الوقاية خير من العلاج
بقلم – أميمة زاهد:
يطالعنا الإعلام بجميع قنواته بين لحظة وأخرى ليخبرنا عن وقوع حادثه غريبة جداً على مجتمعنا… منهم من يقول بأنها الحادثة الأولى… أو هي حادثة دخيلة هزت مجتمعنا، وهناك من يصفها بأنها حادثة غريبة أو شاذة في تفاصيلها وأحداثها وأطرافها على مجتمعنا..
وتتوالى أخبار الحوادث الغريبة والمآسي المفجعة، وتتفاقم الغرائب وتنهال العجائب فوق رؤوسنا، ونصفها دائماً بالعديد من المسميات، ولكن المضمون متشابه والنتيجة واحدة، وهي الاستغراب والشجب والندب والتنديد والاستنكار، يؤسفني أن أقول بأننا نصور أنفسنا دائماً فوق صفات البشر، وبأننا مجتمع مثالي خالٍ من الأشرار، فهم دخلاء علينا، ونقول لأنفسنا بعد كل حادثة: ترى من أي كوكب هبط أولئك الغرباء المتوحشون؟ إن كل ما علينا باختصار هو معرفة لماذا؟ وكيف؟ والحل للتقليل من الاستنكار، وليس للحد نهائياً من السلوكيات السلبية، فالوضع الطبيعي هو وجود الخير والشر؛ لأن هناك ثواباً وعقاباً وإلا لماذا خلق الله سبحانه الجنة والنار؟ فالجريمة موجودة قبل أن يكون هناك مجتمع متكامل، ونفذت أول جريمة في التاريخ في بداية الحياة البشرية في زمن سيدنا آدم عليه السلام، بسبب الغيرة والحسد من قابيل،
ورغبته في الحصول على حق ليس من حقه. وتوالت بعدها الجرائم والجنح والجنايات، باختلاف مسمياتها، على المجتمعات، ولم يمنع ذوو النفوس الشريرة أن تظهر انتقامها، وتبث حقدها وتنفث سمومها، حتى في زمن الرسل والأنبياء، وهناك العديد والعديد من القصص التي نعرفها جميعاً في هذا المضمار،
منها ما حدث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي مواقف يشيب لها الشعر؛ لأنها حدثت في عهد النبوة، ولم يمنع وجود سيد البشرية علية أفضل الصلاة والسلام بين أولئك البشر من ارتكاب تلك الجرائم، وحتى في عهد الصحابة كم من الحوادث التي قرأنا عنها وشعرنا بغرابتها وفداحتها؛ لأنها حدثت في زمن قريب من عهد النبوةن فإذن الجريمة متواجدة منذ الأزل، ولا بد أن نبعد عن أذهاننا فكرة أنها حوادث غريبة، وهذا ليس تشاؤماً،
ولكن لنعتبره صحوة نصحح من خلالها مسارنا وأسلوب حياتنا، ونقيم أخلاقنا وتعاملنا مع من حولنا من البشر، نواجهها بما نحمله في أعماقنا من ألم وحزن، ونحمد الله على أننا مجتمع يطبق حكم الشرع على كل من تسول له نفسه الضعيفة بالتعدي على حرمات الله، والبعد عن كل ما أحله الله، والقيام بتنفيذ العقوبات بصرف النظر عن الفاعل، وهذا ما جعلنا ولله الحمد من أقل المجتمعات في عدد الجرائم،
ومن أكثر الدول أمنا وسلاماً، ولكن هناك أمر جد مهم لا يغفله ذوو الأمر، وهو لا بد أن تنشط وتتكاتف جميع الجهات المعنية بالتفكير والبحث والدراسة، وتجتهد أكثر من ذي قبل؛ لمعرفة الأسباب وراء الصعود المتزايد لمثل هذه السلوكيات المشينة، ولا نستهين بالتصرفات غير السوية، بل يجب التقويم والتعديل والتوجيه منذ طرح البذرة، وليس بعد أن تثمر ثمار سوء، وبعدها نقول لماذا وكيف ولم حدث ذلك؟ فالوقاية خير من العلاج