مقالات

في منزلي خريجة.. لحظة عمر لا تُنسى

بقلم – عبد الرحمن الملحم :

بالأمس كان لمنزلي طعمٌ مختلف، طعم الفرح الممتزج بالعُمر كله، فقد احتفلنا بتخرج ابنتي سديم، آخر العنقود، من جامعة الأمير محمد بن فهد بالدمام، بعد أن أنهت دراستها في هندسة الحاسب الآلي. لحظةُ وقوفها بزي التخرج بيني وبين والدتها كانت كأنها ومضة من الحنين تختصر سنوات من الحب والرعاية والذكريات.

بينما كانت الكاميرات تلتقط صورها بابتسامتها الواسعة وعباءتها السوداء المطرزة بشعار الجامعة، عادت بي الذاكرة إلى ذلك الصباح البعيد حين كنت أوصلها إلى روضة الأطفال، تمسك يدي بخوفٍ صغير وثقةٍ كبيرة. تتابعت المشاهد سريعًا في ذهني: أول حقيبة مدرسية، أول درجات في الابتدائية، ثم الإعدادية فالثانوية… كل مرحلة كانت حكاية، وكل حكاية كانت فخرًا جديدًا.

كم من مرةٍ سألت نفسي: متى تكبر سديم؟ متى تدخل الجامعة؟ وها هي الإجابة أمامي اليوم، تلبس عباءة التخرج، وعيني لا تصدقان أن تلك الصغيرة التي كانت تملأ البيت ضحكًا أصبحت مهندسة ترفع رأس والدها عاليًا.

كانت هي وزميلاتها في الثانوية كعقدٍ من الزهر، لا تسمع منهن إلا الضحك والبهجة، وها هي الأيام تمضي بسرعة مذهلة، لتتحول تلك الفتاة المرحة إلى خريجةٍ واثقةٍ تحمل طموحًا كبيرًا ومسؤولية أجمل.

لقد التحقت سديم بأخواتها – الدكتورة سمى ونورة – أولئك الشمعات اللواتي يضيئن منزلي، ويملأن قلبي فخرًا وسعادة. ومع كل تخرجٍ جديد، أشعر أن العمر لم يذهب سدى، وأن ما زرعناه من حبٍ وتعليمٍ وصبرٍ قد أثمر خيرًا بإذن الله.

نعم، مضى الزمن سريعًا… وأصبحت دلوعتي الصغيرة خريجة.
أدعو الله أن يحفظها ويحفظ أخواتها وإخوانها، وأن يوفقهم جميعًا في دروبهم القادمة.
فهؤلاء الأبناء هم زينة الحياة، وهم الحلم الذي لا يغيب عن قلب كل أبٍ محبٍّ يرى في نجاحهم امتداد عمره وأجمل إنجازاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى