مقالات

العلاقات السعودية بالمنظمات الدولية والإقليمية

بقلم – دكتور إبراهيم المطرف:

أعطت السياسة الخارجية للمملكة كثيرًا من الاهتمام، بل الأولوية، للمنظمات الدولية والإقليمية، باعتبارها جسورًا تصل بينها وبين دول العالم، ولأنها تمثل مدخلاً مهمًا للتفاعل مع العالم وقضاياه، وباعتبارها «مفتاحًا» للحوار والتفاهم مع دول العالم، والتواصل مع تكتلاته الرئيسة، وقواه المؤثرة.

ويمكن القول إنه نتيجة لهذا الاهتمام الذي اتخذ أشكالاً وصورًا عدة من دعم المملكة لمعظم المنظمات الدولية والإقليمية، إحتلت المملكة مكانة متميزة بين دول العالم، وشغلت كراسي ومواقع حيوية في أكثر هذه المنظمات، تقديرًا لما تقدمه من الدعم والاهتمام لهذه المؤسسات الدولية.

وفي هذا الإطار، يرصد كثير من الباحثين دور المملكة الريادي ومشاركتها الفاعلة في المحافل الدولية، إِذ تقوم قيادة المملكة الرشيدة في كثير من المواقف، بالدعوة إلى إنشاء مزيد من هذه المنظمات، إدراكًا بأن العصر الذي نعيش فيه، هو عصر التكتلات، التي يتم من خلالها تحقيق الأهداف المتمثلة في التنمية، والرفاهية، والأمن، والصمود أمام المتغيرات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية.

وتحتل عددًا من المنظمات الدولية والإقليمية أهمية خاصة لدى السياسة الخارجية للمملكة، ولذلك، تأخذ هذه المنظمات من الدبلوماسية السعودية قدرًا كبيرًا من العناية والرعاية، ويتجلى ذلك في مختلف فعالياتها ومناسباتها، التي تحرص المملكة على المشاركة في مشهدها بشكل مستمر، نظرًا لما تمثله هذه المنظمات و»جداول» أعمالها وقضاياها، من أهمية كبيرة للمجتمع الدولي.

وتجدر الإشارة في هذا المجال، إلى أن أبرز المنظمات الدولية والإقليمية، التي تأتي على رأس أولويات المملكة وفي مقدمة اهتماماتها – فيما يتعلق بدعم وتعزيز دور المنظمات الدولية والإقليمية – هي هيئة الأمم المتحدة، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ورابطة العالم الإسلامي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية.

وتعطي المملكة هذه المنظمات – التي يمثل كل منها إحدى الدوائر الرئيسة في محاور السياسات الخارجية والأهداف الإستراتيجية للمملكة – اهتمامًا كبيرًا لمؤسسات دولية أخرى، مثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ومنظمة الدول المصدرة للبترول، ومنظمة السياحة العالمية، والصليب الأحمر الدولي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة التجارة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة، والبنك الدولي للتنمية والتعمير، وصندوق النقد الدولي، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، إضافة إلى عديد من المنظمات ذات الطابع الإقليمي.

وتبرز أهم الأطر والتكتلات على الساحة الإقليمية، في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي تتحكم دوله فيما يقارب 45 في المائة من الاحتياطي العالمي من النفط، الذي أسس منذ إنشائه لنظام للتعاون الأمني والعسكري بين أعضائه، الذي تتمثل أهم القرارات الحكيمة لمجلسه الأعلى وأبرز تجليات أدائه، في إنشاء «درع الجزيرة» ليكون منظومة متكاملة للدفاع، والوقوف المستمر ضد الأطماع في المنطقة الخليجية.

ويتم التعاون بين دول المجلس أيضًا في مجالات عدة كالتعليم مثلاً، والممثل بمكتب التربية العربي لدول مجلس التعاون لتطوير التعليم، وفي إنشاء عديد من المؤسسات التي تهدف إلى تعزيز التعاون بين دول المجلس في المجالات المختلفة.

وقد لعبت المملكة دورًا بارزًا في تأسيس منظمة مؤتمر التعاون الإسلامي، المنظمة التي تضم 57 دولة، التي انبثق عنها عبر السنين عديد من المؤسسات، في التعليم والتدريب والاقتصاد، والعلوم والتقنية، والإعلام والثقافة، والرياضة والتجارة وغيرها.

ومن ناحية أخرى، فقد أدت المملكة دورًا مهمًا في إنشاء رابطة العالم الإسلامي، التي تتخذ من مكة المكرمة مقرًا لها، ويمثل نشر الإسلام وشرح مبادئه أبرز أدوارها، التي «تمثل» العالم الإسلامي في عديد من المنظمات الدولية المهمة، التي يأتي من بين أهمها، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، في الوقت الذي تتمتع فيه الرابطة بصفة «مراقب» لدى هيئة الأمم المتحدة.

وتهتم المملكة بدعم الدول والشعوب الإسلامية بالمساعدات المالية والعينية، اقتصاديًا وعسكريًا وثقافيًا وغيره. وفي هذا الصدد، فإنه لا بد من الإشارة، والإشادة في الوقت نفسه، بحقيقة زيادة حجم هذه المساعدات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان. كما حظي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في عهده -حفظه الله-، بتعزيز لدوره وتوسيعًا لخدماته على مستوى العالم، نشرًا للقرآن الكريم، روحًا ومفهومًا وسلوكًا وتأكيدًا لمعانيه وقيمه.

وإلى ذلك، تسهم المملكة، من خلال المنظمات العربية والإسلامية المتعددة بمختلف تخصصاتها، في دعم الاقتصاد العربي الإسلامي، مثل دعم ضحايا الزلازل والكوارث والفيضانات. ومن البارز في هذا المجال، قيام المملكة بدعم التنمية الاقتصادية في دول العالم الإسلامي، ومساعدة الأقليات الإسلامية، إضافة للدعم الكبير للدول الإسلامية على مستوى المساعدات المالية من جهة، والمواقف السياسية من القضايا الإسلامية في المحافل الدولية من جهة أخرى.

وتقوم المملكة من خلال جامعة الدول العربية، الإطار الذي يجمع بين الشعوب والحكومات العربية، وما يتبعها من مؤسسات تنموية بدور رائد في محيط العربي. وليس خافيًا على المراقبين للشأن العربي على وجه الخصوص، ما تقدمه المملكة لشقيقاتها، ضمن هذا الإطار «الجامع»، وما تقدمه في أحيان كثيرة على نحو خاص، مثل تحمل الجزء الأكبر من تمويل جامعة الدول العربية، إضافة إلى دعم المنظمات والوكالات والجمعيات المنبثقة عن الجامعة، في إطار تعزيز أهداف التكامل العربي وتعزيز العمل العربي المشترك.

وعلى الساحة الدولية، تتعدد أدوار المملكة، فقد أسهمت المملكة في تأسيس هيئة الأمم المتحدة، وكانت لها إسهامات فاعلة في تعزيز ميثاقها وإخراجها إلى الواقع، ويتزايد دعم المملكة للمنظمة الدولية وعلى كافة الأصعدة، إدراكًا لدورها الحيوي في حفظ الأمن والسلام الدوليين، وتعزيز لدورها وآلياتها وأعمالها في تقديم المساعدة لدول العالم التي تحتاج إليها في مختلف المجالات.

ومن ناحية أخرى، تحرص المملكة دائمًا على سداد التزاماتها المادية والطوعية لمنظمة الأمم المتحدة، وعلى المشاركة في تمويل الصناديق والبرامج المنبثقة عنها، دعمًا لرسالة الأمم المتحدة وميثاقها.

ولا يختلف اثنان على أن المملكة تضطلع بدور رائد ومسؤوليات مهمة على الساحة الاقتصادية الدولية، من خلال تعاونها الفعال مع المؤسسات الاقتصادية الدولية، التي تأتي مجموعة العشرين على رأس قائمتها، وهي المجموعة التي تستعد المملكة لاستضافة قمتها لعام 2020، في عاصمتها الرياض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى