطنية.
وبعد مسيرة بذل وعطاء كبيرة على امتداد دولاب العمل العام، والمشاركة الإثرائية الفاعلة في بناء الدولة الوليدة، أفسح المجال لآخرين متفرغا لأعماله الخاصة والاستمرار في العمل المجتمعي والمعرفي فقد كان “رحمه الله” محبا للتعليم والقراءة ملتصقا بالنهل الثقافي وفعالياته وتتبع الجديد في عالم الفكر والأدب والثقافة.
كما قدم نموذجه الفاضل أيضا على الصعيد الأسري والتربوي حيث أوجد الوقت المناسب لتعليم أبنائه ومتابعة تحصيلهم ومعرفة توجهاتهم وتشجيعهم على تطوير الذات وغرس الفضائل في أنفسهم فكانوا نعم الغرس الصالح وعكسوا كل الخصال الحميدة والإنسانية الكريمة فكانوا أبرارا لوالديهم ووطنهم ومجتمعهم، كيف لا وهو الذي عُرف طوال حياته بإنسانيته الراقية ووطنيته العتيدة حيث واصل العمل من أجل بناء الوطن من خلال كثير من المشاريع العملاقة التي قدمت قوة دفع لمسيرة البناء في دولة الإمارات الشقيقة، وهي الآن تستمر على ذات المنهج الذي بدأه حيث يواصل أبناؤه البررة الكرام منهج الوالد “رحمه الله” في كل ما عمل لأجله، وفي هذا السياق يبرز مركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي كعنوان عريض للعطاء الذي يؤسس لقاعدة معرفية لأجيال الوطن ويخدم المجتمع تحت شعار “نحو شراكة اجتماعية وثقافة واعية” وذلك ما يعزز دوره التاريخي الأصيل في مسيرة حافلة بالعطاء التنموي والإنساني “رحمه الله” وتقبله أحسن القبول.