أيها الفاسدون الفاسقون

بقلم – محمد البكر :
كنا ـ أنا وكثيرون داخل المملكة وخارجها ـ نعتقد أن الحملة الكبرى التي انطلقت عام 2017 بتوجيه من سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ، الأمير محمد بن سلمان ، ضد الفساد والمفسدين ، ستكون كافية لردع كل من تسوّل له نفسه التورط في أي شكل من أشكال الفساد
فمنذ إنشاء هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة” ، ومنحها الاستقلالية التامة والصلاحيات الواسعة لرصد قضايا الفساد وضبطها والتحقيق فيها ، ثم إحالة المتورطين للنيابة العامة ، شهدنا تحركًا جادًا غير مسبوق . استُدعِي العديد ممن تحوم حولهم الشبهات ، دون استثناء لأمير أو وزير أو موظف صغير . ونجحت هذه الحملة في استرداد ما يقارب 400 مليار ريال إلى خزينة الدولة .
حينها ، كنا نظن أن أي موظف في الدولة ، أو من له علاقة مباشرة بأعمالها من القطاع الخاص ، لن يجرؤ بعد ذلك على مجرد التفكير في ارتكاب أي جريمة فساد مالي أو إداري . فالعقوبات التي طالت من كانوا يُظَن أنهم فوق القانون ، أرسلت رسالة واضحة : لا أحد بمنأى عن المحاسبة .
لكن ، ويا للأسف، خاب هذا الظن . فما زالت قضايا الفساد تظهر بين فترة وأخرى، وما من جهة حكومية تقريبًا إلا وتعرضت لشبهات أو ممارسات فاسدة . فالنفس الضعيفة موجودة ، حتى في أكثر القطاعات حساسية . والنفس التي لا تخاف الله ولا تؤدي الأمانة ، لن تخشى في ” ظنها ” نزاهة ولا غيرها .
قبل عام 2017، كانت المملكة في المرتبة 62 عالميًا في مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية . لكن ، وبفضل الله ثم بفضل الجهود المتواصلة للدولة ، حققت المملكة في عام 2023 قفزة كبيرة بوصولها إلى المرتبة 48 من بين 180 دولة ) ، وهو التحسّن الأكبر بين دول مجموعة العشرين .)
ومع ذلك، لا يرى الفاسدون هذا المؤشر، وكأنهم يعيشون في عالم آخر، يعتقدون أن الحزم ضد الفساد مرحلة مؤقتة ستزول . ولهذا، لا يكاد يمر شهر دون أن نسمع عن تورط مسؤولين في قضايا رشوة أو استغلال نفوذ أو عبث بالمال العام .
كيف يجرؤ هؤلاء على الاستمرار في غيّهم !؟ ، وكأنهم لا يسمعون ولا يبصرون مما يدور حولهم .
لقد دشّنت المملكة مؤخرًا “نظام حماية المبلغين والشهود” ، لتعزيز الشفافية ، وتشجيع المواطنين الشرفاء على التعاون مع الدولة في كشف الفساد ، ضمن شراكة وطنية واضحة بين القيادة والمجتمع . وهذا هو دوركم أيها الشرفاء .
ولكم تحياتي




