مقالات

بناء النظام الإيكولوجي لمواهب تقنية المعلومات والاتصالات يعزز التطور الرقمي للمملكة العربية السعودية

بقلم: دينيس زهانغ

الرئيس التنفيذي لشركة “هواوي تك إنفستمنت العربية السعودية المحدودة”

 

خلال الحقبة الرقمية الحالية، باتت مجتمعات المستقبل تبنى على أنظمة ذكية تعتمد على أحدث شبكات الاتصالات وتقنية المعلومات. ويشمل ذلك المنازل الذكية والخدمات الحكومية الرقمية والسيارات ذاتية القيادة، وصولاً إلى آفاق أخرى تستهدف خير البشرية كرحلات الفضاء الخارجي. لكن بلوغ هذه الغاية يتطلب الكثير من الجهد على مستوى التمهيد لمسار الرقمنة في العديد من المجالات كالبنية التحتية وخطط التحول الرقمي لمختلف القطاعات والصناعات الحيوية، والأهم من ذلك كله مسألة تزويد جيل الشباب السعودي بالعلم والمهارات والأدوات التقنية المطلوبة، لا ليتمكنوا من العيش في تلك المجتمعات الذكية المتصلة بالكامل بحسب ما ينشدونه من مستوى مدنية ورفاهية فحسب، بل ليسهموا في بناء تلك المجتمعات ويكونوا رواد وقادة التغيير في بلدانهم.

وضعت بلدان منطقة الشرق الأوسط خططاً وطنية واعدة ورؤى طموحة تؤكد الدور الذي يجب أن تلعبه التكنولوجيا في تمكين جميع القطاعات والصناعات، بالإضافة إلى دورها في تحقيق التنوع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. وتُعتبر خطة المملكة لتخصيص مبلغ 50 مليار ريال سعودي لتعزيز استراتيجية التطور الرقمي و”رؤية 2030″ خير مثال على ذلك، إذ لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في وضع المملكة على المسار الصحيح نحو تحقيق طموحاتها المتمثلة في تعزيز مبادئ التنافسية العالمية، والاستدامة، والعدالة، وتمكين المجتمع ورفع كفاءة وجودة الأعمال والخدمات العامة.

الهيكل النظري والأنظمة والسياسات بحاجة لأفراد موهوبين يجعلون منها واقعاً ملموساً، إلا أن الدراسات الحالية تشير إلى وجود العديد من الثغرات في هذا المجال، حيث أن القوى العاملة في المنطقة حالياً تعوزها الموهبة الرقمية الكافية لتلبية الاحتياجات المستقبلية. لذلك كان لابد من التركيز بشكل أكبر على دمج المعرفة التقنية التي تتماشى مع الحقبة الرقمية الحالية مع التعليم القائم على الابتكار في المناهج لسد الفجوة الرقمية والوصول إلى مجتمع رقمي يوفر خدمات الاتصال المتكاملة لكل شخص ومنزل ومؤسسة.

اليوم، باتت تقنية المعلومات والاتصالات محركاً أساسياً لمسيرة نمو وتقدم المملكة العربية السعودية وتطوير العديد من الصناعات. وعلى ضوء تجربتنا العالمية في أكثر من 170 دولة حول العالم، نشعر في هواوي بالالتزام حيال دعم مسيرة تطوير تقنية المعلومات والاتصالات ونظامها الإيكولوجي في البلدان التي نعمل فيها لتعزيز الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المدى الطويل بالاستفادة من خلاصة تجاربنا، خصوصاً فيما يتعلق بالتعليم الذي تؤمن هواوي بأنه من أهم العوامل التي تسهم في خلق فرص التنمية العادلة والمستدامة في المملكة العربية السعودية.

ولذلك تركز استراتيجيتنا الخاصة بالنظام الإيكولوجي للمواهب في مجال تقنية المعلومات والاتصالات على دعم خطط واستراتيجيات التعليم وتحفيز قنوات نقل المعرفة والتجارب بهدف جسر الفجوة الرقمية وتطوير المواهب المحلية في مجال تقنية المعلومات والاتصالات والوفاء بالمسؤوليات الاجتماعية للشركة.

ويحتاج النظام الإيكولوجي لمواهب تقنية المعلومات والاتصالات في السعودية إلى أعداد كبيرة من الموظفين التقنيين ذوي الكفاءة، يكونوا قادرين على مواجهة التحديات التي يطرحها هذا التحول ومؤهلين للتعامل مع مختلف الاحتياجات التقنية المستقبلية التي تتماشى مع أحدث ما تفرزه صناعة التكنولوجيا، حيث يعتبر الفرق بين العرض والطلب أحد أهم معوقات عملية التقدم الاجتماعي. ومن هنا يجب معالجة الفجوة بين المعلومات النظرية المكتسبة في الصفوف الدراسية والخبرات العملية المطلوبة في العالم الحقيقي، مما يتطلب توفير الفرص للموظفين ذوي المهارات لتعلم وتطبيق أحدث التقنيات.

وفي الإطار ذاته، أطلقت الشركة مسابقة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات التي تعتبر إحدى الوسائل لتحقيق هذه الأهداف في المملكة العربية السعودية والتي تهدف إلى رعاية المواهب المحلية الواعدة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، وتقام بالتعاون مع الهيئات الحكومية والكليات والجامعات لتحدد بداية الكوادر التي ستقود مسيرة تطوير قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في المستقبل، وتنتقل بعد ذلك لدعم هذه الكوادر وتنمية مهاراتها من خلال مراحل عديدة للبرنامج تستهدف نقل المعرفة وتشارك التجارب المتقدمة لهم وتدريبهم على التعامل مع الأدوات التقنية الحديثة الهامة بالنسبة لبناء مستقبل بلدانهم.

ويشهد العام الحالي طرح النسخة الثالثة من المسابقة في منطقة الشرق الأوسط التي تسعى إلى رفع مستوى المنافسة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات على الصعيد الوطني وتعزيز فرص العمل المستقبلية للطلاب من خلال العمل على سد الفجوة بين الدراسة النظرية والمجال العملي. وتشجع المسابقة على تبادل المعارف حول أحدث تطورات تقنية المعلومات والاتصالات والاتجاهات الدولية في هذا المجال، وتوفر التدريب العملي على تنمية المهارات في مختبرات هواوي الحديثة ومراكز البحث والتطوير لديها ومنشآتها الأخرى. ويحصل المرشحون الأفضل على وظيفة في شركة هواوي، حيث يمكنهم الانتقال للمستوى التالي من تعزيز قدراتهم في تقنية المعلومات والاتصالات من خلال احتكاكهم بأفضل العلماء والمهندسين في العالم.

ولا يقتصر دور المسابقة على تطوير المواهب السعودية، بل من شأنها كذلك إلهام الأجيال المهتمة بالعلوم المستقبلية كالمختصين في العلوم التقنية والهندسة والرياضيات ممن سيدفعون عجلة الابتكار والتطور المستمر للتقنيات الثورية مثل تقنية الجيل الخامس وإنترنت الأشياء وكل ما يتعلق بها. ونحن نطلق هذه المبادرات بهدف دعم الحكومة في تحقيق أهدافها ورؤاها الوطنية من خلال بناء اقتصاد متنوع ومستدام وقائم على المعرفة.

من خلال مسابقة تقنية المعلومات والاتصالات وغيرها من المبادرات التي نطلقها في المملكة العربية السعودية، نأمل أن تؤدي هواوي دوراً بارزاً على صعيد إيجاد بيئة من الانفتاح والتعاون والنجاح المشترك، تتجاوز الحدود لمد جسور أكثر متانةً للتواصل على المستوى الوطني والاقليمي والعالمي خلال الأعوام والعقود القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى