حوار مع صديقي السعودي !!
بقلم -مجاهد خلف
لم يكن اللقاء على موعد الا انه بدا ودودا و حميميا بسرعة وكما يقولون تفاعلت الكيمياء على الفور ، عاصفة من التعبير الصادق عن الحب الجارف لمصر ، اذهلتني وأدهشتنى في الوقت نفسه ، لم استطع ان أكتم تعبيرات اشد فتنة من الوشاة ، امام فيض المشاعر الحارة المتدفقة ، مصر يا أخي ليست ام الدنيا فقط ، مصر هي كل شيء ، انتم يا مصريين ما تدرون .. اي والله !! حديث الشاب السعودي المشتعل حبا حد العشق والمتيم وجدا حد الوله جاء عفويا و تلقائيا ولم يشعرك باي تكلف فلم يكن بحاجة لذلك .. فهو من اصول عريقة حسبا و نسبا وثراء ، وتربطه وآله بمصر كل وشائج يمكن تخيلها او الحديث عنها تاريخيا. لمحنى اختلس نظرة لمجموعات من الكتب بيمينه واخرى في يد اصدقائه ورفاقه من الشباب الواعي والواعد ، فأجاب على الفور بذكاء ، اجمل مافي مصر تعدديتها والتنوع الثقافي الجميل ، انك تجد فيها كل شيء ،كل
الاراء معا في وقت واحد ، لذلك كلنا و كل الناس تتعلم من مصر وهذه حقيقة عظمة وهو ما يعطيها قوة و تميزا و يجعل الكثيرين متعلقين بها و يهيمون بها حبا. اعجبني حوار الشيخ السعودي الشاب وسعة اطلاعه والمامه بتطورات الحياة على الساحة المصرية و تفاعله الحر مع تشابكاتها الحادة ، وتجاذبنا اطراف الحديث وهموم الحياة العامة ولم نشعر بالوقت حتى لاح الصباح وتوقفنا عن الكلام ولم يكن هناك شيء غير مباح . الحوار العفوي مع مجموعة راقية من الشباب السعودي استدعى للذاكرة و بالحاح اسئلة مهمة و ضرورية نحتاج جميعا ان نؤصل لها ونجيب عنها بنفس القدر من الشفافية و الاخلاص .. قلت في نفسي امام كل هذا الحب و التعلق و الشوق اذا لم تنجح الحكومات بكل ما تملك من ادوات في ترجمته على ارض الواقع ، فهذا دليل اكيد على ان خللا ما واقع و اخطاء على الطريق والسماح باستمرارها يرقى الى مستوى الخطيئة . قفز الى ذهنى السؤال هل القوى المصرية السعودية تتكامل ام هي على خطوط متوازيه ؟! قلت اذا لم تكن متكاملة متعاضدة فالمؤكد ان أمرا ما يحدث ضد المنطق و طبائع الاشياء و ضد الحتميات التاريخية و الجغرافية لحركة الانسان ، هناك قوى اخرى لا تريد لاصحاب الحق التاريخي و القومي و الوطنى ان تتكامل وتتلاقى ،وتحرص دائما على تفعيل عوامل التنافر و التباعد و التباغض ، وتسمح لها على أضعف الايمان ان تظل في حالة تواز كل في طريق ، مع حفظ مسافات و خلق فجوات وعدم السماح بالالتقاء لان فيه خطر على مصالح القوى اللاعبة او المهيمنة و المسيطرة .. او التى تظن نفسها كذلك الامثلة اكثر من ان تحصى ، في التاريخ القريب ، عندما كان المثلث المصري السعودي السوري في اوج تناغمه و تنسيقه كان للقوة العربية حسابها و تأثير
ها في حركة القضايا العربية عموما و كسر شوكة الاطماع و العدوان على الحقوق العربية و ايضا على الاقليات الاسلامية و الجاليات في الغرب و خلافه ، على الاقل لم تكن اسرائيل العدو اللدود للقضايا و الحقوق العربية ، مطلقة السراح واليد تعيث في الارض فسادا ضربا و تقتيلا وحربا ورصاصا مصبوبا و غيره بمباركة الصمت او العجز العربي المهين .. الامر لا يتوقف على قضية الصراع مع الصهاينة و لكن يتعلق بامن و استقرار المنطقة ككل ، فانفراط العقد و ضرب اركان المثلث وازاحة احد رؤوسه وراء ما تشهده المنطقة الان من صراع دام وتفكك على وشك الانهيار و لعل ذلك هو ما ساعد على قوة الاختراق ونجاح استراتيجية الفوضى الخلاقة ، والتى بدأت بعملية خلخلخة رهيبة وزعزعة الاركان و قصقصة الاجنحة وقصفها في العراق و ليبيا ثم فتفتة سوريا واغراق الكل في دوامات لا يعرف اولها احد و لايدرك آخرها. ولايزال العزف مستمرا لخلخلخة الركنين الاساسيين الباقيين في المثلث ( مصر و السعودية )، صحيح هناك ادراك على مستوى عال وتحركات ايجابية الا انها لم تمنع او توقف محاولات بعضها ظاهر و اكثرها خفي لاثارة التوترات ووضع عراقيل للحيلولة دون التقارب او حتى الالتقاء في الحد الادنى ، ولكن مما يطمئن ان هذا الادراك على مستوى القيادات و الشعوب لمكمن الخطر في قمة الحيوية ، وتأتى اللقاءات المتكررة و في اوقات متقاربة و في مناسبات لها دلالالتها ورسائلها القوية – على مستوى القمة لتربك حسابات المتربصين بمصر اولا و بالمنطقة ثانيا ، لتطفىء الكثير من شعلات اللهب الحارقة و تعيد تصحيح ما اعوج او ما أريد له ان ينحرف ويخرج عن المسار الصحيح .. التطورات المتسارعة على ا
لارض و الانجراف نحو اللامعقول في المواقف والسياسات الضارة و المهلكة عربيا واقليميا يحتم ضرورة التحرك السريع نحو استراتيجية جديدة واعية للخروج من المأزق العربي الراهن واحتواء الاندفاع المميت نحو الخراب في المناطق الحيوية في الهلال الذي كان خصيبا و اليمن الذي كان سعيدا حتى لا تتأثر عضلات القلب و يتم انهاكها مع استمرار النزيف المريع الذي طال كل شيء و اسقط كل اوراق التوت عن كثير من اللاعبين و المتلاعبين بمصائر الشعوب ، وبات الملايين من ابناء العروبة والاسلام ايتاما بالفعل على موائد اللئام و تحولوا الى مادة للتجارة و التفاوض في اكبر اسواق النخاسة السياسية في العالم ، تلطخ جبين الحضارة الانسانية و تكشف الزيف المريع للحضارة الاوروبية على وجه الخصوص . التحرك المصري السعودي المتكامل و ا
لمتعاضد على مستوى القمة ( السيسي- سلمان ) هو الامل الحقيقي ، هو القادر على منح قبلة الحياة لكثير من الطموحات و الامال وازالة جبال الاحباط و اليأس التى رانت على كثير من القلوب وتسببت في الشعور بانه لا امل و لا نجاة للمنطقة بعدما اصابها من دمار و ضياع واصبحت دول بأكملها قاب قوسين او ادنى من خبر كان ولا تزال مهددة بالزوال من الخريطة العربية بعد تقسيمها الى كانتونات على اسس عرقية و مذهبية ، لتصبح مناجم وقود جديدة لصراع لن يتوقف على مر الزمان .
نقلا عن الجمهورية اون لاين