أبغض الحلال
بقلم – نعيمة السعدي:
فيما مضى من الزمن، كان الشاب الذي يحمل شهادة الثانوية، وعلى قدرٍ بسيط من الوسامة، ولا (يتتّن) ولديه شهادة من إمام المسجد والجيران بأنه يشهد معهم الجمعة والجماعة،،يعتبر عريس ( لُقطة ) لأي فتاة،، أمّا إذا كان حاصلًا على شهادة البكالوريوس من أمريكا، فهو العريس ( الحُلُم ) الذي تحسدُه عليها الأخوات والصديقات والقريبات وبنات الجيران.. وما أن تتم الخطبة بشكل رسمي حتى تبدأ الفتاة تستعد ليوم ( الشوفة الشرعيّة ) وكل همها أن تُعجِب فارس الزمان والأحلام.. لم يكن أكبر همها أن تراه وتقبله أو تتحدث معه،فمواصفاته الخارقة تكفيه.. بل همها: هل يا ترى ستعجبه؟؟ وما بين انتظار اتصال والدته و ( زغرودة ) والدتها المعلنة لقبول فتاهم اللقطة لابنتهم المصون، تمر أيام من القلق والترقّب والأحلام.. فتاة الأمس كل همها بيت يضمها مع زوجٍ طيب وكريم تنجب له الأطفال وتتفانى في خدمته.. فإن كان كما تتمنى شكرت وإن كان غير ذلك صبرت.. وهذا ما يسمى بـ ( الزواج التقليدي )..
أما فتاة اليوم فقد اختلفت لديها المعايير.. لم تعد تلك الفتاة الخجولة القابعة في المنزل بانتظار فارس الأحلام.. بل أصبحت بما أتيح لها من وسائل التواصل، وبيئة العمل المختلطة،قادرة على اختيار عريسها بنفسها وحسب المواصفات التي ترغبها..
البعض ترغب بالثريّ حتى وإن كان الفارق العمري بينهما كبيرًا فهو بمثابة ال (شوقر دادي ) الذي سيمنحها الدلال وينفذ كل رغباتها.. وأخرى مثقفة تبحث عن زوج يشبهها فكريًا، يحب القراءة والكتب، وأخرى حالمة تبحث عن الحب والرومنسية والسفر ، وأخرى مستقلة متحررة تبحث عن من يوافقها ولا يعترض على تصرفاتها، وأخرى تبحث عن الجميل الأنيق لتتفاخر به أمام صاحباتها، وأخرى تبحث عن الشاب العاقل المتدين.. وأصبحت ( الشوفة الشرعيةّ ) فرصة يتبادل خلالها الخطيبان الحديث و الأسئلة والنقاشات ويكوّن كل منهما فكرة عن الآخر.. وقد تمتد الخطبة لشهور يتبادلان خلالها مكالمات هاتفية تزيد من تعارفهما، وقد تنتهي تلك الفترة بالاتفاق أو الانفصال..
وبنظرة سريعة إلى إحصائيات الطلاق الحديثة ومقارنتها بما مضى، نجد كثرة حالات الطلاق حديثًا رغم توفر أسباب النجاح مثل التكافؤ الاجتماعي والرؤية والمحادثات والتعارف ففي إحصائية حديثة صدرت عن وزارة العدل لشهر صفر ١٤٤١هـ،. بلغ عدد عقود الزواج أكثر من ١١ ألف صكًا يقابلها ٥١٩٢ صك طلاق، أي ما يقارب النصف…فما السبب يا ترى؟؟ لماذا تُعمّر الزيجات التقليدية أكثر من الزيجات الحديثة؟؟
من وجهة نظري -فيما يخص الزوجة فقط – أرى أنّ استقلاليّة الفتاة ماديًا ووظيفيّا هو أحد أهم الأسباب.. فلم يعد الزوج هو القشة التي يتعلق بها الغريق، فالحياة بها من الفرص الكثير ولن تقف على سي السيّد، فلماذا تُلزم نفسها بتحمّل زوج لا يناسبها؟!
كما أنّ طرق التربية الحديثة والبيئة المرفّهة التي تعيشها الفتاة في منزل والديها حيث لا مسئولية تتحملها ولا واجبات تقوم بها، خلقت فتاة هشّة، مدللة لا تتحمل القيام بالواجبات الزوجية ولا الأعمال المنزلية..
بالإضافة إلى برامج التواصل الاجتماعي التي ترى فيها الفتاة صورًا لسعادة وهمية تصوّرها لها ( السنابيات ) والصديقات مما يجعلها تكره حياتها وتشعر أن زوجها مقصّرٌ في حقها، فيختلفان ويحدث الطلاق..
دورنا كوالدين إعداد الفتاة منذ صغرها لتحمل المسئولية وإفهامها حقوقها وواجباتها تجاه زوجها وبيتها وأطفالها، فالأسرة المستقرة، تصنعُ مجتمعًا مستقرّا ووطنًا يسوده الحب والاحترام.