برنامج «في خاطري شي»: إنتاج سعودي مميز
سويفت نيوز_الرياض
إذا كانت المسلسلات السعودية هذا العام لم توفق في تشكيل أي إضافة تحسب لها في مسيرة الأعمال التلفزيونية، فقد يكون برنامج “في خاطري شي” هو الإضافة السعودية النوعية لهذا العام على مستوى البرامج الرمضانية. ورغم أن وقته الزمني لا يتجاوز الخمس دقائق، فإن الإضافة الحقيقية لم تكن يوماً لتحسب بالزمن بقدر ما تحسب بمدى تميز محتوى المادة التلفزيونية المقدمة وشكلها, كما أن أهم ما قدمه هذا البرنامج هو التأكيد على احترام المشاهد وتقديره.
هذا الاحترام يبدأ أولاً من شعاره وهو: “إحنا كويسين.. بس نقدر نكون أحسن”، فمنذ البداية هناك فرضية القبول بكل السلوكيات التي قد تكون “أقل” مما نصبو إليه كأفراد مجتمع نود له التقدم والتطور ولذلك فالبرنامج يناقشها ويطرح البديل الأفضل. هذا القبول، وهو مفهوم يحتاج أن يتم تأكيده أكثر فأكثر في مجتمعنا، يقوم البرنامج بتأكيده أكثر في حلقاته, وشعاره المدروس البسيط في لغته والعميق في طرحه يعكس سمة البرنامج بشكل عام حيث يتناول سلوكيات ومفاهيم معينة ويبين السلبي منها وكيفية تغييره إلى الإيجابي، بتقديمها من خلال مواقف تمثيلية بسيطة والتعليق عليها بأسلوب بسيط يستخدم لغة المواطن العادي ومفرداته.
ومن خلال النقاش والتعليق، هناك إرشادات معينة تعيننا على التعامل مع أسئلة مهمة تواجهنا في مواقف كثيرة، كسؤال “كيف يمكن أن نعيش اللحظة دون التفكير بالماضي أو القلق من المستقبل”، أو كيف ننظم أوقاتنا أو لماذا نسمح للآخرين بتوجيهنا من خلال ترديد إشاعات لا نعرف مصدرها. هناك أيضاً تحليل لبعض الأمثال والقيم التي ورثناها وقد لا تكون بالضرورة إيجابية، فالمفروض هو التعامل مع الموروث بوعي، وأخذ الجيد منه ونبذ السيىء، أو كما تقول العبارة التي ختمت بها حلقة الموروث: “الموروث كنز، وليس قيد. فلنختر من الأمس ما يثمر في الغد”. وهي واحدة من عبارات كثيرة تعلق بالذهن وتتميز بالحكمة تتخلل البرنامج، من مثل “العلم بالتعلم والحلم بالتحلم” أو “الشجاعة أن نكون أنفسنا دون تزييف”.
كما يتميز “في خاطري شي” بالشكل الجديد في تقديمه، حيث يكسر خط الوهم بين المقدم والمشاهد ويجعل المشاهد جزءا من عملية صناعة البرنامج، من خلال سماعه أحياناً لتوجيهات المخرج أو غيرها. كما أن المقدم هنا يتحرك ويتحدث مع الممثلين وهناك باستمرار صورة متغيرة تكسر الملل في سماع التعليق. وهذا يعكس الحرص الواضح على كسر الشكل الرسمي المعتاد لبرامج التلفزيون بطريقة تخدم محتوى البرنامج وبساطته.
تحية لمقدم البرنامج الإعلامي تركي الدخيل على هذه الإطلالة المميزة، وعلى قدرته على إشعار من يشاهده أنه يتكلم بشكل تلقائي وعفوي. وتحية أيضاً لفريق الإعداد المميز الذي حرص على تنوع الطرح وأجاد في توضيح الرسالة, وتحية أخيرة لكل من ساهم في صناعة برنامج ممتع ومختلف ومفيد.