ماذا فقد العالم وملكناه؟
عبدالله بن محمد بن سليمان اللحيدان*
يالعظيم نعمة الله علينا في تلاحمنا وتضامننا مع بعضنا لسلامتنا ومجتمعنا ، قد تلاحمنا وتضامنا حكاماً ومحكومين ، مواطنين ومقيمين ، حتى إن العالم أجمع قد لاحظ فينا ما يجعلنا قدوة لمن طلب الخلاص ، فالتوجيهات تنساب من القمة بكل إخلاص واحترام لتجد التطبيق يتم بكل سلاسة والتزام ، فما الموجود عندنا وهو المفقود عند غيرنا ؟ إنها يا كرام عدة أمور جماعها أمر واحد سنبينه في الختام ، وأول هذه الأمور – والتسلسل غير مقصود لذاته – يتمثل في طريقة النظام الذي نتفيأ ظلاله وهو نظام نبذ التعددية الحزبية في سياسة علاقة الناس ( الشعب ) بمن يسير أمورهم ( الحكومة ) ، فلن تجد ( مع ) يقابله ( ضد ) في هذه العلاقة ، بل الجميع بحول الله ( مع ) ، ومصدر ذلك قول الحق تبارك وتعالى ( فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) ، والثاني مما ميزنا وجعلنا في صراع الجائحة متفوقون هو( الثقة لدينا ) ثقة أولاً بالله ربنا سبحانه وتوكلنا عليه وحده ويقيننا أن ما أصابنا لم يكن ليخطأنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) وذلك يورث لدينا الرضا والتسليم مع بذلنا الأسباب المشروعة التي مرتكزها الثقة الأخرى وهي ثقتنا بمن ولاه الله أمرنا وسدده ، فما يسنه من سبب أو يوجه به من امر فالقبول له محل لدينا فما ظنك بمن حاله كلها رضا وقبول نتيجة ثقة راسخة صادقة تقوي شأن وحدتنا آنفة الذكر في العنصر الأول ، إذن فطواعيتنا المبهرة ماهي إلا نتاج ثقتنا العالية بأن ما يوجهنا به ولي الأمر من أمر الله هو لمصلحتنا جميعاً وهو مرتكز بيعتنا التي في أعناقنا له ، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره في المنشط والمكره ما لم يؤمر بمعصية الله). وقد بايع الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر، وعلى ألا ينزعوا يداً من طاعة، إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، وثقتنا بولاة أمرنا لا نظير لها فلهم منا السمع والطاعة والتعاون معهم على البر والتقوى، والدعاء لهم بالتوفيق والإعانة على الخير، إقلالاً للشر وصد الفتن وإكثاراً للخير ونشر النعم ، وإن تأثير هذا الأمر مشترك بيننا والحاكم بشكل إيجابي طردي فمن أراد مثل ما نحن فيه فليلحق بنا ، أما ثالث تلك الأمور المانعة من الانقسام فهو أننا منضبطون مع ولي أمرنا بضابط لا تحكمه المصالح والأهواء بل بحكم يرتكز على علم يُستقى من الأدلة الشرعية ، امتثالًا لقول الحق تبارك وتعالى (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) فإذا كان هذا في التنازع فهو في حال التوافق من باب أولى وبذلك لن نتخلف وإياه عن أن نكون معاً . والرابع ولعلي أختم به كي لا أطاوع مقتضى الإسهاب أننا نعلم علم اليقين أن في التنازع فشلنا وفي التطاوع نجاحنا ولذلك قد نجحنا ، وربنا يقول (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) وإن جماع ذلك كله قول الحق تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُ ) ، وكل ذلك يا كرام أدى إلى ما أبهر العالمين من نتائج إيجابية في مكافحة هذا الجائحة ، مع ما بذل من جهود مشكورة لتحقيق توجيهات سامية ، فحمدا لله طوعاً ، وحمداً لله شكراً ، وإن شكر الله يستوجب أن نقدم الشكر لكل من ساهم ويساهم في مكافحة هذه الآفة فشكراً لكم جهدكم الذي أنتج ثقة أنتجت امتثالا أنتج لحمة بسلام ونسأل الله تمام الإعانة والتوفيق لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين – حفظهما الله – وأمراء المناطق ووزرائه ومعاونيهم – وفقهم الله – والشكر موصول لجميع أطقم الرعاية الصحية والأمن العام – أعانهم الله – والله المسؤول أن يتمم علينا النعمة ويزيل الغمة عن جميع الأمة وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله ومن والاه .
_________
*المدير العام السابق لفرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمنطقة الشرقية