مقالات

ماذا إستفدت من الجائحة كورونا ؟ ( ٧)

بقلم – دكتور مهندس عبد الرزاق المدني:

لقد كانت مقالاتي السابقة عن كيف تستفيد الدول العربية من الجائحة لنخرج بإتحاد عربي قوى ونعيد مجدنا بإذن الله
أما اليوم فسأتكلم عن تجربتي الشخصية مع الجائحة حيث أمضيت أياماً طويلة قرابة ٣ أشهر في بيتي مع أفراد عائلتي بعد زواج الخمسة الآخرين وإستقلالهم كل له حياته الخاصة في منزله مع أسرته فهذه سنة الحياة وفي هذه الفترة لم أشعر بتغيير في حياتي عن سابقة الجائحة ومنذ تقاعدي المبكر من العمل في أرامكو في عام ٢٠٠٥م (حيث كان عمري ٥٢ سنه) وبعد العمل فيها ٢٥ سنة لأنني بيتوتي وأحب الجلوس في البيت وقضاء أعمالي عن بعد من خلال الحاسب الآلي والجوال حيث تتوفر كل البرامج التي تساعد على ذلك وتعلمت العمل عليها منذ زمن طويل لأنني أعشقه منذ بداية دخوله للمملكة وكنت أحرص دائماً على إقتناء آخر تحديث لبرامجه وأحب إقتناء كل جديد في عالم التقنية وأشتري آخر صيحه منها عند سفري خارج المملكة لتأخر وصولها إلى سوقنا وكنت أحب السفر كثيراً
جاء الحجر المنزلي ليحدث بعض التغير في نمط حياتي اليومية لوجود أوقات إضافية أنعم الله بها علينا لنستفيد فيها لتنمية قدراتنا العلمية والعملية والثقافية وخلافه
لنستزيد فيه من التأملات والقراءة وذكر الله وإنتظام في النوم وغير ذلك من أمور كثيرة
لقد إكتشفت أموراً كثيرة لم يسبق لي التفكير فيها وتغيرت فيها بعض العادات وخاصة صلاة الفجر التي كنت أحرص على أداءها في المسجد والبقاء في المسجد لقراءة القرآن والأدعية لحين شروق الشمس لأداء ركعتي الشروق وصلاة الضحى لكسب أجر عمره والحمد لله والله يتقبل منا صالح الأعمال وبعد عودتي أمر على حديقة وحوش ومسبح في منزلي مع السائق لتفقدها وإعطائه التعليمات إذا هناك أي ملاحظات صيانه أو نظافه ومن ثم أبقى في مكتبي المتواضع في البيت لإنجاز بعض الأعمال ومتابعة أعمال أخرى حسب جدول أعمالي اليومية وأمكث إلى قبيل منتصف النهار ثم أعود إلى أمور أخرى منزليه وتناول الإفطار الذي تعده غالباً شريكة حياتي (أم أيمن) متعها الله بالصحه والعافيه التي قضيت معها أكثر من ٤٣ عاماً منذ زواجنا عام ١٩٧٧م وكانت السبب في نجاحي وساعدتني كثيراً في الحصول على شهادة مهندس بحري حيث كنت في المرحلة النهائية من الدراسة وكانت الزوجة والأم والأخت و كان حنانها وإهتمامها بي وبأولادها يفوق الوصف والحمد لله
لقد جعلت الجائحة حياتي أكثر هدوءاً وسعادة بقضاء وقت أطول مع أفراد أسرتي زوجتي والإبنتين الباقيتين اللتان لم يشاء الله لهما الزواج بعد
لقد اكتشفت مواهب إبنتيّ حيث أنهما يُجيدان القيام بالعديد من المهارات مثل تجهيز الأماكن للإحتفالات لأنهما مهندسات وكذلك عمل الأغذية اللذيذة المتنوعة وخلق الأجواء التي تدخل السرور والبهجه على النفس لتغير الجو في هذا العزل المنزلي وكذلك القيام ببعض الأعمال التي يتطلبها عملي من تصميم بوسترات أو كتابة خطابات وغير ذلك من أمور أسندها لهما.
ومن ضمن ما إكتشفت حب أبنائي وأحفادي عبر اتصالاتهم التليفونية المستمرة وكذلك عبر وسائل التواصل الإجتماعي المرئية والمقروءة للإطمئنان علي والسؤال عني ونصحي بعدم الخروج من المنزل لخوفهم علي وخطورة ذلك علي
لقد أكدت الجائحة لي فعالية التعليم عن بعد وذكرتني بأيام كانت قبل أكثر من ١٧ سنه كنت أمثل عدة جامعات عالمية ترغب إلحاق الطلبة السعوديين بها للدراسة عن بعد ولكن كانت وزارة التعليم العالي لا تعترف بتلك الدراسات وكنت أحاول إقناعهم وللأسف لا حياة لمن تنادي
من ضمن ما إستفدت أنني أحضر عدة دورات وورش عمل وإجتماعات من خلال البرامج الإلكترونية وكما أنني أتحكم بإدارة مكتبي والموظفين معي وكل ما يتعلق بعملي كذلك اللقاءات العائلية وأنا في منزلي والشكر لله
لقد كشفت كرونا لي من هم أحبابي وأصدقائي ليس ذوي المصالح والمتواصلين معي
لقد أكدت لي الجائحة بأنه يجب على كل شخص أن يراجع حساباته ويعدل تصرفاته ومعاملته للناس والرجوع إلى الله حيث أنها إنذار لمن إنحرف عن طريق الصواب ليصحح حياته والله يردنا إليه رداً جميلاً ويحسن خاتمتنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى