بقلم – محمد البكر:
ردود الأفعال على مقال الأمس كانت متميزة . فالتعليقات التي وصلتني ركزت على نقطتين هامتين ، دفعنا ولا زلنا ندفع ثمن تجاهلنا لها . الأولى تتعلق بالبنية التحتية للمدارس والتي لم تستفد الوزارة من الطفرة المالية التي مرت بها المملكة في السبعينيات الميلادية لبناء المدارس النموذجية كمدارس أرامكو ، باعتبارها بنية تحتية للأجيال .
فبدلا من ذلك اعتمدت الوزارة رغم تغير وزرائها ،على استئجار المباني الصغيرة التي لا علاقة لها بالبيئة المناسبة للتعليم ، لدرجة أنه تم استخدام مطابخ تلك المباني كفصول للطلاب في الكثير من الأحيان . أما الثانية فهي فرض المناهج التي لا تتناسب ولغة العصر ، وعجزنا عن تغييرها خوفا من تسلط بعض الإخوانجية الذين كانوا يشرفون على مناهج طلابنا .
وإذا كانت هذه النقطة قد تم تجاوزها الآن حسب رؤية المملكة وعرابها سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله ، حيث تطوير مناهجنا مع الحفاظ على ثوابتنا ، فإن إهمال وزراء التعليم على مدى عقود لبناء مدارس نموذجية ، جعلنا اليوم ندفع الثمن غاليا بعد أن تضاعف عدد الطلاب والطالبات في مختلف مناطق المملكة . وبات من الصعب وضع حل شاف كاف لها .
أعود للامتحانات التي بدأت يوم أمس ، وأتذكر معها ما قاله فقيد الوطن الدكتور غازي القصيبي يرحمه الله ، فلعل في كلامه ما يشجع المعلمين والمعلمات على التعامل بطيبة وليونة مع طلابهم كما فعل القصيبي يرحمه الله حين قال : ( لم يكن أحد يرسب إلا أولئك الذين يصرون على الرسوب . كنت بعد الإنتهاء من التصحيح أضيف %10 من درجة المادة إلى كل الذين يحتاجون هذه النسبة ليصلوا إلى الحد الأدنى المطلوب للنجاح ) .
لم يكن د غازي يريد تخريج طلاب فاشلين ، إنما كان يفعل ذلك كما قال من باب توخي العدالة . كان يرحمه الله يستغرب من بعض المدرسين الذين يصرون على رسوب طالب بسبب نقص درجة أو درجتين ، وكأنهم قد وزنوا الإجابة موازين الذهب كما قال .
هناك بعض المعلمين والمعلمات يعتقدون أن نجاحهم يعتمد على ترهيب طلابهم من خلال أسئلة صعبة ، أو عبر تهديد وتشديد ووعيد . بينما الحقيقة هي أن كل طالب يفشل في النجاح خلفه معلم فاشل . فعندما يحقق فريق كرة القدم الإنتصار ، فإن الأنظار تتجه صوب مدربهم الناجح ، وعندما يحدث العكس يتم الاستغناء عنه لأنه مدرب فاشل .
أتمنى ألا يفهم أحد بأنني أدعو للتساهل ، أو إنجاح الطلاب غير المستحقين ، فما قصدته هو نفس ما قصده د القصيبي . فالقضية ليست تحد بين المدرس وطلابه ، بل شراكة للنجاح فيما بينهم .
سهلوا على طلابكم ، وكونوا أصدقاء لهم ، واكسروا حاجز الخوف الذي يربكهم ، ولا تغلقوا أبواب الحياة في وجوههم . ولكم تحياتي.