في أمسية شعرية ماتعة.. الأديب الشاعر د. محمد خضر الشريف ضيفا على “منتدى روائع الشعر العربي”
^د.خضر يصرخ: ياقيامة الأدب قومي ويا عمالقته استيقظوا من قبوركم لتصفعوا المتطفلين على جدرانه جهلا !!
^ إلى مستسهلي الشعر سائبا دون وزن وقافية: “إذا لم تستطع شيئا فدعه / وجاوزه إلى ما تستطيعُ”
^ شوقي في “الثعلب والديك” وباكثير في “مسمار جحا”..سخرا الرمزية بفن واقتدار دون الإيغال في “الهُلامية”
^ لا تخربوا “الطبخة الشعرية” بزيادة ملح الرمزية.. والتشويق مهم في القصة الأدبية
وأشاد الجميع بالأداء الفعال والمثري للضيف في إجابته عن الأسئلة التي طرحت عليه من قبل المحاور، وفي نهاية الحوار من الشعراء والشاعرات، وشارفت الأسئلة على ثلاثين سؤالا منوعا في الأدب والشعر الفصيح والعامي والنبطي، والوزن والقافية، وما يتعلق بقضاياه، بالإضافة إلى القصة القصيرة وبعض ضوابطها، وحال الكاتب مع قضايا المجتمع، وبعض حال الشباب مع الأدب.. وغير ذلك من القضايا الأدبية العامة والشعرية الخاصة..
وقال الضيف في إجاباته: إنه يؤمن بأن جنسيته هي” بلاد العرب أوطاني”، وهويته “وكل العرب إخواني”، مؤكدا أنه ضد تصنيف الأديب العربي بأنه مصري أو سعودي أو خليجي أو يماني أو شامي أو سوداني، مؤكدا في الوقت نفسه بأنه مع هل هو عربي أو غربي أو أمريكي أو روسي للتعامل معه حسب ظروف وقضايا بلده..
وقال خضر : إن الذين يستسهلون الشعر نثرا؛ دون الالتزام بالوزن والقافية و ضوابط الشعر الأخرى هؤلاء ليسوا شعراء واعتبر ذلك “قلة حيل”، منهم، مؤكدا أنه مع من اعتبار أمثال هؤلاء “زجالين” وليسوا شعراء، داعيهم في الوقت نفسه إلى ترك ساحة الشعر والاشتغال بغيره من العلوم والفنون الأخرى، مستدلا بواقعة حدثت مع الخليل بن أحمد الفراهيدي- مؤسس علم العروض- حين أصر أحد تلاميذه على تعلم العروض منه، وقد تعب الخليل في تعليمه العروض كثيرا، والرجل لا يتقن ذلك، حتى يئس الخليل منه فقال له ذات يوم قطع هذا البيت عروضيا:
إذا لم تستطع شيئا فدعه/ وجاوزه إلى ما تستطيعُ
وهنا فطن التلميذ لمراد الخليل فقام من عنده تاركا الشعر وانشغل بعلم آخر فبزَّ فيه وكان له فيه شأنه وأستاذيته..
وعاب “خضر” على مستخدمي الرمزية في الأدب بشكل مبالغ فيه، وقال: بعض من ينتهجون الرمزية يبالغون فيها ويوغلون فيها، فتخرج من قراءتك له جاهلا بما يريد، ومُجهله في الوقت نفسه أيضا فيما كان يريد ولم يصل فيه إلى مايريد.
واستشهد الضيف بنموذجين جميلين لعملاقين عربيين كبيرين في استخدام الرمز دون الإيغال فيه، وهما: قصيدة أحمد شوقي عن حوار الثعلب والديك، التي مطلعها “برز الثعلب يوما في ثياب الواعظينا”، وهو يوري بالاستعمار الانجلزي لمصر، وهي رمزية جميلة ومقصودة و مفهومة، وأدت الغرض وأوصلت الفكرة سريعا .. والروائي الكبير علي أحمد باكثير، في مسرحيته ” مسمار جحا” التي كتب لها رائد المسرح المصري الحديث ” زكي طليمات ” مقدمة رائعة راقية كأنها قطعة أدبية من عصر سحبان.. ومثلت المسرحية فرقته المسرحية على مسرح مصر الحديث، واستطاع باكثير أن يوري بالاستعمار أيضا بحكاية مسمار جحا الشهيرة دون أن يوغل في الغموض والرمزية..
لي خمسة دواوين شعرية هي:
-الديوان الأخضر،(شعر منوع)
-تاج العُلا= (مدائح نبوية)
-شخصيات في قصائد=(مجاراة لشخصيات شعرية وأدبية)
-دندنات شعرية
-ثنائيات خضريية=(لوحات مصورة في بيتين)
-الأرجوزات الخضرية (عشر أرجوزات)
ولي ثلاث مجموعات قصصية هي:
– “وليمة البطاطا
-“قدّر ولطف”. -“ومضات قصصية”.
وأعتكف على مشروع ثقافي علمي كبير يناهز المائة مؤلف في شتى العلوم ( قرآن وحديث وسيرة نبوية وسير صالحين، وتاريخ إسلامي وحضارة إسلامية وتحقيق مخطوطات، وصحافة، وإعلام جديد، ووسائل تواصل اجتماعي، وشرح منظومات شعرية وكتب أدب وشعر منوع من مدائح ومرثيات وومضات شعرية ومساجلات، وذكريات ورحلات ورؤى ومنامات، وشخصيات عامة…إلخ)..
(بلاد العُرب أوطاني)
**السؤال الذي يطرح نفسه:ماجنسية أديبنا الكبير؟!
ولن أقول لكم ماجنسيتي؟ (مصري، سعودي ، خليجي، عراقي، سوري، سوداني، يمني، شامي)
فأنا كل هؤلاء؛ لساني يلهج بشطرة شعرية جميلة وخالدة للشاعر العملاق علي محمود طه: “بلاد العرب أوطاني” وأضيف عليها : إن هويتي هي:”وكل العرب إخواني”..
أنا ضد التصنيف الجنسي (الجنسية) أو الجغرافي (موطن الأديب المحلي) .. فقط أنا مع هل هو عربي أم غربي؟ حتى نميز أدبه فنتعامل معه على هذا الأساس بمقومات وأطر أدبه عربيا كان أو غربيا أو أمريكيا أوروسيا.
** كيف بدأ أديبنا العمل في مجال الأدب ؟وما هي الصعاب التي واجهتك في بداياتك الاولي ؟
ثم تأكد ذلك في المدرسة المتوسطة (الاعدادية) كانت قطعة أدبية من اختياري لأعرضها في الإذاعة المدرسية وقد بادرت بها لمعلمي وهو معلم غير معلم الابتدائية، الذي أعجب بها وأصر على تقديمها بصوتي للإذاعة، وفي اليوم المحدد لإلقائها، أصبت بنزلة برد، منعتني من الكلام فألقاها زميل آخر نيابة عني مع ذكر اسمي على إعدادها..
ثم بموضوع كتبته في “حصة التعبير” في تلك المرحلة واستهوى الموضوع معلمي جدا فأخرجني من مقعدني أمامه يسألني : محمد أنا أعلم أنك صادق وأمين فأجبتي بصراحة: من كتب لك هذا الموضوع؟! أبوك ؟ أمك ؟ أخوك؟
وضحكت مجيبا : والله انا من كتبه يا أستاذي. وعلا سقف الفصل تصفيقا وتشجيعا بأمر الأستاذ..
وربما كان هذا مؤشرا لي أن أسلك طريق الأدب منذ الصغر.
ولعل هذا كان ارهاصا لما سيكون، ثم تفرغت لعدة سنين حتى هاجت علي ريح الأدب بعدها فانغمست فيه شعرا ونثرا وقصصا ومقالات ذات توجه أدبي صرف بجانب مقالتي الصحفية الأخرى في السياسة والاجتماع والتربية والدين.
وهو لبيد الشاعر العربي الشهير صاحب المعلقة المعروفة .
الكاتب والصمت الآمني
=الكاتب ابن بيئته يتأثر بها ويؤثر فيها وإن كانت الكتابة هي ترجمة فعلية لأحداث بيئة الكاتب فهي مرآته العاكسة لقضاياه اليومية بكل تصانيفها (سياسية واجتماعية ودينية وثقافية وتربوية).. والكاتب الحق هو الذي يؤدي رسالته بإخلاص، هو من تكون له قضية يدافع عنها ويؤمن بها ويعيش لها، فإذا عبر عن قضيته عبر عنها بنوح النائحة الثكلى و إلا يصبح كالنائحة المستأجرة تؤدي نوحها المصطنع مقابل الأجر فقط !
وقد اطلعت على ما خطته أنامل بعضهم في كتب مطبوعة ومعروضة في معارض كتب، فقلت في نفسي: ياقيامة الأدب قومي! ويا عمالفته الكبار الكرام ممن فارقنا في هذه الحياة ألا فانهضوا من قبوركم فقط لتصفعوا هؤلاء على وجوههم ثم موتوا من جديد!
مع ان تلك الوسائل الحديثة وسائل جميلة يمكن الافادة منها بشكل توسعي يخدم صناعة الادب خدمة كبيرة.
غث وسمين
**ما هو تقييمك للسلك القصصي بواقعنا المعاصر ؟
=فيه الغث والسمين ولا أريد أن أكون متشائما أو أبث روح التشاؤم في منتداكم الرائع فأقول غثه أكثر من سمينه لكن لنتفاءل شيئا ما ونقول سمينه يغلب على غثه .
العربي المثقف
الأسلوب القصصي
أما الرمزية فمطلوبة بقدر ، وهي في نظري كالملح للطعام بدونه لايصلح ولو زادت نسبته”خربت الطبخة”؛ ولذا لا أميل الى من بجعل أسلوبه رمزا غامضا فقط وتخرج من القصة بدون فهم لما يريده منك..
ولعلي أضيف شيئا يخص الأسلوب الرمزي هنا يتمثل في أن الكبار من الروائيين والقصاص كانوا يسخرون الرمز لخدمة القصة او المسرحية او حتى قصيدة الشعر.. فمثلا أحمد شوقي سخرها شعرا في قصيدته “برز الثعلب يوما” وهو يوري بالاستعمار الانجليزي لمصر في صورة الثعلب، ونجح جدا من أول شطرة أن نفهم ما يريد.. و الروائي على أحمد باكثير، سخر الرمز في مسرحيته الشعرية الرائعة “مسمار جحا” التي كتب لها الرائد المسرحي زكي طليمات رائد المسرح المصري الحديث مقدمة أدبية راقية ومثلتها فرقته على المسرح المصري الحديث بفن واقتدار. واستطاع باكثير من عنوان المسرحية أن يوصل لنا الرمز، دون ان يوغل هذا أو ذلك في الرمزية الغامضة بل والموغلة في الغموض كما نقرأ ونطالع لدى البعض.
= هي مسالة تختلف من قصة لقصة ومن قاص لقاص وظرف كل متهما وكما بقولون :”وللناس فيما يعشقون مذاهب”.. ولعلي في بعض قصصي أفعل ذلك وفي بعضها لا أفعل فموضوع القصة هو من يجعلك تختار النهاية.
واسمحوا لي أن أضيف واقعة غريبة هنا.. فقد علمت أن الصحيفة التي أعمل بها أجرت استطلاعا ميدانيا عبر مركز بحثي جامعي متخصص لاختيار أفضل كتابها، فقلت في نفسي : لو خيروني ففلان أولا ثم فلان ثانيا ثم فلان ثالثا، وهم كتاب كبار عمالقة في الفكر والقلم والثقافة.. وبعد يومين أو ثلاثة قابلني رئيس تحرير الصحيفة بالأحضان قائلا لي: مبروك . سألته على ماذا؟
=أقول لهم كلمة واحدة “عييييب”!
وليتذكروا تلك المقولة الشعرية الناصحة الواعظة:
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتي/ بأن يدي تفنى ويبقى كتابُها
فإن كتبتْ خيرا ستُجزى بمثله/ وإن كتبتْ شرا عليها حسابُها
=الخاطرة تخرج في اي وقت وعلى أي شكل نثرا كانت أو شعرا ، وعلى سجيتها..
أم الومضة لعلها مرتبطة بالشعر بيتا أو بيتين أو ثلاثة ، وهي تخرج من رحم الظلام ؛ لتنير الطريق سريعا أي “فلاشة ضوء” .
** برأيك أستاذنا هل من الممكن للنشر الالكتروني للأدب ان يحل مكان النشر المطبعي ؟
=نعم وبقوة وهو الآن يسحب البساط ولكن بتؤدة، مع أن للكتاب المطبوع رونقه وحميميته وحضوره في معارض الكتب العربية والدولية لكن الالكتروني يواصل الزحف ويريد أن يكون له قصب السبق، لسهولة الاطلاع عليه في أي وقت وفي أي مكان ولا يحملك مسؤولية حمله وثقله وشحنه ووزنه خاصة في السفر.
=النصوص القديمة والرصينة والخالدة ،حتى يومنا هذا- وما بعد يومنا هذا- كانت خالية من الموسيقى.. فلنجعل موسيقى النص وجرس اللفظ هي المسيطرة والغالبة والجاذبة لنا ولمن يقرأنا أو يسمعنا.
“قلة حيل”!!
**من قوائم الشعر، الوزن والقافية والروي، ولكن هذه لا نراها دائما بأغلب أشعار الوقت الحاضر فهل هذا انتقاص أم اختصاص للشعر الحديث ؟
=بالمعنى الدارج” قلة حيل”!!! من لا يلتزم بقوانين الشعر فليبحث لهً عنً حرفة أخرى.. وقديما تعب الخليل بن أحمد الفراهيدي- صاحب علم العروض- تعب في تعليم أحد تلاميذه الضوابط العروضية، فلما يئس منه قال له فطع هذا البيت عروضيا:
إذا لم تستطع شيئا فدعه/ وجاوزه إلى ما تستطيع.
ففهم الرجل مقصد الخليل فقام تاركا الشعر وبحث له عن علم آخر، والعجيب أنه بز في العلم الآخر وأصبح علما فيه.
**ما هو رأيك بالشعر العامي وهل له ان يخط لنفسة درب الخلود ادبيا؟ والحال نفسه مع الشعر النبطي؟
=سواء كان العامي أو النبطي فهو وسيلة شعرية للتعبير وتوصيل الفكرة لكن عليه الالتزام بضوابط كل منهما وعرفه وطريقة طرحه ..
وان كنت ارى ان البعض يلجأ اليه لصعوبته ارتقاء منبر الفصحى فيستسهل العامي.
ميزان حساس
=مع الوزن قلبا وقالبا و إلا كنت سأفعل مثل ما فعل تلميذ الخليل الفراهيدي في بيت الشعر الذي قصصته عليكم آنفا.
نحن “جواهرجية” الكلم العذب ومن غير المعقول ألا يكون لنا ميزاننا الذي نزن به جواهرنا! هل رأيت بائعا للمجوهرات يخلو دكانه من الميزان، وليس ميزانا عاديا بل “ميزان حساس” ؟!!!
تاج الوقار
الخيانة =بئست الكلمة قولا وفعلا..
** هل الشاعر في عصرنا هذا مقيد أم حر؟
قصائد الأمة العربية
=إليكم روابط نماذج من نصوص قصائدي..
ياقدس
“ياقدس”.. قصيدة جديدة لمحمد خضر الشريف.. تنفرد بنشرها” سويفت نيوز”
رابطها
http://swiftnewz.net/archives/43495
رابطها
وفي النهاية أثنى المشاركون على الأمسية وقدم رئيس مجلس إدارة المنتدى شهادة شكر وتقدير للضيف ممتنا له حضوره وتفرغه وإجابته عن أسئلة المحاور واستفسارات وأسئلة المشاركين.