مقالات

النقل البحري ومتغيرات العصر (٦)

 

نوادي الحماية والتعويض P&I clubs

 

بقلم دكتور مهندس – عبد الرزاق المدني:

لم تكن نوادي الحماية والتعويض موجودة قبل القرن التاسع عشر الميلادي حيث كانت شركات التأمين تقوم بالتأمين على السفن آن ذاك وكانت حوادث التصادم بين السفن قليلة لقلة عددها ولكن مع إزدياد عدد السفن وظهور السفن البخارية  زادت تلك الحوادث بين السفن  وبدأ ظهور مطالبات بالمسؤولية  من طرف  ثالث وهو الشخص المتضرر من وقوع التصادم وأصبح على شركات التأمين دفع تعويض للسفينة المتضررة التي تسبب في ضررها السفينة المؤمن عليها وزادت أيضاً المطالبات بالمسؤولية على أطقم السفن المتضررة ( الأخطاء البشرية) وظهرت القوانين والبروتوكلات والإتفاقيات بهذا الخصوص مما جعل الأمر سهلاً بالنسبة للطواقم ومن يعولوهم على المطالبة و سرعان ما تزايدت المشكلة مع زيادة حركة المسافرين بحراً إلى أمريكا وأستراليا وكافة أرجاء العالم والتنقل على السفن.

ففي عام  1836م صدر حكم في قضية السفينة De Vaux v. Salvador حيث أقرت المحكمة بأن البند الخاص بالتصادم  لايغطي التلف الناجم عن التصادم  في وثيقة التأمين وقدم بسرعة المؤمنون بنداً يمكنهم بموجبه تعويض المؤمن له عن ثلاث أرباع مسؤوليته تجاه مالك السفينة الأخرى ويعرف باسم (Running down clause)  ولايزال ذلك البند سارياً إلى الآن.

وحتى عام 1870 كان يمكن لمالكي السفن إستخدام الإستثناءات الخاصة بهم لتجنب  المطالبات المتعلقة بالبضائع حتى غرق السفينة  WESTERN HOPE  الذي أدى إلى إعادة النظر في هذه البنود وتم إعتبار أصحاب السفن مسؤلين مسؤليه كامله عن فقد البضائع  ومع إرتفاع قيمة البضائع ورغبة مالكي البضائع في إسترداد قيمة بضائعهم وتحميل ملاك السفن أذا كانوا هم السبب في الخسائر ومن هنا أتت فكرة إنشاء أول نادي للتعويض عام 1874 م من أجل توفير غطاء تأميني للمسؤولية عن الفقد أو تلف البضائع   عرف فيما بعد ببند مخاطر التعويض.
وبدأت أندية الحماية بالإستفادة من التجارب لتغيير القواعد والأنظمة الخاصة بها وتكييفها بظروفهم فقامت بإضافة عدة بنود مثل بند  مخاطر التعويض وخلافه ومنذ ذلك الحين أصبح إسمها أندية الحماية والتعويض التي لا زالت مستمره  إلى يومنا وفي بداية القرن العشرين إتسع نطاق التغطية التي توفرها أندية الحماية والتعويض إستجابة للحاجة المتزايدة من قبل أعضائها للحصول على تغطية تأمينية  تجاه أطراف ثالثة وهناك عدة نوادي عالمية في كافة أرجاء العالم
كما ظهر مؤخراً نادي الحماية والتعويض الإسلامي بجهود من منظمة الإتحاد الإسلامي لملاك البواخر ومقره في دبي بالإمارات العربية المتحدة .

ونجد أن هناك إختلاف بين نوادي الحماية والتعويض وشركات التأمين وهذا الإختلاف هو: أولاً أن شركات التأمين تعتبر أكبر من أندية الحماية والتعويض وتعمل فى مجال أوسع وتقدم خدماتها التأمينية للجميع دون أستثناء بينما أندية الحماية والتعويض تقتصر خدماتها على مجموعة محددة  (أعضائها) يضمهم مجال عمل واحد وكذلك أخطار متشابه فيتفقون على المشاركة والمساهمة على تغطية هذه الأخطار ويوزعونها بينهم بنسب مشاركة تحدد نصيب كل واحد من أفراد نادى الحماية
و التعويض ويتم عمل أتفاقية بذلك
ثانياً: أن شركات التأمين تستطيع أن تحمى نفسها من خلال برامج أعادة التأمين بينما أن المجموعة التى تتكون من أندية الحماية والتعويض قد تجد صعوبة فى الحصول على غطاء إعادة التأمين وبذلك يكون درجة تعرضهم للخسارة والمخاطرة أكبر من شركات  التأمين التى توزع الأخطار إلى وحدات صغيرة مما يقلل أو يبعد نهائياً تحملها خسائر كبيرة قد تعيقها عن العمل والأستمرار فى تقديم خدمات التأمين

يتبع….٧

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى