مناسبات

مدفع رمضان في مصر يعود إلى عهد محمد علي

سويفت نيوز_القاهرة

2

يطل مدفع رمضان القابع في أكثر من مكان في مصر منتظراً حلول شهر رمضان لينبض بالحياة مجدداً وتنطلق في شرايين فوهته قذائف كتل البارود الحارة فتأذن للصائمين أن ينهوا سحورهم أو يبدأوا إفطارهم.

سنة كاملة من أتربة الكسل وغبار السكون ينفضها ذو الماسورة السوداء، القابع على محور حديد يتوسط عجلتين كبيرتين من الخشب تساعدان كتلته الصلبة على تحريك المدفع الذي يزن قرابة 19 طناً من مكان الى آخر، ليتأنق ويتألق طلاؤه الاسود اللامع مطلقاً طلقتين يومياً قبل الفجر إيذاناً ببدء الصوم والاخرى قبل أذان المغرب إيذاناً بالأفطار، وثلاث طلقات أخرى في عيد الفطر واحدة لكل يوم.

يقال إن أول مدفع رمضاني أطلقه مصادفة أحد الجنود خلال فترة حكم محمد علي، حيث كان يجرب مدفعاً جديداً من المدافع التي استوردها من المانيا في إطار خططه لتحديث الجيش المصري، وصادف ذلك وقت أذان المغرب فاعتقد المصريون أن الطلقة مقصودة لتذكرهم بميعاد الإفطار، ومن ثم أصبح تقليداً.

رواية اخرى ترجح أن إطلاق المدفع كان أيضاً مصادفة وبالطريقة ذاتها ولكن كان في عهد الخليفة المملوكي خشقدم أحد سلاطين الدولة المملوكية الشركسية. يؤكد الباحث في التراث نبيل اسكندر أن أول مكان استقبل مدفع رمضان كانت قلعة صلاح الدين بالقاهرة، ومن ثم أمر الخديوي عباس والي مصر عام 1853 بوضع مدفع آخر يطلق من سراي عباس بالعباسية، ومن ثم أمر الخديوي إسماعيل بمدفع آخر ينطلق من جبل المقطم حتى يصل صوته لأكبر مساحة من القاهرة. وفي الإسكندرية وضع مدفع بقلعة قايتباي.

ويوضح اسكندر أن في ذلك الوقت كان يقام احتفال مهيب قبل بداية شهر رمضان بخروج المدافع من القلعة محمولة على عربات ذات عجلات ضخمة، على أن تعود بعد نهاية العيد الى مخازن القلعة ثانية، لافتاً الى أن عدد مدافع رمضان بالقاهرة زيدت الى سبعة مدافع تنطلق في وقت واحد من قلعة صلاح الدين والمقطم وسراي عباس وفي الإسكندرية وإضافة الى مدفع قلعة قايتباي أقام نابليون عام 1798 بطارية مدفع فوق كوم الناضورة مزود ببكرة تتصل ببطارية بمرصد حلوان حيث يتم إسقاط الكرة ساعة الغروب فيحدث عنها صوت، وقد أصبح هذا الصوت مدفع الإفطار، وأطلق على الكرة اسم «كرة الزوال» أي زوال الشمس. كما وضع مدفع آخر بالمنطقة الشمالية وبالأمن المركزي ببحري.

استمر صوت المدفع عنصراً أساسياً في حياة المصريين حتى مطلع القرن الماضي عندما ظهرت الإذاعة المصرية تبث عبر اثيرها صوت المدفع فأهمل المدفع الأصلى وتوقف إطلاقه من القلعة وتحول الى مجرد مؤثرات صوتية من الإذاعة المصرية‏، إلى أن قرر وزير الداخلية السابق أحمد رشدي مطلع الثمانينات إعادة إطلاق المدفع من القلعة طوال رمضان.

ولكن هيئة الآثار المصرية حذرت ان 123 طلقة التي يطلقها المدفع تسبب في خلخلة التربة والاهتزازات الناجمة عن إطلاقه في المنطقة التي تعد متحفاً مفتوحاً للآثار الإسلامية والتي تضم قلعة صلاح الدين الأيوبي والجامع المرمري الذي بناه محمد علي الكبير وفقاً للطراز المعماري العثماني، إضافة الى جامعي السلطان حسن والرافعي، ومتاحف القلعة الأربعة.

ونقلت المدافع من القلعة الى جبل المقطم، وتم الإبقاء على المدفع الثالث كمعلم سياحي في ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين يطل من ربوة مرتفعة، وحتى الآن يسمع المصريون صوت المدفع عبر الراديو أو عبر شاشات التلفزيون والمنقولة عن صوت المدفع… إلا أننا يمكننا القول إن مدفع رمضان الأثري تحول الى تراث تحييه بعض الفنادق السياحية وتضعه في مدخلها أو بهوها في شهر رمضان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى